فيلم وثائقي يثير نزاعا بشأن كتب عربية في القدس تعود لما قبل عام 1948

أخرجه إسرائيلي ويتناول البيوت العربية المهجورة وما كان بها من ذخائر

حتشد المئات من المهتمين والمؤرخين في قاعات المكتبة العلمية في القدس، التي امتلأت بطوابقها الثلاثة مما حدا بعرض الفيلم في قاعات المركز الثقافي الفرنسي المجاور للمكتبة
TT

اعتبر الفلسطينيون قيام دولة إسرائيل في حرب عام 1948 نكبة تسببت في فرار مئات الآلاف من إخوانهم وذويهم أو إرغامهم على ترك بيوتهم. والآن ظهر فيلم وثائقي جديد يسمى «السرقة العظمى للكتب» ليلقي الضوء على جانب لم يكن معروفا بشكل كبير عن الحرب وعواقبها.. اختفاء آلاف الكتب التي استولى عليها العاملون في المكتبة الوطنية الإسرائيلية من بيوت العرب المهجورة أثناء الحرب.

وأثناء الفيلم الوثائقي الذي عرض في تل أبيب ورام الله الشهر الحالي ظهرت ردود فعل قوية من طرفي الصراع، فالفلسطينيون يقولون إن إسرائيل نهبت إرثهم الثقافي في عام 1948، بينما يقول كثيرون في إسرائيل إنه تم إنقاذ هذه الكتب.

وشرح مخرج الفيلم بيني برونر، وهو إسرائيلي يقيم في أمستردام بهولندا وحضر العرض الأول للفيلم في تل أبيب، أسبابه لعمل هذا الفيلم المثير للجدل. وقال برونر لتلفزيون «رويترز»: «حسنا.. غطيت القصة الإسرائيلية الفلسطينية أو الأحرى أن تقول الإسرائيلية... الظلم الذي وقع على الفلسطينيين على مدى سنوات كثيرة الآن. ودافعي ببساطة هو أنني وجدت قصة تستحق أن تروى. أتصور أن نكون صادقين مع أنفسنا.. أن نكون في الجانب الصحيح من التاريخ. أو كما يحب البعض أن يقول، علينا أن نعترف بدورنا في خلق مأساة لأناس آخرين. هذا هو دافعي أساسا».

ويقول برونر إنه يدرك أن الفيلم قد يثير بعض ردود الفعل العدائية، مما جعل أحد من شاهدوه في تل أبيب يصف برونر بأنه «مشعوذ». وقال برونر: «أول سؤال وجّه إلي بعد عرض الفيلم في تل أبيب كان من شخص وقف ولم يوجه سؤالا لكنه أدلى بتعليق طويل وقال إن هذا أسوأ فيلم وثائقي شاهده على الإطلاق.. (أنت مشعوذ.. لم تكن سرقة.. لقد أنقذوا الكتب.. وإنه لعار أن تعطيك سينماتك - مهرجان تل أبيب الدولي للأفلام- مكانا لعرض الفيلم)». لكنه أضاف أن آخرين ممن شاهدوا الفيلم كانوا إيجابيين في تقييمهم. وأردف: «هناك من أتوا إلي وصافحوني وأقروا بأن ما قمت به عمل عظيم».

وفي رام الله بالضفة الغربية فتح مركز خليل السكاكيني الثقافي أبوابه لعشرات الفلسطينيين الأسبوع الماضي لمشاهدة عرض الفيلم الوثائقي. وكانت وزيرة الثقافة الفلسطينية سهام البرغوثي بين من شاهدوا الفيلم.

وردا على سؤال حول سبب عدم تقديم طلب فلسطيني لاسترداد الكتب قالت سهام البرغوثي إن الفلسطينيين ناضلوا في السنوات الأخيرة للاحتفاظ بهويتهم، وقد يكون الأوان حان الآن لتقديم مثل هذا الطلب. وأضافت: «يمكن طبعا سابقا كوننا كنا نناضل من أجل أن نتحول من لاجئين إلى شعب فلسطيني.. إلى شعب له حقوقه. كان الصراع أنك تريد أن تثبت هويتك وبالتالي جاء الوقت المناسب الآن، خصوصا بعد حصولنا على عضوية اليونيسكو وحصولنا على دولة مراقب، فيكون المجال قد بدا أكثر ويكون علينا أن لا نتخاذل في هذا الموضوع».

وقالت مقيمة في رام الله تدعى نجوى نجار إن الكتب تمثل أكثر من مجرد ثقافة فلسطينية للكثيرين. وأضافت لتلفزيون «رويترز»: «بس من القدس فيه 30 ألف كتاب. يعني في كل فلسطين قد ايش (بأي قدر) كانت الثقافة موجودة وقد ايش كانت كبيرة وقد ايش راح كتب.. وفعلا هو يعني روح الإنسان.. إذا ما عندك ثقافة ما عندك كتب ما عندك أدب.. كيف بدك تريد أن تبني بلدا؟».

ولم يجذب عرض الفيلم في تل أبيب الكثيرين، وانتقد كثير من الإسرائيليين الفيلم لفشله في إلقاء الضوء على النضال الإسرائيلي في حرب 1948 والمخاطر التي عرض لها موظفو المكتبة الوطنية الإسرائيلية أنفسهم في ما اعتبروه جهدا إنسانيا للحفاظ على التاريخ بإنقاذ الكتب.

ورفضت المتحدثة باسم المكتبة الوطنية الإسرائيلية التعليق. وقالت مؤسسة القيم على أملاك الغائبين الإسرائيلية المسؤولة عن تلك الكتب في رسالة مكتوبة إن هناك زهاء ثمانية آلاف كتاب مصنفة ومسموح للعامة بمطالعتها في المكتبة الوطنية الإسرائيلية. وأضافت المؤسسة أن المكتبة لديها الخبرة الأدبية لتخزين وحفظ الكتب التي يمكن إعادتها وفقا لما هو وارد في القانون.