شوكولاته بالثوم وبالمانغو وبالفلفل في المعرض الدولي للحلوى في كولون

«ستيفيا» تحل محل السكر.. وملح البحر يحل محل ملح الطعام

صناعة الشوكولاته والحلوى دخلت العولمة من أوسع أبوابها («الشرق الأوسط»)
TT

يعيش قطاع إنتاج الحلوى والشوكولاته، حسب تعبير مديرة المعرض كاترينا هامام، «ربيعا» اقتصاديا على الرغم من «الخريف» الاقتصادي الذي تشهده القطاعات الإنتاجية الأخرى. ويعود الفضل في صمود قطاع الشوكولاته إلى تواصل نزوع شركات الشوكولاته إلى إنتاج الحلوى التي تراعي صحة الناس ورشاقتهم.

إلا أن هذا الربيع الاقتصادي لم يشمل بلدان «الربيع العربي» مع الأسف، لأن المشاركة العربية تتقلص سنة بعد سنة. ومع أن تونس شاركت بست شركات، ومصر بأربع شركات، وسوريا بثلاث شركات، وهي مشاركة ضئيلة قياسا بالمعارض السابقة، فإن شركات صناعة الحلوى العراقية والجزائرية والخليجية، عدا عن شركتين سعوديتين، اختفت من قائمة المشاركين.

افتتح المعرض الدولي الثالث والأربعين للحلوى والشوكولاته (27 - 30 يناير/ كانون الثاني الجاري)، وهو الأكبر من نوعه في العالم، بمشاركة أكثر من 1400 شركة من 67 دولة. وعدا عن المساهمة الأكبر للشركات الألمانية، بحكم وجود المعرض على أراضيها، فقد كانت إيطاليا أكبر المشاركين، تليها بلجيكا وإسبانيا وفرنسا وتركيا وهولندا. واحتلت روسيا مساحة كبيرة من القاعة 10.1 بعد أن تم اختيارها لموقع «الشريك الأساسي» في هذا المعرض. وإذ غطت الحلوى 7 قاعات ضخمة من قاعات المعرض، تم تخصيص القاعة 10.2 لعرض أجهزة ومكائن وتقنيات إنتاج وصناعة وتغليف الحلوى.

«ربيع الشوكولاته» الاقتصادي لم يحل في العالم لأن الشوكولاته تزيد فرز هرمون السعادة في جسم الإنسان، وبفعل الدعاية التي تظهر الشوكولاته كـ«قاتل للتوتر» فقط، فهذا ما عاد يكفي. النزعات الجديدة التي بدأت قبل 15 سنة ما زالت تتعزز، وخصوصا العودة إلى السكر الطبيعي، وتقليل الدسم في الحلويات، وزيادة نسب الحليب، ومن ثم تعبئة الحلوى بالفيتامينات والمواد الخافضة للكولسترول، والمواد الخافضة للضغط، وتلك التي تقاوم البكتيريا المرضية، في أفواه الكبار والصغار، والتي تساعد على حفظ الأسنان من التسوس.

في المعرض الحالي (الثالث والأربعين) صارت مادة «ستيفيا» النباتية تحل بالتدريج محل السكر الاعتيادي والسكر المصنع. وهي نبتة من أميركا الجنوبية، خلاصتها أحلى من السكر 300 مرة، كانت مجازة في الولايات المتحدة، وأجازها الاتحاد الأوروبي منذ سنة. و«ستيفيا» لا تضمن طعما رائقا للمواد فقط، لأنها تزود جسم الإنسان بالعدد صفر من السعرات الحرارية. ملح البحر الطبيعي صار يحل بالتدريج، في المعجنات، محل أملاح الصوديوم، وانخفضت الأملاح بشكل واضح في هذه المواد.

