عودة الرمادي والأزرق والألمنيوم إلى الديكورات الداخلية في معرض الأثاث في كولون

طباخات ذكية تعمل بالحث.. ومقاعد ومناضد من الحصى المطحون

ثريات على شكل قبعات ومناضد ملونة شفافة من شركة «كلاسيكون» وورق حائط مرصع بالجواهر (أ.ف.ب)
TT

تبدو قطع الأثاث الحديثة، في المعرض الدولي للأثاث في كولون، وكأنها نزعت زواياها وحافاتها الحادة لتحل محلها الحافات الدائرية والتصاميم المكورة. إذ كان «التكوير» و«التدوير» من أهم نزعات المعرض لعام 2013. وعبر ماركوس ماريوس، من إدارة المعرض، عن هذه النزعة أحسن تعبير حينما قال إن التكوير والتدوير يضفيان على قطع الأثاث جوا أكثر حميمية، وأكثر دفئا و«أنثوية».

وأضاف ماريوس، في حديث مع «الشرق الأوسط» حول معرض الأثاث الدولي (2013) 14 - 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، أن المنحى لتحويل البيت إلى عش جميل من أهم توجهات تصاميم قطع الأثاث حاليا.

ويطلق المختصون على هذه النزعة تعبير «كوكوونغ (Cocooning)»، بمعنى العيش داخل عش من الحرير كما تعيش العذراء داخل شرنقتها. ويطلق عليها أيضا اسم «هومينغ (Homing)» بمعنى أن يتحول الإنسان، بفعل بيته المريح والوثير، إلى حمامة زاجلة تعود دائما إلى البيت حال انتهاء واجباتها.

أورسولا غايزمان، من اتحاد منتجي الأثاث الألمان، قالت إن الزوايا المكورة، والحافات المدورة، أفضل من الزوايا والحافات الحادة؛ لأنها تشعر الإنسان بحميمية أكبر. كما أنها تتماشى مع ظاهرة التكور في جميع الصناعات الأخرى، ابتداء بصناعة الطائرات، وانتهاء بصناعة السيارات. فالدوائر والمكورات من مظاهر عصر التقنية المتقدمة، والصناعة الفضائية. نرى أيضا وجود عودة إلى موضة الحافات المدورة والمقوسة التي تعود إلى الستينات والسبعينات من القرن العشرين.

تشارك أكثر من 1250 شركة عالمية لصنع الأثاث، من 50 دولة، في معرض هذا العام. واحتلت المعروضات جميع قاعات المعرض على مساحة 200 ألف متر مربع. وينتظر أن يجتذب المعرض أكثر من 300 ألف زائر ومختص وصحافي خلال أيامه الستة.

وبعد سنوات الركود الماضية، التي ميزت سوق الأثاث في المعرضين السابقين، يبدو أن قطاع الأثاث يسترد عافيته على الرغم من الأزمة الاقتصادية. وعبر جيرالد بوزه، رئيس المعرض، في حفل الافتتاح، عن تفاؤله بعام 2013، وعزى ذلك إلى الكثير من النزعات التي توثق علاقة الإنسان ببيئته، وبقطع أثاثه. وأشار إلى أن الألماني يخصص 350 يورو سنويا كمعدل لشراء قطع الأثاث، وهذا يعني أن قطاع إنتاج الأثاث قد تجاوز أزمته.

احتلت أجنحة «مطابخ المعيشة» عدة قاعات كبيرة من المعرض هذا العام، واجتذبت غالبية الزوار. فمطابخ اليوم تعمل بأجهزة ذكية هدفها بث الراحة في حياة الإنسان بعد يوم عمل متعب. فالثلاجة تخبر صاحب البيت عن النقص في المخضرات أو اللحم. وفضلا عن التلفزيون المدمج في باب الثلاجة، فهناك كاميرا مدمجة في الداخل تراقب حالة المواد وتخبر عن النقص فيها. الطباخات تقدر حجم الطنجرة وتقرر درجة الحرارة اللازمة لطهي مختلف المحتويات. والفرن يمكن أن يتحول بلمسة زر إلى غسالة صحون اختصارا للمكان.

