هل يمكن لعازف محترف أن يعزف على أسلاك الضغط العالي الكهربائية؟ قد تكون هذه المقارنة الأكثر قربا لما أبدعه عازف أميركي محترف حول منطقة المجاز السياحية في إمارة الشارقة إلى قيثارة عملاقة امتدت أوتارها إلى مسافة 1000 قدم، علق طرفها الأول بالأرض وامتدت الأطراف الباقية إلى الأبنية المحيطة بواجهة المجاز السياحية الشهيرة في الإمارة، جرى ذلك ضمن حفل موسيقي يمكن أن يوصف بالراقص أبدعت فيه أنغام القيثارة بتشكيل لحن مفعم بالحياة تمايلت خلاله نوافير الماء طربا على أنغامه بينما فتن الناس بقدرة هذا العازف الأميركي الشهير على العزف بين تلك الأوتار الطويلة لاستخراج لحن إبداعي جلس المئات يراقبون اهتزازها لتنتج أنغاما رائعة بواسطة واحدة من أكبر الآلات الموسيقية في العالم.
وفي آخر إطلالة له أمس احتشد المئات لمشاهدة العرض الموسيقي قيثارة الأرض «ذا إيرث هارب» الذي قدمه عازف القيثار الأميركي الشهير ويليام كلوز، مع آلته الموسيقية (قيثارة الأرض) التي تمتد أوتارها على مسافة 1000 قدم؛ حيث يقدم هذا العرض للمرة الأولى في المنطقة بعد أن جال عدة عواصم عالمية، فيما يحظى هذا العازف الأميركي بشهرة واسعة في بلاده بعد أن وصل إلى نهائيات أحد أشهر برامج المواهب هناك، وباختراعه آلة هي الأولى من نوعها في العالم إلى جانب عشرات الآلات الأخرى التي وصفها البعض بغريبة الأطوار على الرغم من أنها أضافت الكثير إلى عالم الموسيقى وآلاتها.
وشكلت أوتار القيثارة الممتدة في المكان تأثيرا باهرا وعميقا على مئات المتابعين الذين جلسوا أسفل الأوتار العالية يراقبون حركتها، وسط مزيح احترافي جمع إبهار الآلة وحجمها من جهة، مع رقص المياه وألوان الإضاءة المنعكسة عليها من جهة أخرى الأمر الذي سيغير إحساسك كمشاهد بالبيئة المحيطة بك لدرجة ستشعرك أنك في مكان آخر مع اجتماع كل عناصر الإبهار تلك في هذه المساحة الواسعة.
ويتم العزف على «قيثارة الأرض» باستخدام راتنج الكمان على قفازات القطن، فضلا عن الأقواس الموسيقية، ويقوم العازف باستخدام يديه للعزف على الأوتار التي تتكون من سلسلة من الأوتار حيث يسير العازف على طول الأسلاك التي تمتد على مسافة 1000 قدم، مما يولد موجة ضغط طولية، تشبه إلى حد بعيد أنماط الاهتزاز التي تتولد عند تمرير أحد الأصابع حول حافة زجاجية، مما ينتج عنه نغمات عميقة كتلك الصادرة من آلة التشيللو.
ولعل أكثر ما أثار تساؤل الحاضرين كيفية مد هذه الأوتار وموازنتها لتخرج بهذه الأنغام؛ حيث يشير القائمون على الحدث إلى أن عملية تركيب القيثارة الضخمة تعتبر عملية فريدة بحد ذاتها وفقا للبيئة التي يتم بناؤها فيها وطبيعة من التحف المعمارية والمناظر الطبيعية في المناطق المحيطة بها. ويقول ويليام كلوز «42 عاما» تعتبر قيثارة الأرض آلة موسيقية لا مثيل لها على الإطلاق في العالم؛ حيث أقوم بتركيبها من خلال توظيف جماليات الطبيعة من التحف المعمارية والمناظر الطبيعية المحيطة، محولا هذه البيئة الطبيعية إلى قيثارة ضخمة لتقديم لوحة فنية رائعة وعرض مبهر يتناغم فيه الإيقاع الموسيقي مع إيقاع الطبيعة».
مضيفا: «قمنا هنا في الشارقة بتركيب القيثارة على مباني واجهة المجاز المائية التي أسهم جمال تصاميمها بإبراز سحر قيثارة الأرض، كما أضافت نافورة الشارقة سحرا خاصا للعرض؛ حيث تضمن العرض مسارا موسيقيا خاصا تم تصميمه خصيصا ليشكل تناغما رائعا مع نافورة الشارقة، صاحبه العزف على الطبلة والكمان».
وفي الأحوال الطبيعية لم يكن من السهل التحكم بكل تلك الأوتار على هذه الآلة العملاقة أمام مئات المشاهدين، لكن ويليام كلوز أو المعروف بنجم القيثار الأميركي قدم عرضين متتاليين في الساعة 9:00 مساء و10:30 مساء، في حين شاركه تقديم العرض كل من ريتشارد شيروود ولايينا ميريس، وسبق لـويليام كلوز وفرقته أن قدموا عروضا لقيثارة الأرض في جميع أنحاء العالم بدءا من مسرح شنغهاي الكبير إلى سبيس نيدل في ولاية سياتل الأميركية. وكان الفنان والمؤلف الموسيقي ويليام كلوز قد اخترع هذه الآلة في عام 1999، علما بأن «قيثارة الأرض» ليست الاختراع الوحيد له حيث اخترع ما يقارب 50 آلة موسيقية جديدة وفريدة بما فيها أكبر قيثارة في العالم «قيثارة الأرض» التي قام بتركيبها للمرة الأولى عبر الوديان ووصل طول أوتارها إلى نحو 1000 قدم.
ومما أضاف إلى العرض مزيدا من عناصر الجذب والإبهار احتضان واجهة المجاز المائية له، والتي تعتبر باكورة مشاريع هيئة «الشارقة للاستثمار والتطوير» (شروق)؛ حيث تقع في إحدى أبرز المناطق التجارية الحيوية للإمارة على ضفاف بحيرة خالد، وباتت إحدى أكبر مناطق الجذب السياحي العائلي في الدولة، بالإضافة إلى كونها وجهة لاحتضان الكثير من الفعاليات والأنشطة، الأمر الذي أسهم في احتشاد المئات لمشاهدة عرض قيثارة الأرض على الرغم من أن العرض لم يكن مجانيا.