وسائل الإعلام الاجتماعية تشعل وقود الثقافة الشعبية

ما كان يستغرق انتشاره عدة سنوات أصبح ينتقل الآن في غمضة عين

يروي هذا التسجيل استغلال الجنرال كوني في أوغندا الأطفال خلال الحرب الأهلية في التسعينات وقد شاهده مائة مليون شخص في غضون 6 أشهر
TT

أثبتت أغنية مغني الراب الكوري الجنوبي بيسي، بعنوان «غانغ نام ستايل» أن قران لحن جذاب مع رقصة بلهاء لا تزال وصفة موثوقا بها لغزو ثقافة موسيقى البوب.

وجعلت الأغنية من أمثال الفنان الصيني المنشق آي ويوي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يرقصون على أنغامها هذا العام، ويقفزون بينما يتظاهرون بالسيطرة على زمام حصان خيالي.

ولكنها توضح أيضا كيف أنه في عام 2012، ساهمت التكنولوجيا ووسائل الإعلام الاجتماعية حول العالم في الإسراع من انتشار صرعات الثقافة الشعبية. فما كان يستغرق سنوات لينتشر في جميع أنحاء العالم، ينتقل الآن في غمضة عين بفضل مواقع مثل «فيس بوك» و«تويتر».. وما شابه.

وشوهدت أغنية «غانغ نام ستايل» نحو مليار مرة على مدار ستة أشهر بعدما نشرت على موقع «يوتيوب» في يوليو (تموز) الماضي، الأمر الذي يجعلها أشهر تسجيل مصور على الإنترنت على الإطلاق ولتنتقل بثقافة البوب الكورية، أو ما يسمى «كيه بوب» إلى التيار الرئيسي للموسيقى. كما تصدرت قوائم موقع «آي تيونز» في نحو 20 دولة.

وقال دانيل بوسافاك، رئيس شركة تسويق رقمي أسترالية تدعى «جادين سوشيال» التي تبحث في تأثير وسائل الإعلام الاجتماعية على الأغنية، إن «أهمية وسائل الإعلام الاجتماعية في نجاح أغنية (غانغ نام ستايل) واضح للغاية؛ فقد عمل موقع (يوتيوب) منصة للوصول إلى جمهور عالمي على أهبة الاستعداد، ولكن أدوات (فيس بوك) و(تويتر) كانت حاسمة في تحقيق الانتشار الفيروسي للفيديو».

وكانت هذه الأغنية واحدة فقط من عدة أمثلة هذا العام أثبتت فيها الشبكات الاجتماعية بما لا يدع مجالا للشك أن لديها الآن الثقل لمنح أو منع الشهرة.

وتنوعت الأمثلة المدينة هذا العام بنجاحها إلى التغييرات في الطريقة التي يستهلك بها الناس وسائل الإعلام، ابتداء من رواية تقف على مسافة قريبة من كونها رواية للكبار، إلى تسجيل مصور لحملة جعلت من أحد أباطرة الحرب الأوغنديين اسما مألوفا.

وقد لعبت الشبكات الاجتماعية «دورا كبيرا نسبيا» في انتشار حمى رواية «فيفتي شيدز أوف جراي» بين القراء وفقا لتقرير لشركة أبحاث سوق النشر «بويكر».

وجرى الكتابة لأول مرة عن رواية «اي إل جيمس» المتحررة على موقع إلكتروني لمعجبي سلسلة أفلام «توايلايت» أو «الشفق» وتم طرح الرواية على هيئة كتاب إلكتروني عام 2011. وانتشرت الرواية هذا العام لتصبح أسرع الروايات مبيعا في بريطانيا على الإطلاق. وعند جمع ناتج مبيعات الكتاب الورقي والإلكتروني فإنها ستصبح أيضا الرواية الأكثر مبيعا في البلاد على الإطلاق وقفا لشركة تتبع هذه الصناعة (نيلسين بوك سكان).

وخلصت شركة «بويكر» إلى أن واحدا من بين كل ستة مشترين بريطانيين قد تنبهوا إلى الرواية عن طريق وسائل الإعلام الاجتماعية، حيث إن قراءها مستخدمون لـ«فيس بوك» و«تويتر» بمعدل «أعلى من المتوسط». وكانت النتائج مماثلة في الولايات المتحدة، حيث أشارت الشركة إلى أن القراء كانوا «على الأرجح بصفة خاصة» يستخدمون أدوات القراءة الإلكترونية المحمولة التي تسمح لهم بإخفاء السر البذيء الصغير بعيدا عن أعين الملايين من ركاب مترو الأنفاق وكذلك فعلت الأمهات في المتنزهات اللائي كن سيخاطرن بالتعرض للإحراج إذا ما ظهر بحوزتهن غلاف النسخة الورقية. وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية في تقرير لها أن صراعا قديما وغامضا استرعى انتباه العالم في مارس (آذار) الماضي، عندما شوهد تسجيل مصور لجوزيف كوني، يوضح ما اعتادت جماعة «جيش الرب للمقاومة» المتمردة ممارسته لنحو ربع قرن الآن بتحويل الأطفال في أفريقيا الوسطى إلى جنود وعبيد للجنس، أكثر من 70 مليون مرة في الأسبوع الأول من نشره على الإنترنت وجمع 5 ملايين دولار في غضون 48 ساعة من وضعه على الشبكة العنكبوتية.

وأثار الموضوع قدرا كبيرا من الثناء والنقد في الوقت ذاته، فقد تسبب الانتشار الفيروسي للتسجيل المصور الذي اشتهر باسم «كوني 2012»، في هيمنة القضية في بادئ الأمر على «فيس بوك» ثم دفعت مجلس الأمن الدولي ووزارة الخارجية الأميركية إلى النظر في خطط اعتقال جوزيف كوني.

ونسب لمنظمة «أطفال غير مرئيين» التي تتخذ من مدينة سان دييغو مقرا لها، الفضل في إنشاء تسجيل مصور ماهر جعل من المعاناة الإنسانية والاضطرابات الجيوسياسية في وسط أفريقيا تبدو قابلة للحل. ولكن ردة الفعل كانت سريعة وحادة، بينما قال النقاد إن التسجيل المصور كان مبالغا في تبسيط القضية وشككوا في أساليب وإدارة المنظمة. وفى النهاية، تبين أنه من الممكن أن يصبح رموز ثقافة البوب الذين يبدون أنهم يمتلكون قوة لا نهائية، مهددين.

فقد ثبت عن طريق تقارير صادرة من الولايات المتحدة أن شركة «هوستيس» التي تنتج منذ 85 عاما كعكة «توينكي» المليئة بالكريمة، ويعشقها الأطفال ويلعنها النهمون، أعلنت إفلاسها وأوقفت أعمالها.

وتسببت تلك الأخبار في إثارة حالة ذعر في أوساط المستهلكين الذي أصبحوا قلقين من أن تصبح هذه الكعكة الخفيفة تاريخا. ولكن حتى هذا الاتجاه في العالم الحقيقي كان له مقابله على الإنترنت عن طريق حملات نشطة على «فيس بوك» للدعوة من أجل بقائها. ومع ذلك، فإن مصير الوجبة السريعة لا يزال غير واضح، مما يعني أنه قد يتم تذكر عام 2012 على أنه «عام توينكي» مع تميمة الحظ الخاصة بها وهي على هيئة صبي متمثل في هيئة رجل الغرب الأميركي «كاوبوي» يمضي على متن حصانه باتجاه الغروب متبعا أسلوب ركض «غانغ نام».