«شرلوك ـ بوارو».. شركة متخصصة في المراقبة هي الأولى في الشرق الأوسط

تقوم بعمل الجندي المجهول إلى جانب الدولة اللبنانية

مارسيل جعارة داخل أحد مكاتب الشركة
TT

لم يكتف الزوج بخيانة زوجته بل تجرأ على إحضار عشيقته إلى البيت الزوجي، لكن الزوجة رفضت الإبلاغ عنه وبالتالي سجنه على فعلته هذه (كما ينص القانون) وفضلت التستر على القضية من أجل بناتها. وهكذا نجحت سارة ف. (44 عاما) في تقديم الدليل لزوجها الذي كانت متأكدة من خيانته لها، بعد أن لجأت إلى شركة «شرلوك – بوارو» اللبنانية - البلجيكية التي تأسست في لبنان عام 1990 على يد المحامي مارسيل جعارة ونجله مروان البروفسور في الأبحاث والتدقيق.

هذه الفكرة التي تعتمد على مخبر سري جاهز للقيام بمهام خاصة تشمل الأراضي اللبنانية كافة، تذكرنا بالتحري الخاص على شاشة التلفاز «بيري مايسون» في فترة السبعينات. ويقول جعارة في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في مكتب الشركة في محلة الأشرفية (في العاصمة بيروت): «تتوزع القضايا التي تتولاها شركتنا بين الدعاوى الزوجية، وقضايا مهنية وشخصية وسرقات، كما يلجأ إلينا عدد لا بأس به من الآباء الراغبين في معرفة سلوك أولادهم القاصرين عما إذا كانوا يلتحقون فعلا بمعاهدهم الدراسية أو يتلهون عنها بممارسات سيئة».

ويتابع موضحا أن إنجازات الشركة على صعيد الخيانة الزوجية واكتشاف العشاق في الجرم المشهود كثيرة، وكثيرا ما طرد موظفون من وظائفهم بعد اكتشاف خداعهم لرب العمل وإيهامه أنهم يقومون بمهامهم بالصيغة الفضلى في حين أنهم يقضون أوقاتهم في المنتجعات السياحية.

حتى أن بعض مديري المدارس طردوا من مراكزهم بعدما تبين أنهم يغطون على غياب بعض التلامذة مدمني المخدرات عن المدرسة لقاء رشوة.

ولا تتوقف القضايا التي تتولاها الشركة هنا بل نجحت في مواجهة موجة السيارات التي كانت تسرق والتي كان السارق يبيعها لأصحابها مجددا بمبلغ يتراوح بين 2000 و3000 دولار كحد أدنى.

واللافت في شركة «شرلوك – بوارو» أن التحري الخاص يحافظ على الصحة العامة، من خلال مراقبته لحالات الخيانة ووضع حد لها، حيث يلتقط الزوج أحيانا أمراضا كالسيدا و«التعقيبة» وهذه الأمراض خطيرة عليه وعلى زوجته وعلى أولاده. وفي هذه الحالة تحدث الملاحقة من خلال السيارات السريعة كالبورش حيث تقوم خمسة منها بعملية المطاردة، دون أن يلغي عمل الشركة دور القضاء، فحين تطلب المحكمة من صاحب شكوى معينة تقديم إثباتات أو قرائن، يأتي دور التحري كمعاون للقضاء والعدالة وهو يعوض أحيانا كثيرة عن عجز أجهزة الدولة الرسمية في بعض الملفات العالقة. ويؤكد جعارة أنه معنا أصبح الزوج أو الزوجة يعدان حتى الألف قبل أن يتجرأ أحدهم عل الخيانة، معتبرا أن الشركة أشبه بكلب الصيد الذي يتربص بالطريدة، ثم يقول للدولة التي تمتلك البندقية أن تطلق النار.

أما عن تسبب عمل الشركة بالتعدي على خصوصيات الناس وحريات الأفراد فيشير جعارة إلى أن مخبري الشركة السريين لا يتعدون على خصوصيات الناس، ولا يدخلون إلى حرمات المنازل والأماكن الخاصة وهم ملتزمون بذلك بموجب الدستور.

وبحسب جعارة فإن الشركة بلجيكية الأصل وهي متخصصة بالمراقبة، وتمتلك فروعا في دول عدة في العالم كأميركا وأوروبا، ما عدا الدول المتخلفة التي تسود فيها الديكتاتورية، مشددا على أننا اخترنا لبنان ليكون الدولة العربية الوحيدة التي تمتلك شركة مماثلة في المنطقة كونه السباق في الحرية والانفتاح والثقافة في المنطقة.

وفي سياق تعريفه بالشركة يشير جعارة إلى أن أهم ما في الشركة أنها لا تراقب السياسيين مهما بلغ الثمن، حتى أننا لا نقبل بكل القضايا بمعنى أنه إذا أتى أحدهم يريد مراقبة جارته أو صديقته نرفض القيام بالمهمة، فيما نقبل التحري عن شاب معين بناء على طلب الفتاة التي تنوي الخطوبة منه.

ويؤكد جعارة أنه كتب لكل المهمات الصعبة التي تتولاها الشركة النجاح ونال فيها الغشاش واللص قصاصه، كما في ختام أي فيلم تشويق هوليوودي كونها تقوم بعمل الجندي المجهول إلى جانب الدولة.

وفيما يتعلق بالتسمية فهي مأخوذة من الاسم الأول والاسم الثاني لأشهر المخبرين السريين العالميين الذين برزوا في أفلام التشويق وهما شرلوك هولمز وهيركول بوارو.

ولأن العمليات الناجحة تحتاج إلى مخبرين محترفين تفرض الشركة شروطا ومواصفات ذهنية وبدنية على المخبر، حيث تختاره أولا ثم تختبره في قضية معينة، ثم تتحرى عنه وفي حال اجتاز الاختبار يتم قبوله، وبعدها تطلق عليه اللقب الذي تستوحيه من شكله أو طبعه.

ومن الصفات التي يجب أن يتحلى بها الديناميكية والذكاء ويكون حاملا للشهادة في التحري الخاص وفي كيفية الملاحقة والمشي في الظل، فضلا عن سرعة البديهة، وأن يجيد الكاراتيه أو الجودو للدفاع عن نفسه عند الحاجة لأنه من غير المسموح له حمل السلاح.

وفي كل الأحوال على المخبر السري الناجح البقاء غير معروف لأنه في اللحظة التي يعرف فيها يحترق، فمعظم مخبرينا درسوا هذه المهنة في الخارج، ومنهم من كانوا تحريين رسميين وتقاعدوا، ومنهم من نختارهم من طلاب الجامعات، وجميعهم يرفضون الإطلالات الإعلامية لاعتمادهم مبدأ السرية في العمل.

وحول الكلفة الباهظة لهذه العمليات فإنها تمول من قبل صاحب القضية، لأن من يأتون إلينا هم من المقتدرين ويدفعون دائما أضعاف السعر الذي نطلبه، وبالتالي كل قضية تمول نفسها وفق جعارة. وفي الختام يكشف جعارة عن المباشرة بتأسيس مدرسة للمخبرين السريين سيتم افتتاحها قريبا في بيروت وهي الأولى من نوعها في لبنان والشرق، ويتطلب التخصص فيها ثلاث سنوات، وستقسم المواد بين نظرية وعملية على أن يدرس فيها أساتذة متخصصون في هذا المجال.