وتواصلت في هذه المعرض نزعة الدمج بين غرفة المعيشة والمطبخ. وطبيعي فإن هذا التوجه فرض أيضا استخدام تقنيات جديدة لتقليل الضجيج الصادر عن ساحبات الهواء، وتحسين كفاءته في التقاط الأبخرة والروائح والدهون المنطلقة عن الطهي. بل إن ساحبة الهواء صارت على جنب الطباخ كي تسحب الأبخرة قبل أن ترتفع إلى الأعلى وتلوث المطبخ والجو بالدهون. بطاريات الماء أصبحت أخفت صوتا، وأقل استهلاكا للماء، ولا تطرطش الماء عند فتحها بقوة. وعموما فقد حرصت الشركات على استعراض الأجهزة البيئية التي تقلل استهلاك الكهرباء، والتفنن في إخفائها عن عيون الزائرين.

وتمكن الإشارة إلى نوعين من تقنية صناعة ألواح الطباخات الحديثة التي تعمل بذكاء مع الطاهي كي تطبخ الطعام على أفضل وجه. فالطباخات الحديثة تتعرف على الطنجرة وتقرر درجة الحرارة اللازمة. فقدمت شركة «سيمنز» المعروفة طباخات تعمل بالحث (Induction) حسب نظام «نيف» الخاص بها. والطباخ هنا يقيس مساحة قاعدة الطنجرة ويشعل القوة الكهربائية حسب هذه المساحة بالضبط، ويوقف عملية الطهو حينما تتوصل المجسات الإلكترونية إلى أن الطعام قد جهز. ويمكن للإنسان أن يزيح الطنجرة من مكانها على لوح الطبخ إلى مكان آخر، فينطفئ مكان الطنجرة الأول وتشتعل القوة الكهربائية، وبنفس القوة، تحت الطنجرة في المكان الجديد بالضبط.

وعرضت شركة «بوش» طباخا مماثلا يعمل بالحث أيضا وبنظام خاص بها اسمته «برات سينسور+». هنا يتعرف الطباخ على الطنجرة أينما وضعت، ويشعل الحرارة تحتها حسب المحتويات (لحم أو خضراوات كمثل). وحينما يضيف الإنسان إلى الطنجرة شيئا مجمدا يقيس الطباخ الحرارة المطلوبة ويرفع درجة التسخين بما يضمن عملية الطبخ بشكل متساو على محتويات الطنجرة.

شركة «ميلة» الألمانية، وقلدتها الكثير من الشركات الأخرى، زودت الثلاجة والميكروويف بكومبيوتر صغير ذي شاشة متوسطة الحجم. والجهاز يعمل بشاشة لمس منفذا مختلف الأوامر. وتماشيا مع موضة «آي فون» أصبحت هذه الأجهزة الصغيرة أشبه ما تكون بشاشة جهاز «آي فون» ذكي.

ارتفاع دواليب المطبخ والطباخ، وكذلك حوض غسل الصحون عن الأرض، قد يصبح مشكلة بالنسبة لطوال أو قصار القامة. ولهذا فقد صممت شركة «جيجناو» الألمانية، المتخصصة في المطابخ، دواليب يمكن أن ترتفع وتهبط حسب قامة المستخدم، وذلك بلمسة زر فقط.

وهذا ليس كل الجديد في معرض المطابخ، فقد وصلت نزعة «الجوال» إلى المطابخ، بعد أن كانت قد وصلت إلى قطع الأثاث الصغيرة والمتعددة الوظائف مثل المقاعد والمناضد. وعرضت شركة «النو» الألمانية مطابخ مصنوعة بشكل «كتل» يمكن التلاعب بترتيبها لتغيير الديكور دائما، كما أنها مثبتة على عجلات تتيح تحريكها إلى مكان آخر في المطبخ، أو إلى الصالة، كمثل.

وبعد سيادة الأبيض على قطع الأثاث، والديكور الداخلي لعدة معارض سابقة، جاء الآن دور الرمادي والأزرق كي يفرضا درجاتهما. فاللونان الأخيرين هما موضة معرض الأثاث الدولي 2013. وتقول أورسولا غايزمان إن الرمادي أدفأ وأرق على الإنسان من الأبيض، خصوصا أن من الممكن استخدامه بدرجات لونية لا نهاية لها. اللون الأزرق، من الناحية الثانية، هو لون الأوروبيين المفضل، ويمكن لدرجاته اللونية المختلفة أن تبعث الأرجواني مع أنوار الإضاءة. وعموما تسود نزعة تلوين السقوف بالأزرق لأنه لون السماء، ويشعر الإنسان معه براحة نفسية كبيرة.

