«كتاب في تاكسي».. حملة لتعويد الناس على القراءة في الضفة الغربية

فرصة لركاب التاكسيات باستبدال القراءة بعادات النوم والدردشات والألعاب في الطرق الطويلة

لقطات من حملة «كتاب في تاكسي» .. وفي الإطار شعار الحملة
TT

عندما اضطر الشاعر الشاب وئام القريوتي إلى التنقل بين رام الله وسط الضفة الغربية، والخليل جنوبها، قبل عدة أشهر، لجأ إلى أحد الكتب المخبأة في حقيبته، يواصل قراءة ما تيسر ليقتل الوقت أو يستغله، في طريق طويل قد يمتد إلى ساعتين، بحسب الأزمات وحواجز الجيش الإسرائيلي، فسأله أحد الركاب: هل أجد معك كتابا آخر؟ قبل أن تلمع في ذهنه فكرة إشغال الناس بقراءة الكتب في الطرق الطويلة بين المدن.

وفعلا بدأ القريوتي بمتابعة الفكرة، وعرضها على «بسطة إبداع» الشبابية، وهي مجموعة من الشبان الناشطين مهتمة بمواهب ثقافية، فتبنت الفكرة، وأطلقت في السادس والعشرين من الشهر الماضي حملة للتشجيع على القراءة في المواصلات العامة الواصلة بين المدن الرئيسية تحت عنوان «كتاب في تاكسي».

وقبل أيام انتهت مرحلة جمع الكتب التي من المفترض أن توزع على عشرات السيارات العمومية، بين المدن الرئيسية في الضفة حتى نهاية الأسبوع الحالي.

وتقوم الحملة على وضع نحو 5 كتب في كيس قماشي يعلق خلف مقعد السائق، وتكون متاحة لجميع الركاب.

وقال القريوتي الذي يدير الحملة: «معنا نحو 1300 كتاب حتى الآن، وسنضع في كل تاكسي 5 كتب منوعة بين أدبية ودينية وأجنبية وقصص أطفال».

وحصلت الحملة على الكتب من متبرعين بينهم وزارة الثقافة وجامعات ومؤسسات ومن كتاب وأشخاص عاديين أيضا.

وكتب القائمون على الحملة على «فيس بوك»: «إيمانا منا بأهمية نشر الثقافة كواحدة من أهداف المثقف الفلسطيني، تطلق مبادرة (بسطة إبداع) الشبابية حملة (كتاب في تاكسي) في المواصلات العامة الواصلة بين المدن الرئيسية بمشاركة مجموعة من المؤسسات الفلسطينية المهتمة والداعمة والمثقفين الفلسطينيين».

وأوضح القريوتي قائلا: «سنركز بداية على التاكسيات التي تتحرك في طرقات طويلة، بين رام الله والخليل، ورام الله ونابلس، ورام الله وجنين».

وتشكل رام الله حلقة وصل بين مدن الضفة الغربية، وتصل شمالها بجنوبها. وتنطلق السيارات العمومية من رام الله إلى كل المدن الفلسطينية.

وتبدو رحلة التنقل بين المدن الفلسطينية في الضفة الغربية شاقة ومتعبة بسبب الطبيعة الجبلية للضفة، إضافة إلى اضطرار الفلسطينيين إلى سلك دروب أطول من المطلوبة بسبب إغلاق إسرائيل شوارع محددة ومنع المرور عبر القدس أو مستوطنات منتشرة في الضفة، ناهيك عن الحواجز الإسرائيلية التي يمكن لها احتجاز طابور من السيارات لعدة ساعات.

وقال القريوتي إن «هذا وقت مهدور». وأضاف: «فكرنا أنه يمكن استغلال كل هذا الوقت بأفضل طريقة، وهي تثقيف الناس».

ومن وجهة نظر القريوتي، فإن نشر الكتب في المواصلات العامة سيساعد على إعادة نشر الثقافة على المدى القريب والمتوسط، وسيساعد على نشر وتعزيز مفاهيم متعلقة بالهوية الثقافية والوطنية على المدى البعيد.

وركزت حملة «كتاب في تاكسي» على جلب كتب مختلفة تتعلق بالتاريخ الفلسطيني والصراع الحالي، إلى جانب الكتب الأخرى المختلفة. وقال القريوتي «نريد أيضا ممن يقرأ أن يزداد وعيا بقضيته».

ويأمل القريوتي ورفاقه بنجاح الفكرة. وقالت سيراء سرحان، منسقة الحملة الإعلامية «سنحاول إطلاق الحملة الأربعاء القادم». وأضافت: «نحن بانتظار الاتفاق مع أحد الشخصيات لإطلاق الحملة ووضع أول حقيبة في أول سيارة».

وبالنسبة لسيراء، فالفكرة كبيرة وستنجح على الرغم من المخاوف لديها ولدى القريوتي من أن يهمل الناس وجود الكتب ويفضلون الدردشة التي عادة ما تميز تاكسيات ما بين المدن، أو النوم، أو قتل الوقت بألعاب الهواتف الجوالة.

وقال القريوتي «أعرف أن القراءة صعبة على البعض، ربما يفضلون النوم أو اللعب أو الدردشة، وربما تعودوا أيضا على القراءة الإلكترونية، لكنا نريد لهم أن يختبروا مجددا ملمس الورق».

وقالت سيراء إنه «على الرغم من ذلك ومعارضة البعض للفكرة، لكن استطلاع رأي مع ركاب وسائقين أظهر تقبلا كبيرا».

وتابعت: «نريد من الناس أن يتعودوا على القراءة أينما كانوا حتى في التاكسي». وأردفت قائلة «هذه فرصة لنعود الناس على القراءة وإذا نجحت فسنعمم التجربة».

وحملة «كتاب في تاكسي» ليست الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، فقد أطلقت حملة مماثلة في مصر قبل سنوات، لكنها تطلق لأول مرة في الأراضي الفلسطينية.

ولقيت الفكرة ترحيبا شديدا من نقابة السائقين في الضفة وموظفين وركاب آخرين.

واتفقت الحملة مع النقابة على وضع ملصقات في السيارات العمومية تدعو ركابها إلى القراءة على أن يشجعهم السائق كذلك على التقاط الكتب. وتستهدف الحملة الآن السيارات العمومية التي تتسع لـ7 ركاب.

وقالت سيراء إن ثمة خططا لتفقد هذه السيارات كل فترة من الزمن لردفها بمزيد من الكتب، بينما سيتم توزيع نشرات ثقافية وتعريفية في مرحلة ثانية على السيارات العمومية الصغيرة داخل المدن قبل أن تعمم التجربة على كل تاكسي خارج وداخل المدن، وربما في أماكن عامة أخرى.