«بي بي سي» العربية تحتفل بمرور 75 عاما على إطلاقها

رئيس تحرير الإذاعة العربية: أصبح هناك منافسون أقوياء ولكننا ما زلنا نعول على المصداقية والاستقلالية

من داخل غرفة التحكم بتليفزيون بي بي سي عربي (الصور من موقع البي بي سي العربية) والممطربة اللبنانية فيروز خلال مقابلة لها على البي ب يسي عربية عام 1961 وكانت نشرات الأخبار توزع على المذيعين عبر أنانيب الضغط، الصورة تعود لعام 1962 ومقر البي بي سي الجديد
TT

احتفلت أمس محطة «بي بي سي» العربية بمرور 75 عاما على إطلاقها، صادقت في بداياتها أذن المستمع العربي ونقلت لها أخبار العالم على موجات الأثير مصحوبة بدقات ساعة «بيغ بن» الشهيرة وعبر الأعوام ومع دخول وسائط إعلامية مختلفة اتسعت رقعة نشاطاتها لتخاطب الجماهير في العالم العربي عبر الراديو والتلفزيون والإنترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي.

اليوم تواصل المحطة بثها وسط منافسة قوية مع وسائل إعلامية عربية أثبتت وجودها، متسلحة بدليل هيئة الإذاعة البريطانية الأم وسمعة عالمية. عادل سليمان، رئيس تحرير إذاعة «بي بي سي» العربية تحدث لـ«الشرق الأوسط» حول مسيرة المحطة وأهم التحديات التي تواجهها.

يقول تعليقا على سؤال عما يعتبره أهم حدث في تاريخ المحطة إن «أهم شيء قد يكون في توسع نطاق عملنا من مجرد إذاعة تبث عبر الأثير، فتوسعت وسائل الاتصال مع جماهيرنا ومستمعينا بعد الدخول إلى مجالات الوسائط المتعددة (الملتيميديا) من الموقع الإلكتروني، والتلفزيون وخدمات الإنترنت والهواتف الذكية، وإن كنت أعتقد أن التلفزيون مهم جدا لنا بشكل خاص في منطقتنا العربية».

واقع المنطقة العربية المتغير جلب معه تحديات أكبر للمحطة فبعد أن احتلت مكانا متميزا لدى الجمهور العربي لكونها وسيلة بث أنباء عالمية تمتاز بالحياد والمصداقية وسط منافسة ضئيلة جدا، تجد نفسها الآن في خضم وسط إعلامي ضخم مما وسع مجال المنافسة. يقول سليمان إن «الواقع تغير تماما عما كان عندما كنا محطة إذاعية فقط، المنطقة لدينا تغيرت تماما وأصبح هناك منافسون أقوياء ولكننا ما زلنا نعول على مصداقيتنا وعلى سلعتنا الرائجة وهي الاستقلالية ومعاييرنا في التحرير الصحافي التي أعتقد أنها حتى الآن هي وسيلتنا في المنافسة والوصول لجمهورنا خاصة مع التطورات الأخيرة في العالم العربي التي تجعل ما نقدمه من تغطية مطلوبا من المشاهد. وفي ظل انقسام العالم العربي في كل قضاياه تقريبا من المهم جدا أن يكون هناك مصدر يتم الوثوق فيه ويكون مستقلا ونزيها وملتزما بمبادئ التحرير التي نشأت عليها (بي بي سي) بشكل عام».

التغير في الواقع العربي أيضا صاحبه تغير إعلامي ضخم فالتلفزيون والإنترنت أصبحا مصادر قوية للأخبار طغت في أحيان كثيرة على محطات الراديو وربما وضعتها في قائمة الخيارات المتاحة. هذا رأي لا يسانده سليمان بقوة حيث يقول: «تغيرت العادات فعلا ودخلت أجيال جديدة من المستمعين، وفي رأيي ما زال الراديو وسيلة مهمة جدا لتلقي المعلومة والخبر والاتصال بالتطورات العالمية». ويضيف أن المحطة عمدت إلى تطوير عمل محطة الراديو لتواكب عادات الجمهور، «فلم نقف مكاننا، فخدمة الراديو مثلا كانت متوفرة على الموجة المتوسطة والموجات القصيرة وقليل من موجة (إف إم)، في السنوات العشر الأخيرة توسعنا في محطات على موجة (إف إم) وتوسعنا في مفهوم الشراكة مع إذاعات محلية وأصبحت خدمة الراديو متاحة عبر الإنترنت 24 ساعة وأيضا عبر الأقمار الصناعية ومؤخرا أصبحنا متاحين على الهواتف الذكية». الراديو كما يؤكد سليمان ما زال له مكانة في المنطقة العربية، حيث إن «منطقتنا تجعل للراديو مكانة خاصة، فليس كل الناس لديها إمكانية الحصول على المعلومات عبر الإنترنت والتلفزيون أو وسائل الاتصال الحديثة، فما زال الراديو التقليدي مصدرا مهما للأخبار». ويضرب المثل برسالة وصلت إليه من مستمع من ليبيا يقول إنه أثناء أحداث الثورة الليبية كان يضع في الشارع مكبرات صوت متصلة بالراديو في منزله، متيحا لجيرانه الاستماع للأخبار.

وبعيدا عن الراديو، تدخل محطة تلفزيون «بي بي سي» العربية التي أطلقت في عام 2008 منافسة قوية مع قنوات إخبارية عربية لها جمهور ووجود واضح على الساحة، ويعلق سليمان على ذلك قائلا: «عندما ننظر على السوق الإعلامية لا نغفل بالقطع مسألة التنافس ولكننا نحرص على تقديم خدمة إخبارية مطلوبة من الجمهور وخاصة في وقت الأزمات التي يمر بها العالم العربي حاليا. أعتقد أننا نجحنا في أن نكون موجودين في سوق التلفزيون لدى مشاهد يستقي المعلومة ويسمع آراء متعددة حولها، وسياستنا التحريرية هي المعول الأساسي لضمان منافسة قوية ولضمان خدمة يكون لها صدى لدى المشاهد».

وردا على تفاعل الجماهير مع وسائل البث المختلفة التي تقدمها المحطة يقول: «حدثت طفرة في مشاهدة التلفزيون في العامين الأخيرين وصلت إلى 12 مليون مشاهد، وهذا كان رقما كبيرا في فترة قصيرة ولكن كون المحتوى الإخباري لدينا متاحا عبر وسائل متعددة يجعلنا موجودين لخدمة أكبر قدر من الجمهور، فالتلفزيون وسيلة مفيدة للمشاهدة في منطقتنا وهي الأولى لتتبع الأخبار ولديه مساحة كبيرة للتطور وكذلك الموقع الإلكتروني لديه مجال أكبر لجذب مستخدمين مختلفين».