بغداد تغرق من جديد.. وأمانتها تتذرع: لا نملك عصا سحرية

أهاليها يشكون وأحيانا «ينكتون» عبر مواقع التواصل الاجتماعي

فتيات يشققن طريقهن عبر شارع حولته مياه الأمطار إلى نهر في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

فيما تعرضت مناطق عدة من بغداد لموجة طوفان كبرى هي الثانية من نوعها هذا العام، نتيجة تواصل هطول الأمطار بمستويات عالية على مدى يومين متتاليين مما شل حركة السير وعطل الحياة في المدينة، تذرعت أمانة العاصمة، الجهة المعنية بالأمر بأنها «لا تمتلك العصا السحرية لإنقاذ بغداد من الغرق، وأن ما هطل من كميات الأمطار يكفي لإغراق كبريات العواصم العالمية».

موجة الأمطار السابقة، التي اجتاحت مدن العراق قبل أقل من شهر ودخلت البيوت السكنية وخلفت خسائر في الأرواح، فضلا عن تدمير الممتلكات وتسببت بحوادث مميتة وخسائر اقتصادية كبيرة، اضطرت الحكومة الاتحادية في العاصمة وكثير من الحكومات المحلية وقتها إلى تعطيل الدوام الرسمي، في حين تواجه مدن عراقية أخرى كالسليمانية في كردستان إلى موجات أمطار مماثلة تمتد لأيام متتالية دون أن تتسبب في غرق شوارعها أو مناطقها السكنية.

أمانة بغداد، حاولت تبرئة ساحتها بالقول عبر تصريح للوكيل الإداري نعيم عبعوب إن «شبكة المجاري التي نمتلكها تستوعب كمية محدودة من المياه وإذا ما ازدادت الكمية عن معدلاتها الطبيعية فإن المجاري ستطفح، وهذه مسألة علمية». وأكد أن «ملاكات الأمانة تتابع بشكل ميداني الشوارع والأحياء وتقوم بجولات صباحية ومسائية لتفقد الأماكن التي يمكن أن تكون خارج السيطرة».

ويقول المهندس عبير السعدي، لـ«الشرق الأوسط»: «كان عام 2002 آخر عهد للعراق والعراقيين بالمطر الغزير الذي أغرق مناطق كثيرة من العاصمة بغداد، لكن النظام آنذاك كان يتذرع بعدم الإنفاق على البنية التحتية للبلاد بسبب الحصار الاقتصادي المفروض عليه منذ عام 1990». ويضيف: «منذ ما يقرب من عشر سنوات، ظل العراقيون يصلون للمطر بسبب الجفاف الحاد، واليوم يصلون من أجل توقفه بعد انكشاف الخلل الخطير في كل شيء برغم عدم وجود حصار اقتصادي مع موازنة ضخمة بلغت منذ عام 2003 وحتى اليوم 700 مليار دولار، وهي ميزانية تعادل ميزانية أربع دول».

ولكن كعادتهم وجد العراقيون في محنتهم هذه ما يضحكهم أيضا إذ تداولوا صورا كوميدية تسببت فيها موجة الأمطار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها صور لاستخدام مواطني المحلات السكنية الغارقة للقوارب في عبور الشارع، أو استخدام السنارة لصيد الأسماك أو مقارنة أحوال بغداد بغيرها من المدن الراقية وهي تتعرض للمطر.

الطالبة نور علي كتبت عبر صفحتها في الـ«فيس بوك»: «قضيت ثلاث ساعات في الطريق بسبب غرق معظم الشوارع، حتى تمكنت من الوصول إلى قاعة الامتحان، في حين أن جامعة بغداد تقع وسط أجمل منطقة فيها، هي منطقة الجادرية».

واستنجد ساكنو مناطق الطالبية والحرية والدولعي والشعب بسيارات الإسعاف والشرطة لإنقاذ مواطنين علقوا في الفيضانات ودخلت المياه إلى بيوتهم وبكميات كبيرة.

يذكر أن بغداد وبقية المحافظات العراقية تعاني منذ سنوات من مشاكل كبيرة وجدية في مجال الخدمات، لا سيما تلك المتعلقة بالكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي وشبكات الطرق وغيرها برغم وعود الحكومة والمسؤولين المحليين، كما أن المشاريع المعلن عنها في هذا المجال إما متلكئة أو غير مستوفية للمواصفات المحددة، وسط تبادل الاتهامات بين الحكومات المحلية والوزارات الاتحادية المعنية.