الموسيقار الفرنسي جان ميشيل جار ينفي هروبه الضريبي إلى لندن

جدل في باريس بعد زيارته لمقر رئيس الوزراء البريطاني

الموسيقار الفرنسي جان ميشيل جار (أ.ف.ب)
TT

نفى الموسيقار الفرنسي جان ميشيل جار أن يكون التهرب من الضرائب هو ما يدفعه لنقل إقامته من باريس إلى لندن، مؤكدا، في بيان أصدره أمس، أن السبب هو اهتمامه بمشروع «تيك سيتي» البريطاني لتطوير الصناعات الإلكترونية. وكشف جار عن اتصالات جارية منذ أشهر، مع مكتب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، لتحويل مقر شركته إلى العاصمة البريطانية، الأمر الذي لقي ترحيبا من لندن. ويملك الموسيقي الفرنسي - الذي اشتهر بتنظيم عروض موسيقية متطورة للصوت والضوء في الأماكن السياحية والتاريخية العالمية - شركة متخصصة في صناعة مكبرات صوت للألواح الذكية. وكان قد نظم حفلات في الصحراء المغربية وأخرى عند سفح الهرم.

وجاء النفي بعد أن كشف المتحدث باسم مكتب كاميرون عن زيارة قام بها جار إلى مقر رئاسة الوزارة في داوننغ ستريت، برفقة أحد مسؤولي «تيك سيتي»، وهو مدينة للعلوم متخصصة في التطوير التقني تتخذ من شرق لندن مقرا لها، ويسعى عدد كبير من الشركات العالمية للمساهمة فيها، لا سيما بعد إعلان كاميرون عن استثمار 50 مليون جنيه إسترليني في المدينة. لكن جار أوضح، من جهته، أنه التقى مسؤولي المشروع بشكل غير رسمي، قبل أشهر، ملمحا إلى إمكانية التعاون معهم من خلال شركته الجديدة «جار تكنولوجي» التي يسعى من خلالها لإقامة أكاديمية للموسيقى الإلكترونية بقيادته. وأضاف البيان الصادر عن الموسيقار أن علاقات شخصية ومهنية ربطته، دائما، مع إنجلترا، خارج أي إطار يتعلق بأي إجراء سياسي فرنسي.

وأثار خبر الاتصالات الجارية بين جار ورئاسة الوزارة البريطانية اهتماما خاصا في باري، لأنه جاء متزامنا مع هجرة عدد من الفنانين ورجال الأعمال الفرنسيين إلى دول مجاورة، احتجاجا على قانون تعمل عليه الحكومة الاشتراكية في باريس ويرفع نسبة الضريبة على الدخل إلى 75 في المائة عما يزيد على مليون يورو من العائدات السنوية. وقد تولى مجلس الدولة تجميد القانون، لأسباب فنية، مؤخرا. أما بريطانيا الساعية لأن تجعل من لندن مقصدا لرجال الأعمال، فقد خفضت إلى النصف الضريبة على أول 100 ألف جنيه تستثمر فيها.

وكان رجل الأعمال برنار آرنو، أثرى رجل في فرنسا، أول من أثار استهجان طائفة واسعة من مواطنيه بعد الكشف عن طلب تقدم به إلى السلطات البلجيكية للحصول على إقامة في بلدة تقع على الحدود مع فرنسا. ورغم نفي آرنو بأن يكون التهرب من الضرائب الباهظة هو سبب رغبته في مغادرة موطنه، فقد فتحت القضية باب السجال حول مفهوم المواطنة ومعنى التضامن بين الأغنياء والفقراء في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها معظم الفرنسيين. وأوضحت مسؤولة عن ملفات الهجرة في بلجيكا، في وقت لاحق، أن طلب الثري الفرنسي سيأخذ دوره في الدرس، حاله حال آلاف الطلبات المماثلة، وهي لن ترد عليه إيجابيا إذا ثبت لها أن رغبته في الإقامة في بلجيكا تعود لأسباب مالية. كما تسربت أخبار عن رفض السلطات منح الثري الكبير جنسية بلجيكية نظرا لأن التجنيس يقوم على علاقات عاطفية وثقافية وعائلية بين صاحب الطلب وبين البلد الراغب في الانتماء اليه.

وسبق لبلجيكا أن رفضت طلبا تقدم به المغني جوني هاليداي للحصول على جنسيتها، رغم أن والده كان من أصل بلجيكي. ثم جاء خبر استعداد النجم السينمائي جيرار ديبارديو لبيع شقته الفخمة في باريس تمهيدا للانتقال للعيش في بلجيكا، ليثير جدلا ما زال مستمرا مند شهر. وفي حين رحب مسؤولون محليون بلجيكيون بقدوم الفنان إليهم، فإن رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك أيرولت اعتبرها خطوة «يرثى لها»، الأمر الذي حمل ديبارديو على توجيه رسالة مفتوحة، عبر صحيفة «الجورنال دو ديمانش» واسعة الانتشار، أعلن فيها تخليه عن جنسيته الفرنسية بسبب ما اعتبره سبًا شخصيًا له.

خاطب الممثل رئيس الوزراء قائلا: «نحن لم نعد ننتمي إلى البلد نفسه لأنني أوروبي حقيقي ومواطن عالمي، كما رباني أبي دائما، ثم من أنت لتحاكمني بهذا الشكل وتصفني بالرثاثة؟». وكشف ديبارديو أنه دفع للضرائب ما مجموعه 145 مليون يورو خلال 45 عاما من العمل معالجا ثم ممثلا سينمائيا ومسرحيا وصاحب مزرعة للأعناب. كما حرص على التأكيد بأنه دفع 85 في المائة من دخله للضرائب عن العام الماضي.

وسرعان ما انقسم الفنانون والسياسيون ما بين مؤيد للنجم الذي يتصدر المشهد السينمائي في فرنسا، وبين معارض لموقفه. واستند المؤيدون على أن كثيرين من الأثرياء، كرجال الأعمال وكبار الرياضيين والفنانين، تركوا البلد دون أن يتطوع رئيس الوزراء أو غيره لمهاجمتهم. وطرح نائب اشتراكي مقترحا لقانون يقضي بإسقاط الجنسية عن الفرنسيين الأثرياء الذين يهجرون بلدهم للتهرب من دفع الضرائب، غير أن الاقتراح لم يلق أي تجاوب يذكر. وفي حين أيد فنانون وممثلون زميلهم ديبارديو فإن النجمة الكبيرة جان مورو رأت أن من غير المناسب له مغادرة البلد لأنه يملك كثيرا ويستطيع أن يسدد الضرائب المستحقة عليه. وأعادت مورو إلى الأذهان عبارة للكاتب فيكتور هوغو يقول فيها «لم أشاهد خزانة نقود تسير في جنازة صاحبها».