نزعة التشكيلات الجديدة، التي تحل محل قطع أثاث الجلوس التقليدية (كنبة لثلاثة أشخاص، كنبة لشخصين، وكرسي) استمرت في هذا المعرض. لكن الملحوظ هو سيادة نزعة تشكيلة الحرف اللاتيني، بالإضافة إلى كرسي إضافي لشخص. والجلود الاصطناعية تركت محلها بالتدريج إلى الأقمشة الصناعية الجديدة، المريحة، الأطول عمرا، والسهلة التنظيف. فضلا عن ذلك، ما عادت هذه الطواقم ذات ارتفاع واحد عن الأرض؛ لأنها قابلة للرفع أو الخفض، حسب طول أصحاب البيت.

الأضوية فقدت زواياها ومكوراتها لأنها صارت ملونة وتتخذ أشكال حيوانات (للأطفال) أو تماثيل أو لوحات، أو حتى أشكال قبعات. وعرضت شركة «درايبولز» أضوية تشتعل بإيماءة من اليد من بعيد، أي لا حاجة للمسها أو حتى للتصفيق. وهي تقترب بذلك من تقنية عمل صنابير المياه، التي تصب الماء حال تحريك اليد أمامها، إلا أنها تنطفئ أيضا بحركة من اليد أو بعد فترة قصيرة من إشعالها.

المعادن الثمينة عادت أيضا بقوة إلى ديكور المنزل الداخلي. وإذ تسلل الألمنيوم والتيتان إلى المناضد والمقاعد، فقد تسلل النحاس والقصدير إلى الثريات وإطارات المرايا وإطارات الأسرة وطواقم الجلوس في الصالونات. ومع اللونين النحاسي والقصديري تسلل اللون الذهبي إلى الستائر، والأحمر البني، والبرتقالي الأحمر إلى لون مرتبات الجلوس. وفرضت هذه الألوان نفسها على ورق الجدران فتلونت بالنحاسي الفاقع وأحمر القرميد. وهي ألوان تذكر بدواخل بيوت أوروبا، الصخرية والقرميدية، قبل دخول عصر ورق الجدران.

العودة إلى «القديم الرث» كان ظاهرا في عروض الكثير من الصالات والديكورات الداخلية. ويبدو أن هذه الموضة ستستمر على الرغم من أنها أثارت جدلا حول «جماليتها». ويشمل ذلك قطع الأثاث الحديثة المصبوغة بألوان تظهرها بشكل قديم ورث. امتدت هذه النزعة إلى ورق الجدران فتمت تغطية الجدران بورق فيه رسوم بارزة تبدو مثل شقوق في جدار قديم، أو كشبكة عنكبوت قديمة، أو بلون رمادي يشبه السمنت غير المصبوغ.

الجديد في المواد المستخدمة، بعد الخشب السائل الذي يصب في قوالب، والكرتون المقوى أكثر من الخشب، قدمته شركة «فيتو» النمساوية المتخصصة في صناعة أثاث الحدائق. والكراسي هنا مصنوعة من مادة «غوران»، وهي عبارة عن حصو مطحون تم تحويله إلى مادة صلبة كالسمنت باستخدام زيت الأكريل. وتقول مصادر الشركة إنها كراسي ومناضد لا تتأثر بالطقس ولا تكتسب حرارة أو برودة الطقس. والمهم أنها ليست ثقيلة على الرغم من بنيتها الصخرية لأن عجينة طحين الحصو وزيت الأكريل صنعت فجوات هوائية صغيرة داخلها.

وصنعت شركة «فيتامين» الهامبورغية (ألمانيا) قطع أثاث حدائقها من خشب الزان الطبيعي، ولكن بعد أن عاملته بزيت خاص جعله قويا كالحديد. وتضمن الشركة لهذا الخشب العيش طويلا على الرغم من تركه في الحدائق؛ لأنه مقاوم فعلا لعوامل الطقس.

ولأن الجوال صار جزءا مهما من حياة السكان، فلا بد له من مكان ثابت لا ينساه صاحبه، وقريب من مفاتيح البيت، وقرب نقطة الكهرباء. ولهذا زودت شركة «شتالباور» النمساوية دولاب المشجب، المخصص لمدخل البيت، بـ«محطة» لشحن الجوال أو الـ«آيفون».