«خمس كاميرات مكسورة» المرشح للأوسكار يعرض في رام الله

يقدم الفيلم 7 سنوات من التصوير لنضال سكان قرية فلسطينية ضد الجدار

المخرج عماد برناط مع كاميراته.. الفيلم إنتاج وإخراج مشترك مع الإسرائيلي غاي ديفيدي
TT

اختار المصور الفلسطيني عماد برناط أن يعرض فيلمه الوثائقي الطويل «خمس كاميرات مكسورة» المرشح لجائزة أوسكار للأفلام الوثائقية أمام الجمهور الفلسطيني. وقال برناط لـ«رويترز» بعد عرض فيلمه الذي يشاركه في إنتاجه ناشط السلام الإسرائيلي غاي ديفيدي على خشبة مسرح قصر رام الله الثقافي «لدي أمل كبير أن أفوز بجائزة الأوسكار بعد كل تلك الجوائز التي حصلت عليها بعد سنة ونصف من عرض الفيلم في الكثير من المهرجانات الدولية».

ويقدم الفيلم على مدار ساعة ونصف الساعة حصيلة سبع سنوات من التصوير لنضال سكان قرية بلعين شمال غربي مدينة رام الله ضد الجدار الذي أقامته إسرائيل على أراضيهم من خلال قصة المصور الشخصية. وقال برناط: «هذا الفيلم يمثل وجهة نظري الخاصة وشهادتي على أحداث قريتي في نضالها ضد الجدار، عائلتي حاضرة في الفيلم لأنها تمثل حياة الفلسطينيين وأطفال ولدوا وكبروا على أصوات الرصاص ومداهمة جيش الاحتلال لمنازلهم».

ويوثق الفيلم الصراع الدائر بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود على الأرض وأساليب نضال سلمية متعددة بمشاركة متضامنين أجانب وإسرائيليين يجري اتباعها لحماية الأرض. ويظهر الفيلم إصرار الفلسطينيين على التمسك بأرضهم وعدم قبولهم بالأمر الواقع حتى بعد إقامة سياج حديدي يصادر آلاف الدونمات من أرضهم حيث نجحوا في الحصول على قرار من محكمة إسرائيلية لتغيير مساره.

ويقدم الفيلم الكثير من الحوارات بين الناشطين في مواجهة الجدار وبين أفراد من الجيش الإسرائيلي والمستوطنين التي تتحول في كثير من الأحيان إلى عنف قتل فيه عدد من الفلسطينيين على مدار السنوات السبع التي صورها. ويجسد الطفل جبريل الابن الرابع لبرناط الذي ولد مع بداية انطلاقة المقاومة الشعبية لمواجهة الجدار عام 2005 حياة أطفال يكبرون قبل أوانهم على صوت الرصاص وقنابل الغاز واعتقال ذويهم أمامهم.

ويبرز الفيلم مشاهد متعددة للأطفال ودورهم في هذه المقاومة الشعبية منها قيامهم بمسيرة باتجاه الجدار حيث يتمركز الجنود مرددين شعار: «نريد أن ننام». وفي مشهد آخر يظهر الفيلم جنودا إسرائيليين وهم يقتحمون القرية لاعتقال أطفال من منازلهم على الرغم من صرخات أمهاتهم بمنع اعتقالهم. ويعرض الفيلم مسيرة عدد من شباب القرية الذين دفعوا حياتهم ثمنا لمشاركتهم في التصدي للجدار والتوسع الاستيطاني مستخدمين ألقابا عرفوا بها في القرية، منها الفيل والضبع وكل له من اسمه نصيب. ويروي برناط حكاية عنوان الفيلم التي تمثل الكاميرات الخمس التي تكسرت أثناء تصويره لمواجهات كانت تشهدها القرية. ويحتفظ برناط بكاميرا من تلك الخمس كان لها الفضل في إنقاذ حياته حيث استقرت فيها رصاصتان.

وقال: «أنا مؤمن بأن الموت قدر، ولكن في إحدى المرات قام جندي بإطلاق النار علي من على بعد ثلاثين مترا.. لكن الرصاصات أصابت الكاميرا بينما كنت أصور فيها مواجهات تجري بين الشبان وجنود الاحتلال».

وأضاف برناط الذي تعرض للاعتقال والإصابة خلال هذه السنوات السبع: «كنت دائما أشعر أن الكاميرا تحميني وما زال لدي كاميرا ترافقني دائما فهي سلاحي». وقاطع الجمهور الذي امتلأت به قاعة مسرح قصر رام الله الثقافي الذي يتسع لما يقرب من 800 شخص الفيلم بالتصفيق مع كل مشهد نال إعجابهم. ومن تلك المشاهد، نقد حاد وجهه المخرج لعدد من السياسيين الذين كانوا يحضرون إلى القرية قبل بدء المواجهات لتحقيق المكاسب السياسية والتقاط الصور والمغادرة. ودافع برناط عن إشراك إسرائيلي معه في إنتاج الفيلم وقال أمام الجمهور بعد انتهاء العرض ردا على سؤال حول ذلك: «توجهت إلى الكثير من المؤسسات الفلسطينية ولم أجد أحدا يساعدني لإنتاج الفيلم».

وأضاف: «هذا ليس تطبيعا، مساعدي غاي ديفيدي في إنتاج الفيلم هو متضامن كان يأتي إلى القرية ليتضامن معنا، عرضت عليه الفكرة ووافق. هذا شيء وليس تعاونا فلسطينيا إسرائيليا لإنتاج هذا الفيلم». وأوضح برناط أن وسائل الإعلام تحدثت كثيرا حول الموضوع ومنها من قال إن الفيلم رشح للأوسكار على أنه إسرائيلي: «وهذا غير صحيح لأن الأفلام الوثائقية ترشح بأسماء مخرجيها لا دولهم».

وبدا سكان قرية بلعين الذين حضر عدد كبير منهم لمشاهدة الفيلم سعداء بما قدمه ابن قريتهم من توثيق لنضالهم ضد الجدار والاستيطان. وقال أديب أبو رحمة الناشط في مقاومة الجدار والاستيطان والذي يظهر كثيرا في الفيلم «لقد أعدنا الفيلم إلى كل تلك الأيام، كنت أحس وأنا أشاهد الفيلم أنها تحدث الآن».

وأضاف أبو رحمة الذي أمضى سنة ونصف السنة في السجن ثمنا لهذا النشاط «هذا الفيلم يمكن أن يسهم في تعميم تجربة قريتنا ونضالنا ضد الجدار والاستيطان لكل القرى الفلسطينية كما أنه يشكل مادة يمكن استخدامها لمحاكمة إسرائيل على جرائمها».