الكولسترول السيئ السمعة صار يتنحى يوميا بعد يوم عن مكانته أمام زحف الكولسترول «الطيب السمعة». وتزداد مع كل معرض نزعة التقارب بين الحلوى والأدوية، بعد أن صارت الشركات تشحن الملبس والفطائر والجبس بالفيتامينات والدهون غير المشبعة، والمواد التي ترفع حامضية الفم قتلا للبكتيريا المسببة لتسوس الأسنان. فالحلوى اليوم خالية من السكر، خالية من اللاكتوز، ومن الجيلاتين، ومن الكولسترول، إضافة إلى أنها قليلة السعرات. وبدلا من الطحين العادي صارت الشركات تنزع إلى بدائل أخرى تبتدئ بطحين الرز الطبيعي وتنتهي بدقيق القمح الأسمر.

وحققت مبيعات الشوكولاته في ألمانيا رقما قياسيا جديدا، حسب إحصائية اتحاد صناعة الحلوى، حيث التهم كل ألماني نحو 31,8 كلغم من الحلوى والشوكولاته خلال عام 2012، أي ما كلفه 113,66 يورو سنويا كمعدل. وأنتجت الشركات الألمانية مليون طن من الشوكولاته لتغطية حاجة السوق الداخلية قبل أعياد الميلاد السابقة. وعموما ارتفعت مداخيل القطاع عام 2012 إلى 12.47 مليار يورو على الرغم من ارتفاع تكلفة المواد الأولية، الأمر الذي يشير إلى ارتفاع بسيط في الأسعار. وتصدر 220 شركة ألمانية لإنتاج الحلوى نحو 2,6 مليون طن من الحلوى إلى الخارج، يرتفع مجموع أسعارها إلى 9,3 مليار يورو.

الحاجيات، أو لنقل الهدايا، المليئة بالشوكولاته والحلوى، زادت بشكل ظاهر بهدف ترويج المنتجات بين الأطفال. فالأطفال ما يزالون أهم زبائن القطاع، تليهم النساء، والشابات على وجه الخصوص. وهكذا قدمت شركة «بيسا» المكسيكية قلما (القاعة 2.2) محشوا بالعلكة في اسطوانته الخارجية، والعصير (بدلا من الحبر) في الاسطوانة الداخلية. وعرضت شركة «كيجي وأولاده» السويسرية «صندوق موسيقى» مملوءا بالشوكولاته والمرزيبان، ويطلق مختلف أنواع الموسيقى، حسب رغبة الطفل.

شركة «هايلمان» الألمانية قدمت خيارات للنساء والبنات من وحي مسلسل «سيكس أند ذي سيتي»، فاستعرضت في القاعة 10.2 أيضا مجموعة منتجات بأشكال حقائب نسائية، ونظارات نسائية، وأحذية، بل وأيضا بشكل حقيبة مكياج كاملة من الشوكولاته. فهناك قلم أحمر شفايف وقنينة عطر صغيرة، ومشط.. إلخ وكلها من الشوكولاته القليلة السكر والمشحونة بنسبة ترتفع إلى 90 في المائة من الكاكاو.

و«البارتي جيس» عبارة عن جبس ومعجنات، بالكاراميل والفول السوداني، أو الفول السوداني بطعم النقانق بالكاري، يمكن التمتع بأكلها بعد لعب لعبة عائلية جماعية بها. ومن يفضل الألعاب الأخرى يمكنه اختيار قطع الدومينو، لأن شركة «د.كويندت» الألمانية قدمت مثل هذا الخيار في المعرض الدولي للشوكولاته هذا العام. وقطع الدومينو المذكورة «طبية» وصحية تماما حسب مصادر الشركة (بالسكر أو من دونه).

العولمة دخلت عالم المصاصات من أوسع أبوابه، لأنها صارت بطعم الزعرور أو المانغو، أو الرمان بالعسل أو بالزنجبيل (من «أنتونيو فيناني/ إيطاليا»). لكن شركة «بيسا» المكسيكية جلبت الأنظار بعلبة صغيرة ملونة تقلد علبة سجائر اللف. فالشركة المكسيكية تضع مواد صنع المصاصات في 8 حاويات صغيرة، بأنواع مختلفة من المذاقات، ويمكن للطفل أن يأخذ عودا من العلبة، ويمزج كما يحلو له، إلى أن يصل إلى أفضل مذاق يروقه.

