مقتل جندي هندي على الحدود الباكستانية يتحول إلى مواجهة فنية ورياضية

منع الكثير من الرياضيين والفنانين الباكستانيين من ممارسة نشاطهم في الهند

علي ظفار المطرب الباكستاني الذي حقق شهرته في الهند
TT

على الرغم من أن التوتر على الحدود بين الهند وباكستان حول الادعاء بقتل القوات الباكستانية لجندي هندي وقطع رأسه في أوائل شهر يناير (كانون الثاني) قد هدأ قليلا، فإن المواجهة بين القوتين النوويتين المتنافستين لا تزال مستمرة ولا سيما في مجال العلاقات الرياضية والفنية.

وكانت المشاعر المعادية لباكستان قد تصاعدت بعد قطع رأس جندي هندي على حدود كشمير في 8 يناير الماضي. وقد اتهمت الهند القوات الباكستانية بالواقعة إلا أن إسلام آباد نفت مسؤوليتها.

وأدى التوتر بين البلدين إلى انسحاب جميع اللاعبين الباكستانيين المشاركين في دوري للهوكي في الهند، بعد احتجاجات من الجماعة الهندية المتطرفة شيف سينا في مومباي. وكان السبب الذي ذكر هو ضرورة حماية سلامة الجماهير واللاعبين.

وتم إبلاغ الفنان الباكستاني ونجم السينما الهندية، علي ظفر، بأنه لن يؤدي العرض الخاص به في مهرجان الموسيقى المزمع إقامته بمدينة بيون الهندية خلال الأسبوع الحالي. وتم إلغاء مشاركته بعد احتجاجات للسكان المحليين بسبب الجريمة التي وقعت على الحدود. وكان الممثل والمغني الشهير الذي ترك بصمته على السينما الهندية على مدى السنوات القليلة الماضية يتطلع إلى هذا الحفل، لذا أصيب بإحباط كبير، لكنه رفض التعليق على الأمر حفاظا على مشاعر الهنود.

من الضحايا الآخرين لهذه الواقعة المغني الشهير جواد بشير، الذي أدى عرضه مع فرقة ميكال حسن قبل يومين فقط من الواقعة. وكان من المفترض أن يقدموا عرضا في قاعة «سيري فورت» بدلهي، لكن تم إلغاء العرض أيضا في أخر لحظة. وقال حسن في مقابلة قبل مغادرة دلهي: «لقد مررنا بتجربة مثيرة جدا قدمنا فيها عرضنا أمام جمهور دلهي. من المحزن أن يتم إلغاء عروض بسبب قضايا أمنية. إن هذا لا يؤثر فقط على الفنانين، بل على معجبيهم أيضا. هدف موسيقانا هو الاحتفاء بتراثنا الثقافي المشترك لا السياسة. آمل أن تسود لغة العقل لأن عملية السلام أساسية ومهمة لكلتا الدولتين».

وكان للعداء تأثير على فاعلية ثقافية أخرى، حيث رحل 24 فنانا باكستانيا كان من المقرر أن يشاركوا في مهرجان مسرحي عن الهند دون أن يقدموا عروضهم. وكان فنانو فرقة أجوكا لاهور المسرحية (باكستان) يشاركون في مهرجان المسرح الخامس عشر الذي تنظمه الكلية الوطنية للدراما ووزارة الثقافة الهندية. وبعد تزايد التوتر بين الهند وباكستان بسبب العمليات التي تحدث على الحدود، تم إلغاء عروض باكستانية.

قالت مخرجة المسرحية مديحة جوهر: «إن هذا أمر محبط. كانت تقدم فرقتنا المسرحية عروضها في مختلف أنحاء الهند حاملة رسالة سلام. ويعلم محبو المسرح أننا نأتي إلى هنا برسالة وئام وتوافق. نحن ندين ما حدث. الحكومتان الهندية والباكستانية لعبة في أيدي الذين لا يرغبون في أن تستمر عملية السلام بين الدولتين».

وبالمثل كان من المفروض أن تقدم الأكاديمية الوطنية للفنون التمثيلية الباكستانية مسرحية في دلهي إلا أنه تم إلغاؤها في آخر لحظة. وتجدر الإشارة إلى أن المسرحتين المذكورتين تحتفيان بمئوية سادات حسن مانتو الكاتب الهندي الذي هاجر إلى باكستان بعد التقسيم عام 1947 وكتب الكثير من الأعمال الرائعة حول الحرية الفردية وفخ السياسات الطائفية.

