شاب مصري يقهر الأمية ويتطوع لمحوها بقريته ويطمح لـ «الدكتوراه»

يفخر بقصة نجاحه وخروجه من ظلام الجهل إلى نور العلم والمعرفة

إسماعيل بين المتطوعين في مشروع «العلم قوة» لمحو الأمية بمصر («الشرق الأوسط»)
TT

«كان حلما فخاطرا فاحتمالا.. ثم أضحى حقيقة لا خيالا»، ينطبق هذا البيت من الشعر على قصة المصري إسماعيل محمد إسماعيل، الشاب الأمي الذي حلم بأن يكون متعلما وله دوره في مجتمعه، وبالإرادة والعزيمة استطاع أن يحول حلمه إلى حقيقة.

يروي إسماعيل (33 سنة) الذي ينتمي إلى قرية العامرية بالإسكندرية، قصة خروجه من ظلام الجهل إلى نور العلم، فيقول: «خرجت من المدرسة وأنا صغير نظرا لبعد المدرسة عن القرية التي كنت أقطن فيها، وعندما وصل عمري 18 عاما عملت في مركز للبحوث الزراعية، كنت وقتها أنظر لمن حولي وأسأل نفسي لماذا لا أكون متعلما مثلهم؟، ولماذا لا أحسن من وضعي وظروفي؟، لأتخذ بعد تفكير بسيط قرارا بأن أتعلم، حيث التحقت بفصول محو الأمية».

حصل إسماعيل على شهادة محو الأمية بعد ستة أشهر من التحاقه بالفصل، وأصبح يجيد القراءة والكتابة، ولكنه لم يتوقف عند هذه المرحلة، فيقول: «يوم تسلم شهادة محو الأمية، سألت هل يمكن أن أكمل تعليمي وأحصل على شهادة أكبر، وعلمت أن شهادة محو الأمية تعادل الشهادة الابتدائية، وأنه بإمكاني الالتحاق بفصول مرحلة الإعدادي (المتوسط)، فكنت أعمل في الصباح وأذهب ليلا إلى المدرسة، وأنهيت هذه المرحلة وحصلت على شهادتها، وكنت بعد كل مرحلة أشعر بأنني أريد أن أتزود أكثر من التعليم، وأن طموحي التعليمي لا حدود له، فالتحقت بالمدرسة الثانوية التجارية».

مع سن الثلاثين حصل إسماعيل على شهادة دبلوم التجارة (شهادة متوسطة)، وعلى الرغم من زواجه وإنجابه لطفلين، إلا أنه قرر دخول الجامعة، ويدرس حاليا في الفرقة الثانية بكلية التجارة بالجامعة المفتوحة بالإسكندرية. يشير إسماعيل: «أرغب في الحصول على الماجستير والدكتوراه بعد حصولي على الشهادة الجامعية، لأنني أحب التعليم، وأشعر بتطور كبير في شخصيتي وطريقة تفكيري وحياتي كلها بعد كل مرحلة تعليمية جديدة أجتازها».

حب إسماعيل للتعليم واقتناعه بأهميته، وشعوره بالفرق الذي أحدثه التعليم في حياته، جعله يحمل هم قضية التعليم في مصر على عاتقه، ومحاولة المساهمة في حلها، فقرر أن يساعد غيره في محو أميتهم، لينعموا بفوائد التعليم، لذا تطوع في مشروع «العلم قوة» لمحو الأمية التابع لمؤسسة صناع الحياة في مصر، والذي يهدف إلى محو أمية 120 ألف أمي خلال عام.

وعن تجربته معلم محو أمية يروي: «سمعت عن مشروع (العلم قوة) وقررت أن أتطوع فيه، لأن العلم رسالة، فالإنسان يجب أن يتعلم ويعلم غيره، وكما استفدت من التعليم وطورت حياتي للأحسن، يجب علي أن أفيد غيري وأساعدهم في تحسين حياتهم، لأنني أكثر شخص يمكن أن يشعر بمعاناة الأمي، وأعلم جيدا أنه في أغلب الأحوال لم يختَر الأمي أن يكون كذلك، وإنما فرضت عليه ظروفه الاجتماعية والاقتصادية هذا الوضع، ومنعته من حقه في التعليم، ولأنه حان الوقت لمنحه هذا الحق تطوعت للعمل مدرسا لأربعة فصول في قريتي بالإسكندرية».

ويضيف: «في سبيل ذلك نزلت حملات لجذب الأميين في قريتي محاولا إقناعهم بأهمية التعليم، والفائدة التي ستعود عليهم، خاصة أن مدة الدراسة في فصول (العلم قوة) ستة أشهر فقط، وفي المواعيد التي تناسب ظروفهم، وبعدها سيجيدون القراءة والكتابة، والحمد لله في خلال عام استطعت أن أمحو أمية 72 شخصا من أهل قريتي».

لا يخجل إسماعيل من كونه كان أميا في يوم من الأيام، فعلى العكس هو فخور بقصة نجاحه، ويحكيها لزملائه في الجامعة المفتوحة، لإقناعهم بالتطوع في مشروع محو الأمية، ويقول: «أتحدث عن قصتي مع زملائي، لأشجعهم على التطوع من أجل محاربة الأمية، فإذا قام كل شخص متعلم بتعليم 10 أميين، سنقضي على الأمية وستتقدم مصر، لأن الأمي إذا وجد من يمد له يد العون، سيصبح شخصا مختلفا مفيدا لمجتمعه، فالأمية آفة من الآفات التي تقف أمام نهضة بلادنا، ويجب أن نتكاتف جميعا لمحاربتها».

ولأن التعليم أصبح قضية حياتية لدى إسماعيل، لذا فهو يشغل أيضا منصب عضو مجلس الأمناء في مدرسته أبنائه، وهو منصب تطوعي أيضا، يقول عنه: «مجلس الأمناء عبارة عن مجلس يتكون من أولياء الأمور، ودوره مساعدة مدير المدرسة في إدارة شؤون المدرسة، وتوفير أي أدوات ناقصة قد تؤثر على العملية التعليمية، ونعمل أيضا على حل مشاكل التلاميذ الاجتماعية والاقتصادية لمنعهم من التسرب من التعليم، فأنا لا أريد أن يحرم أي طفل من التعليم، وسأعمل بكل ما أوتيت من قوة من أجل ذلك».