والحلوى والمعجنات الغريبة الطعم تمتد هذا العام بين الفول السوداني المغلف بـ«الجيلي» (الهلام) من «كاندي» الأيرلندية، وشوكولاتة مصنوعة من كاكاو خاص من البيرو، ممزوج بالتوت البري، وفطر بري، بغلاف من المشمش المجفف (شركة «أميداي» الإيطالية)، والشوكولاته المطعمة بنوع خاص من جوز الهند (شوكولاته شعوب المايا) من شركة «استيلو سيسل» الألمانية.

شركة «كيزابيل» الأميركية قدمت طعما غريبا آخر لا يفضله الجميع، فعرضت كريمة المانغو بالليمون والنعناع. وإذا كان البعض يفضل البوب كورن بالسكر، أو بالملح، فإن شركة «جينبورت» الكورية قدمته مفلفلا بالواسابي. والبوب كورن هنا جاهز كبذور داخل كيس ينتفخ مع حبات البوب كورن داخل الميكروويف. ووضعت الشركة علبة واسابي منفصلة مرفقة مع الكيس، يستطيع المستهلك أن يحدد بنفسه كمية الواسابي التي تروق له.

الإيطاليون، الذين يتخصصون بالزيوت أكثر من غيرهم، وخصوصا بزيت الزيتون، عرضوا نخبة من الزيوت الخالصة. وتنوعت الزيوت في جناح شركة «باريا» بين زيت الفستق الأخضر، وزيت الجوز، وزيت اللوز وزيت بذور الصنوبر.

في القاعة 11.1 كان لـ«الشرق الأوسط» لقاء مع مدير التسويق والتطوير في شركة «الباطوق» السعودية. فعبر الأستاذ صالح سعيد الباطوق عن قناعته بوجود سببين وراء انحسار المشاركة العربية في معرض كولون للحلويات. الأول تحول معرض «غولف فوود» في دبي إلى منافس قوي يفضله المنتجون العرب، والثاني هو الاضطرابات السياسية التي رافقت التحولات في بعض البلدان العربية. وعن التوجهات «الصحية» في قطاع إنتاج الحلوى العربي، قال إن إنتاج مثل هذه الحلوى يعني ارتفاع الأسعار، وهو ما يفوق طاقة استهلاك الفرد العربي. فمثل هذه المنتجات رائجة في بلدان الخليج العربي فقط حاليا. وبالنسبة لشركة «الباطوق»، التي تتخصص في إنتاج العلكة، فإن إنتاجها يتجه إلى استخدام بدائل التحلية غير السكرية والتي تحافظ على الأسنان من التسوس. واستعرض الباطوق عدة أنواع من العلكة المطعمة بمختلف أنواع الفواكه.

* 40% من محتويات «المعجنات» هواء. وعلى هامش المعرض الدولي الحالي للشوكولاته أخضعت طائرة حماية المستهلك الألماني أنواعا كثيرة من المعجنات إلى فحوصاتها، وتوصلت إلى أن هذه «العلب» الكبيرة لا تحتوي الكثير من الحلوى داخلها. وتلجأ الشركات إلى حشو العلب بأغلفة والورق والبلاستيك التي تظهرها كعلب مليئة بالمحتويات.

شملت الدراسة مختلف علب البسكوت وعصي المعجنات والجبس والمكسرات.. إلخ، وظهر أن الهواء يشكل 40% في 15 في المائة منها. وكانت الفراغات، في بعض الأنواع، تشكل 50 في المائة من حجم العلبة.

لم تكن هناك مواد ضارة قد تسيء إلى سمعة الشركات، ولكن «التحايل» بالحجم مقابل السعر يهدف إلى ترويج المنتجات بأسعار حقيقة عالية. بل إن الشركات تضع «نوافذ» في أسفل العلب تخلق الانطباع، لدى المستهلك، بأن العلبة مملوءة.