انتزع الشيف الفرنسي تيبو روجييري، (32 عاما)، جائزة «البوكوس الذهبي» العالمية لأفضل طباخ، في مسابقة جرت في مدينة ليون، (جنوب فرنسا)، مساء أول من أمس، وبحضور راعي المناسبة وسفير المطبخ الفرنسي الشيف بول بوكوس (78 عاما). وذهبت الجائزة الفضية إلى طاه من الدنمارك والبرونزية إلى طاه من اليابان.
يعمل الفائز طاهيا مساعدا لقسم الابتكارات المالحة لدى فرع لمحلات «لونوتر» الفرنسية الشهيرة للحلويات والأطعمة الجاهزة. وقد تمكن من لفت أنظار لجنة التحكيم بشريحة من لحم البقر مع ملحقاتها، منسقة في الطبق مثل لوحة فنية. وقد حضر المناسبة 120 طاهيا شهيرا من بلدان كثيرة، من الحاصلين على نجوم في دليل «ميشلان» تصل في مجموعها إلى 206 نجمات. وقد اجتمعوا في مبنى بلدية ليون، عرين بول بوكوس، ليحتفوا به بعد أن منحته مؤسسة أميركية تعنى بشؤون فنون المائدة لقب «طباخ القرن».
جرى التكريم في إطار «قمة الطهاة» أو الصالون الدولي الثلاثين للمطاعم الذي انعقد في ليون خلال الأيام الثلاثة الماضية. وقال الطباخ روهان فرناندوبول، الشيف في فندق «هيلتون» بمدينة كولومبو السريلانكية، إن بوكوس «أسطورة حية» وهو بمثابة الأب الروحي وعميد طباخي العالم. وكان بين الحضور عدد من التلاميذ السابقين للطباخ الفرنسي الذي تحولت مطاعمه إلى محطات يقصدها الذواقة. وهناك من يؤكد أن الفضل يعود إليه في تحول الطبخ إلى فن من الفنون وفي رفع شأن مهنة الطاهي في المجتمع.
نجح بوكوس في أن يخرج الطباخ من مطبخه. وكان أول من يترك الوقوف أمام الفرن ليدخل إلى صالة الطعام، مرتديا قبعته البيضاء الطويلة، ويلقي التحية على الزبائن ويشرح لهم مكونات كل طبق ومنشأ ما فيه من لحوم أو أسماك وخضار. وقد صارت «تحية الشيف»، في ما بعد، بمثابة التكريم لرواد أي مطعم راق. وقد نال بوكوس الكثير من أوسمة الشرف وصار شخصية فرنسية تتقدم على كثير من الزعماء والأدباء والفنانين والفلاسفة والعلماء.
بالإضافة إلى بوكوس رئيس الشرف، رأس لجنة تحكيم دورة 2013 الطباخ الإيطالي أنريكو كريبا، الشيف في مطعم «بيازا ديومو» بألبا، الذي حصل، مؤخرا، على نجمة ثالثة في دليل «ميشلان» لتقييم المطاعم. وهي المرة الأولى التي تتولى فيها إيطاليا رئاسة اللجنة. وتبقى من نجوم اللقاء، هذا العام، الطاهية الفرنسية الشابة آن صوفي بيك، إحدى القلائل من النساء اللاتي اخترقن النادي المغلق للطباخين أصحاب النجوم. كما سجل المطبخ المغربي حضوره للمرة الأولى في مسابقة «البوكوس» الذهبي ممثلا بالطباخ الشاب عصام جعفري. وقد جرت تصفيات تمهيدية في المغرب شارك فيها 10 طهاة متميزين قبل فوز جعفري بفرصة التنافس الدولي في فرنسا.
يذكر أن الجائزة الرفيعة المخصصة للطبخ الراقي رأت النور قبل ربع قرن على يد بول بوكوس، وهي تقام مرة كل سنتين بمدينة ليون الفرنسية وتسبقها 56 مسابقة محلية تمهيدية و3 مسابقات قارية في كل من أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية. وهي بالإضافة إلى جانبها التنافسي، تعتبر مناسبة لكشف مواهب جديدة بين الطباخين الشباب الذين يحملون شعلة المهنة في زمن طفت عليه مطاعم الوجبات السريعة والأطباق المجمدة. ويحصل كل مشارك على مدة 5 ساعات ونصف الساعة لإعداد وجبة كاملة، وتتسلط عليه أضواء وسائل الإعلام العالمية، ويستفيد، في ما بعد، من كل ما يتبع تلك الدعاية من عوائد، فضلا عن الانتعاش السياحي للمناطق التي تقع فيها مطاعم الطهاة المشاركين في المسابقة المرموقة. ولا شك في أن المطبخ الفرنسي حقق انتقامه، هذا العام، بعد أن كان آخر فوز له بجائزة «البوكوس الذهبي» في عام 2007. وكانت الدول الاسكندينافية قد برزت في مسابقات السنوات الأربع الماضية، حيث جمعت كلا من الدنمارك والنرويج والسويد 8 جوائز، بينها ذهبيتان وبرونزيتان و4 فضيات. وتأتي الجائزة على هيئة تمثال لبوكوس مع قبعته الطويلة، يشبه «الأوسكار» الذي يكافئ السينمائيين، وبثلاثة ألوان من المعدن، حسب درجة الجائزة.