وتجدر الإشارة إلى أنه منذ تقسيم الهند وباكستان عام 1947، أصبح الفن هو همزة الوصل بين البلدين. وعلى الرغم من الحدود التي ترسمها الدولتان وتمحوها، هناك إرث ثقافي مشترك يجعل من باكستان واحدة من أهم الأسواق في مجال الترفيه الهندي والعكس صحيح. دائما ما كان المغنون والممثلون الباكستانيون محل ترحيب من الهنود والسينما الهندية. وفي تطور كبير آخر، عاد كل لاعبي فريق الهوكي الباكستاني، الذي يبلغ عددهم تسعة والذين قدموا إلى الهند للعب في دوري الهوكي الهندي، إلى موطنهم من دون أن يلعبوا المباراة في البطولة. وحدث ذلك بعد احتجاجات نظمها الهنود في مومباي في أعقاب التوترات التي شهدتها الحدود، حيث هددت الحشود بوقف المباريات إذا نزل اللاعبون الباكستانيون الملعب. وقال صاحب أحد التوكيلات الذي رفض ذكر اسمه: «أصبح قتل الجنديين الهنديين والتمثيل بجثتيهما مسألة عاطفية. ونرى أنه من الضروري أن نجعل الباكستانيين يغادرون ونعوضهم لأنهم لا ذنب لهم».

وقال باترا، أمين اتحاد الهوكي الهندي في مقابلة تمت عبر الهاتف واصفا الموقف الحالي بـ«غير العادي»: «لقد أبلغنا حاملي الأسهم واتحاد الهوكي الباكستاني قبل اتخاذ هذا القرار، ووافقوا جميعا عليه. وسيتم دفع المبلغ المنصوص عليه في العقد عام 2013 بالكامل لباكستان». وكان رد أمين اتحاد الهوكي الباكستاني، آصف باجوا، على الأحداث من خلال مكالمة هاتفية هو أن القرار اتخذ لضمان أمن اللاعبين.

وأوضح قائلا: «لم تكن الأمور خطيرة إلى أن حدثت الواقعة على الحدود، لم يصبح لدينا أي خيار سوى الطلب من فريق الهوكي الهندي أن يعيد إلينا اللاعبين. لن تتأثر علاقتنا الودية مع فريق الهوكي الهندي، كذلك سنستمر في التحضير لسلسلة المباريات الثنائية التي من المقرر أن تتم بين شهري مارس (آذار) وإبريل (نيسان). وستظل عقود اللاعبين سارية». وأعلن آميت بورمان، صاحب «مومباي ماجيشانز، أن فريقه تمكن من التعاقد مع 4 لاعبين من أستراليا بدلا من 4 لاعبين باكستانيين.

وقد أجبر الخوف من مشكلات مماثلة المجلس الدولي للكريكيت على البحث عن ملاعب منفصلة لمباريات باكستان في بطولة العالم لهوكي السيدات. ومن المقرر أن يعقد كأس العالم للسيدات في مومباي في الفترة من 31 يناير إلى 17 فبراير (شباط).

وعلقت الهند منح التأشيرات للمواطنين الباكستانيين من كبار السن. الجدير بالذكر أن الهند وباكستان وقعتا على اتفاقية خاصة بالتأشيرات في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي تسهل بموجبها كل دولة منح تأشيرات لمواطني الدولة الأخرى. كذلك توجب هذه الاتفاقية منح كل دولة تأشيرات لمواطني الدولة الأخرى من كبار السن على الحدود بين أتاري وواجة.

على الجانب الآخر، عاد وفد مكون من 22 رجل أعمال باكستانيا إلى بلادهم على الرغم من أنه كان من المفترض أن يحضروا قمة غوجارات العالمية عام 2013، التي تشارك فيها أكثر من 120 دولة من مختلف أنحاء العالم. ومع تصاعد التوترات على الحدود، طُلب من الوفد، الذي وصل إلى غوجارات من أجل حضور القمة، الإقامة في فندق فخم في مدينة أحمد آباد، ثم ذهب إلى سورات ومنها إلى مومباي، حيث غادروا الهند عائدين أدراجهم دون أن يحضروا القمة.

وأجّلت وزارة الداخلية الهندية إطلاق سراح 29 سجينا وصيادا باكستانيا في ظل الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد. ومن الواضح أن المزاج العام هو ما يتحكم في خطوات الحكومة الهندية. وتشير مصادر إلى اتخاذ قرار بعدم الترحيب بممثلين من النخبة المثقفة أو أي شخصية ثقافية أخرى من باكستان بسبب تقارير أجهزة الأمن عن احتمال تعرضهم لهجوم قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين البلدين.