«اغتراب العقل والروح» في معرضين تشكيليين بالقاهرة

بمشاركة جورج بهجوري والفنان الشاب سامي أبو العزم

من أعمال الفنان جورج بهجوري بالمعرض
TT

يحتضن «غاليري المسار» للفن المعاصر، بحي الزمالك في القاهرة، معرضين تشكيليين، في حوارية فنية ما بين جيلين من أجيال الفن التشكيلي المصري؛ المعرض الأول هو المعرض السنوي للفنان الكبير جورج بهجوري، الذي جاء هذا العام بعنوان «حوار العقل والروح». أما المعرض الثاني، فهو المعرض الفردي الأول للفنان سامي أبو العزم ويحمل عنوان «اغتراب»، وكلاهما يحمل رؤى فلسفية وتغلب عليه في الوقت نفسه النزعة الواقعية.

افتتح المعرضان قبل يومين وسط حفاوة عدد كبير من رواد ومحبي الفن التشكيلي في مصر، ويستمر المعرضان حتى 21 فبراير (شباط) المقبل.

وفي جولة بين لوحات المعرضين، يأخذك انطباع لافت باستمرارية العطاء والتدفق الفني، في سياق من الرؤية الفنية المشتركة، وإن اختلفت أساليب التصميم، كأنها حوارية ما بين جيلين، فكما عود بهجوري مريديه حالة فكرية، تخلقها لوحاته التي تعبر عن الحوار الداخلي لدى الفنان بين عقله وروحه على المستوى الروحاني، وأيضا أحاسيس تشمل مشاعر الحنين إلى رموز الحياة اليومية المصرية ودوامة من الأفكار بداخله.

يضم المعرض أعمالا تعبر عن ملامح الحياة اليومية المصرية ومشاهد وتقاليد مصرية من الشارع المصري، إلى جانب أعمال فنية أخرى لها تميزها الخاص، تمثل شخصيات اجتماعية، يعبر من خلالها الفنان عن ذكرياته عن الحياة المصرية. وفي أحد أعمال المعرض، يعبر الفنان في لوحة كبيرة، من خلال أسلوبه الذي يوائم ما بين التشخيص والتجريد، عن مشهد الوحدة الوطنية والإلهية، وفي نسق يتسم بغلالة فلسفية تربط العقل والروح. ويستمر الفنان في استخدام النقوش والزخارف الخيامية الشهيرة في معظم لوحاته للتركيز على الحضارة والثقافة المصرية الأصيلة. وتطل بورتريهات بهجوري ذات الصيت العالمي لتعكس الملامح المصرية.

أما لوحات الفنان المتميز سامي أبو العزم، فهي تسجل في معظمها حالة الانفصال والاغتراب، التي إذا ما أصابت الإنسان فإنها ستنعكس على محيطه وبيئته، وهو ما يبرزه أبو العزم حتى في تصوير الطبيعة الصامتة أو المنظر الطبيعي. وكأن لوحاته تنطق بالغموض والصمت الملازمين للمكان والوجود.

ويقول الفنان أبو العزم لـ«الشرق الأوسط»: «العدل، الحرية، المساواة، الكرامة الإنسانية، الأحلام التي وصلت عنان السماء يوما ما، النرجسية الوطنية التي عشناها أياما معدودة.. ماذا أصبحنا اليوم؟ شعور الاغتراب والانفصال والخوف هو ما يطغى على علاقاتنا بعضنا مع البعض، نحافظ على المسافات التي بيننا، ننحصر داخل ذواتنا، فقدنا الإيمان بالعدالة في الأرض فبحثنا عنها في السماء. وهو ما حولت أن أجسده في لوحات أول معرض فردي لي، حاولت أن أعبر عن الحوار الداخلي للأشياء، عن حضورها وغيابها، وخلاصة كل ذلك (الاغتراب في الوطن وليس عن الوطن)».

يشار إلى أن الفنان أبو العزم من مواليد 1967، ودرس في كلية التربية الفنية، وتتميز أعماله بأسلوب واقعي، خاصة في فن التشخيص الذي يجسد موضوعات ذات بعد فلسفي، كما تتضمن لوحاته الطبيعة الصامتة والمناظر الطبيعية بأسلوب غير تقليدي، حيث يركز على حضور الأشياء مع احترامه للمعاني الكامنة وراء المظهر غير التقليدي. ومن الموضوعات السائدة في لوحاته، تصويره للإنسان بواقعية تعبر عن العزلة والاغتراب، وذلك من خلال إبراز تناقض العناصر وتفككها أو استخدام رموز موحية تعمق دلالة اللوحة، واختيار مجموعات لونية تتسم بالكثافة والتعقيد، كما أنه يجسد فكرة الاغتراب السياسي والاجتماعي من خلال نماذج يتم اختيارها بعناية تستدعي التفكير والتأمل لدى المشاهد. وقد شارك في الكثير من المعارض المحلية والدولية وله مقتنيات بالمتحف المصري للفن الحديث، ولدى أفراد بمصر والخارج.