بيدر البصري: أسعى لأكون رسولة سلام من أجل الأمهات والأطفال

مغنية الأوبرا العراقية غنت «الأم الحزينة» على أكبر مسارح سويسرا

بيدر البصري وهي تغني «الأم الحزينة» («الشرق الأوسط»)
TT

في صالة مسرح مدينة لوزينا، بضواحي جنيف، التي تعد كبرى صالات العروض الموسيقية في سويسرا، وبمرافقة أكثر من 200 عازف ومغني كورال، أحيت مغنية الأوبرا العراقية بيدر البصري حفلة غنت فيها أمام ما يقرب من ألفين من الحضور، «الأم الحزينة» للمؤلف الإنجليزي كارل جنكينز.

الحدث لم يكن اعتياديا بالنسبة للمدينة السويسرية ولا بالنسبة للجمهور الذي استمع قسم كبير منه للبصري في صالة أخرى داخل القاعة بسبب عدم وجود مقاعد لجميع الحاضرين، فهذه الصالة تقيم كل أربع سنوات حفلا ضخما لمناسبة معينة تهم قضية إنسانية، وهذا الحفل أقيم للسلام العالمي، ولم يأت اختيار البصري العراقية التي تحمل الجنسية الهولندية بوصفها مغنية أوبرا بارزة ومبدعة فحسب؛ بل لأنها «تحمل روح بابل ورسول حضارة وادي الرافدين إلى أوروبا والعالم، ولأنها تعرف بحضارة العراق والشرق الأوسط عبر مساحات صوتها السومري»، على حد وصف المايسترو السويسري يفس بوجانون الذي قاد الأوركسترا وفرقة الكورال الضخمة، مخاطبا أعضاء فرقته وبيدر البصري قبيل صعودها إلى خشبة المسرح، بقوله: «نعرف أن هذه الصالة الضخمة قد تمارس تأثيرها على العازفين والمغنين في آن واحد، وأنك ستغنين وخلفك أكثر من 200 من العازفين والكورال، لكن أرجو أن لا تخشين ذلك، بل علينا نحن أن نخشى وأن نفكر جيدا ونحن نعزف أو نغني معك لأنك قادمة من سومر وبابل وبغداد.. من أرض الحضارات العريقة، وهذه أول مرة نستضيف فيها مغنية مثلك من هناك».

تقول البصري: «عندما سمعت حديث المايسترو بوجانون، وشاهدت الجمهور المتلهف لسماع (الأم الحزينة) بصوت عراقي وبنسختيها العربية والآرامية تداخلت في ذهني مشاعر كثيرة، الوها المسؤولية التي أتحملها لأنقل للجمهور الغربي صورة حقيقية عن حضارات بلدي، والثانية تساءلت: لماذا لا تهتم بنا بلداننا مثلما يهتم الغرب بنا ويقيم إنجازاتنا؟»، مضيفة: «لهذا غنيت وكأنني أغني للمرة الأولى في حياتي.. غنيت كما لم أغن بهذه الطريقة من قبل مع أني غنيت وفي مدن مختلفة هذه المؤلفة لأكثر من ثلاثين مرة، كان آخرها في مسرح بيتهوفن ببرلين الشهر الماضي، وهناك طلبوا مني أن أضع بصمة يدي في قالب لتحفظ على جدار مخصص لبصمات الموسيقيين والمغنين المشهورين عالميا، وكلما كنت أتأمل صمت ومتابعة الجمهور، كنت أتالق بأدائي بالعربي والآرامي، بينما كانت هناك مغنية أخرى تغني العمل باللغة الإنجليزية».

أوركسترا «لوزينا» استضافت عازفي آلات شرقية من بلدان عاشت ثورات الربيع العربي أو تحررت من حروبها، فعازف الناي فنان سوري مقيم في ليون بفرنسا، وعازف الطبلة مصري مقيم في جنيف، وعازف الإيقاع من البوسنة.. تقول بيدر البصري: «كانت هذه الآلات الشرقية بمثابة إيحاء مساعد لأدائي.. نعم أنا، وكما قلت، غنيت (الأم الحزينة) مرات كثيرة وفي كل مرة أغنيها بأسلوب مختلف، لكني هذه المرة قدمتها بأسلوب جديد تماما، وهذا يعتمد على الأوركسترا المصاحب والكورال والمكان. وبمصاحبة آلات شرقية، وجدت نفسي أغني وكأني أمشي بين جدران بابل أو في أزقة بغداد والبصرة التي أنحدر منها، أو في أحد بيوتات دمشق التي عشت وتعلمت بها»، منوهة بأن «هذا الحفل رقم 14 الذي أقدمه للسلام، وأمنيتي أن أكون رسولا للسلام في البلدان التي تعاني فيها المرأة والطفل من ويلات الحروب والاقتتال».

يذكر أنه كان من المقرر أن تستهل أنشطة «بغداد عاصمة للثقافة العربية» بعمل مسرحي غنائي تحييه بيدر البصري، لكن وزارة الثقافة العراقية اعتذرت بحجة تقليص النفقات على الرغم من أن البصري لم توقع أي عقد مع الوزارة أو تطلب أي مبلغ منهم.