«أحيانا أضحك مثل شقيقتي».. مسرحية بريطانية تستكشف مشاعر الحزن والفقدان

تدور حول معاناة شقيقة صحافية قتلت في الصومال

ريبيكا بيتون (الصور من فايتال دايغرشن) و ملصق مسرحية «أحيانا أضحك مثل شقيقتي»
TT

عندما قتلت كيت بيتون، المنتجة في «بي بي سي»، في العاصمة الصومالية مقديشو في فبراير (شباط) عام 2005. نعتها كل الصحف البريطانية وأشادت بكفاءتها ومهارتها كصحافية مؤكدة على حبها للناس والقارة السمراء التي عاشت بها وعبرت الصحف أيضا عن مدى حب الآخرين وافتقادهم لها. مع ذلك ما لم تذكره تلك الصحف هو الضغط الذي يدفع صحافيين مثل كيت إلى اتخاذ قرارات متهورة تتسم بالمجازفة من أجل الحفاظ على وظائفهم. كذلك لم يستطيعوا نقل كرب أسرتها وألمها منذ أن علموا بالخبر. ولكن شقيقة كيت، ريبيكا بيتون التي تشتغل بكتابة المسرحيات والتمثيل في الوقت الحالي أخذت على عاتقها ذلك فكتبت مسرحية تتجول بها حول العالم لتروي قصة أختها حتى تملأ كل الفراغات.

تحمل هذه المسرحية العاطفية الشخصية عنوان «Sometimes I Laugh Like My Sister» (أحيانا أضحك مثل شقيقتي) تقوم ريبيكا بتمثيلها وتشاركت في كتابتها مع مارتن بارتيلت. أمام المتفرج على المسرح لا يوجد سوا ريبيكا مع مقعد وكوب ماء. تروي ريبيكا قصتها بروح مرحة وقوة وسحر لا مثيل لها. وتقول: «إنه تمثيل. أقف على خشبة المسرح لأقدم شخصية أملا في أن أثير داخل نفوس المتفرجين مشاعر حقيقية».

ورغم معالجتها للمسرحية كمشروع مهني احترافي، من الصعب على أي شخص سمع قصتها أن يتجاهل الجوانب الشخصية لها. ولهذا العمل جوانبه الإيجابية والسلبية. لا يستمر الإنصات إلى امرأة تتحدث على خشبة المسرح عن كل التفاصيل منذ لحظة سماعها لخبر إطلاق النار على شقيقتها من الظهر أثناء عملها في الصومال مرورا بخبر مقتلها ووصولا إلى الجنازة في الفراغ على الخشبة. إنها تشارك الجمهور لحظات من البراءة ولمعة العينين والضعف وخفة الظل السريالية التي تظهر في أحلك اللحظات وأكثرها حزنا. ريبيكا هنا تحمل كل الأفكار السخيفة التي تخطر على بالك والدفقات الشعورية التي تبدو متجاوزة للحياة نفسها عندما يقف المرء أمام ما يشعر بأنه بوابة الحياة الآخرة بينما يمر عبرها شخص عزيز عليه.

وتوضح قائلة: «يمكن أن يشعر بهذا أي شخص من الجمهور فقد عزيزا. ما فكرنا فيه هو أنه سيكون من الرائع ألا نجعل من فقد شخصا عزيزا على قلبه يشعر بأنه وحيد. يشعر الكثيرون بالعزلة ولا يمكنهم التعبير عن هذا الشعور». تشير إلى واقعة تقول إنها من بين الأمور التي دفعت ريبيكا إلى الاستمرار هي التعليقات التي تلقتها بعد العرض: «أتت إلي امرأة وأخبرتني بأنني ساعدتها في التعامل مع مشاعر الحزن على والدها الذي توفي منذ ثلاثين عاما». وتذكر ريبيكا ذلك بكثير من الدهشة.

وراء هذا العنصر الإنساني العالمي هناك عنصر عملي. في منتصف المسرحية توضح ريبيكا أن قضية الضغط على الصحافيين قضية كبيرة تحتاج إلى الاعتراف بها من أجل حمايتهم. وتقول: «بالنسبة للذين يريدون أن يعملوا مراسلين في الخارج، هذا هو الطريق». للتأكيد على نقطتها هذه تجمع ريبيكا الكثير من الأحاديث التي أجرتها مع صحافيين عن موت شقيقتها وإرسال الصحافيين للعمل في أماكن خطرة مثل مقديشو وتقول: «لا لم يكن ينبغي أن تقوم بهذه الرحلة، لكن (بي بي سي) أقدمت على المخاطرة. لقد كانت كيت تعتقد أن وظيفتها مهددة لأن رئيسها في العمل أخبرها أن التزامها مشكوك فيه. الضغط أمر معتاد كما أخبرني صحافيون آخرون. ويشمل هذا الضغوط الصغيرة مثل خسارة مناسبة أسرية بسبب تغطية خبر، وكذا الضغوط الكبيرة. إن هذا يحدث كثيرا. إنه لأمر مرعب ولا يتحدث أحد عنه. يخشى الصحافيون فقدان منازلهم ومصدر رزقهم».

بالنسبة إلى ريبيكا يتعلق الأمر بحماية كل فئات الصحافيين الذين يقفون على خط النار في إطار عملهم.

تم إهداء كل عرض إلى خمسة صحافيين مختلفين فقدوا حياتهم وهم يؤدون عملهم وأسرهم. وبحسب لجنة حماية الصحافيين، كان عام 2012 من الأعوام التي شهدت تزايدا في عدد القتلى من الصحافيين بسبب ما يحدث في سوريا والصومال على وجه التحديد. ومنذ نهاية عام 2009. أي بعد نحو خمس سنوات من مقتل كيت، تم عرض المسرحية في سويسرا وإنجلترا وأسكوتلندا وتعرض حاليا في جنوب أفريقيا. وتقول ريبيكا: «إنها رائعة، لكنها ليست مريحة للأعصاب. إنها جزء من القصة. لا يمكنني أن أصف لك شقيقتي كما أنني لا أستطيع أن أصف لك معنى الخسارة. أتساءل في المسرحية عن كيفية وصف التوت البري إلى شخص لم يذقه من قبل».

* من المقرر أن يتم عرض مسرحية «Sometimes I Laugh Like My Sister» (أحيانا أضحك مثل شقيقتي) في عدد من المدن في جنوب أفريقيا حتى أبريل (نيسان) 2013.