متاحف تاريخية عن الشرطة المصرية لإعادة ثقة المواطنين بها

تلقي الضوء على جوانب مهمة من التاريخ الوطني لها

نموذجان لعربة الإطفاء في ثوبها القديم («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي يجري فيه الإعداد لإحياء الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، والتي كانت ممارسات الشرطة إبان النظام السابق أحد الأسباب المهمة في قيامها، تعيد وزارة الآثار المصرية إلى واجهة المشهد دور الشرطة في ضبط الأمن، خاصة بعدما اضطرب هذا الدور إبان أحداث الثورة، وعانت البلاد من الانفلات الأمني، مما تسبب في اتساع هوة عدم الثقة بين المواطنين والشرطة.

وتسعى وزارة الآثار لإعداد عدة متاحف تتعلق بالطبيعة الأمنية، تلقي الضوء على جوانب مهمة من التاريخ الوطني لرجال الشرطة في الدفاع عن مصالح الوطن والشعب. ويجري الاستعداد لافتتاحها قبل نهاية يناير (كانون الثاني) الجاري في قلعة صلاح الدين بالقاهرة.

وتضم هذه المتاحف متحف الشرطة والمركبات الملكية والتي اشتركت في حفر قناة السويس، بالإضافة إلى متحف للمطافئ، وآخر للسجون، فيما تفقد الدكتور محمد إبراهيم وزير الآثار هذه المشاريع أمس. معلنا إتاحتها لجمهور الزائرين للقلعة، بعد افتتاحها في احتفالية ثقافية كبيرة قبل نهاية الشهر الجاري.

وقال إبراهيم في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المتاحف كانت قائمة بالأساس، غير أنه لم يتم افتتاحها أو زيارتها من قبل مثل متحف المركبات الملكية الذي أقيم بمنقطة القلعة منذ عام 1983، وأن «هذه المتاحف تم صيانتها في وقت قياسي، لم يتجاوز شهرين على الأكثر، فضلا عن أن عملية ترميمها تمت بأيد مصرية، وبالجهود الذاتية للوزارة».

وأبدى إبراهيم في تصريحاته رغبته في أن تكون المتاحف الجديدة متواكبة مع الثقافة الشرطة الجديدة في التعامل مع المصريين، «وفي إطار الرغبة في توسيع دائرة المواقع الأثرية حفاظا عليها من ناحية، وتهيئتها للزيارة الداخلية والعربية والأجنبية من ناحية أخرى».

وخلال جولته، أعلن إبراهيم أن أعمال التطوير والترميم لمتحفي الشرطة والمركبات الملكية تضمنت صيانة الجدران والأرضيات وإضافة كاميرات للمراقبة داخل وخارج المتحفين، بجانب تزويدهما بأجهزة إنذار ضد الحرائق وإضاءة حديثة داخلية وخارجية تناسب طبيعة الموقعين التاريخين، اللذين يضمان مقتنيات أثرية هامة.

وعلى الرغم من إنشاء متحف المركبات في عام 1983، فإنه لم يتم إتاحتها للزيارة سوى لوقت قصير للغاية، حيث جرى إغلاقه لتظل مركباته الملكية خارج إطار المشاهدة من جانب الزائرين لقلعة صلاح الدين، إلى أن جاء مشروع ترميمها لانتشالها مما كانت فيه من معاناة بفعل الزمن، وجرى صيانتها، لتصبح متاحة لزائريها.

وفي زيارة لـ«الشرق الأوسط» للمتحف يبدو المتحف عبارة عن قاعة واحدة يعرض بها ثماني عربات ملكية شاركت في مناسبات رسمية في مصر إبان حكم أسرة محمد علي، على رأسها الافتتاح الرسمي لقناة السويس، بالإضافة إلى لوحة جدارية كبيرة ضمت جميع المركبات الملكية التي يضمها المتحف، منسوبة لأحد الرسامين الفرنسيين.

ومن أهم هذه العربات، تلك التي استقلتها إمبراطورة فرنسا أوجيني عند زيارتها لمصر للمشاركة في حفل افتتاح قناة السويس في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 1869 وأخرى اشتركت في حفل افتتاح أول برلمان مصري عام 1924.

ومن بين المشاريع التي سيجري افتتاحها بالقلعة، متحف الشرطة، والذي سبق افتتاحه عام 1986، غير أنه سرعان ما تم إغلاقه أيضا، قبل نهاية حقبة التسعينات، ويضم مقتنيات تهدف إلى إبراز تاريخ الشرطة منذ أقدم العصور وحتى التاريخ الحديث.

ويبدأ المتحف مما يعرف ببوابة العلم في قلعة صلاح الدين، والتي يقع إلى اليمن منها سجن القلعة، والجاري صيانته أيضا، وإلى اليسار الجناح الثاني للسجن، ومنه إلى الحديقة المتحفية.

ويضم المتحف مجموعة من القاعات خصصت جميعها لعرض تاريخ الشرطة، منها قاعة الشرطة في مصر القديمة والتي تتضمن أسلحة (سهام - دروع - أقواس - بلط وخلافة) بالإضافة إلى لوحات جصية تلقي الضوء على نشاط الشرطة في مصر القديمة.

وخصصت القاعة الثانية لتاريخ الشرطة في مصر الإسلامية حيث تعرض أسلحة من عصور مختلفة ورنوك عليها شعارات الشرطة، كما يضم المتحف نماذج مجسمة تمثل كفاح الشرطة ضد الاستعمار في معركة 25 يناير بالإسماعيلية وأخرى لعرض الأسلحة الحديثة وأنشطة الشرطة.

وفي متحف المطافئ يجرى الترميم على قدم وساق للانتهاء من صيانة مقتنياته، والتي تشمل أقدم عربات الإطفاء التي استخدمت في مصر في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

ويضم المتحف أربع عربات للإطفاء ترجع إلى عصور تاريخية متتالية من العصر العثماني الذي كان يستخدم عربات المطافئ ذات المضخة الكابسة ثم عصر محمد علي الذي كان يستخدم فيه عربة الإطفاء بالبخار، ثم العصر الحديث باستخدام «الموتور»، كما يضم متحف المطافئ أقدم وأول عربة إطفاء في التاريخ.

يشار إلى أن القائد صلاح الدين الأيوبي شرع في تشييد قلعته فوق جبل المقطم في موضع كان يعرف بقبة الهواء. ولكنه لم يتمها في حياته. وأتمها من بعده السلطان الكامل بن العادل. فكان أول من سكنها هو السلطان الكامل واتخذها دارا للملك. واستمرت كذلك حتى عهد محمد علي. وأيضا يشار إلى أن صلاح الدين هدم بعض الأهرامات الصغيرة في الجيزة، واستعمل أحجارها في بناء القلعة وسور القاهرة، واستخدم أسرى الفرنجة في بنائها وبدأ في تشييدها عام 572 هجريا 1176 ميلاديا، ثم توقف العمل إلى أن استؤنف سنة 614 هجريا في عهد الملك الكامل الذي أكمل بناءها.