مسرحية «اسرق أقل رجاء» للإيطالي داريو فو تعرض في رام الله

الممثلة الشابة مرح ياسين قدمت الشخصية المحورية في المسرحية (مريم)، حفارة القبور التي تتواصل مع الأموات (أ.ف.ب)
TT

يتناول المخرج الفلسطيني فتحي عبد الرحمن واقع الفساد المالي والسياسي والاجتماعي في المجتمعات العربية في مسرحيته الجديدة «اسرق أقل رجاء»، وهي للكاتب الإيطالي داريو فو الحائز على جائزة نوبل للآداب. العمل المسرحي ترجمه إلى العربية السوري نبيل الحفار وعرض على مسرح قصر رام الله الثقافي مساء الأربعاء بمشاركة 13 ممثلا وممثلة لعب الكثير منهم أكثر من دور.

وكتب المخرج في نشرة وزعت قبل العرض: «اخترنا هذه المسرحية لأنها مبدعة وجريئة في مقولتها ولأنها تفتح العيون على اتساعها لرؤية الحقائق وتحفز على قول (لا) لمن يخدعون ويضللون ويستخفون بشعوبهم وبالكرامة والإنسانية، ولأنها تعزز الأمل وحلم العدالة والحرية».

وتبدأ حكاية المسرحية التي يقدمها مسرح «الفن الشعبي» من قصة فساد تتناول الأموات من خلال سعي شركات استثمار لنقل مكان مقبرة لإقامة مشاريع عليها ودفع رشى من أجل ذلك.

وتتناول المسرحية التي قال مخرجها إنها المرة الأولى التي تقدم بالعربية بعد 30 عاما على بدء تقديمها في عدد من العواصم الأوروبية فساد الأفراد والمسؤولين كل حسب موقعه وسلطاته، من حفار القبور إلى مدير المقبرة ومرورا بمدقق حسابات على علاقة بمسؤولين كبار في الدولة لهم علاقة بالكثير من الأعمال المشبوهة واستغلال النفوذ والمنصب.

أوضح عبد الرحمن أنه أجرى بعض التعديلات الطفيفة على النص الأصلي ليتواءم مع البيئة الفلسطينية، إضافة إلى اختصار الوقت من ثلاث ساعات ونصف إلى ساعتين.

وقال لـ«رويترز» بعد العرض: «اختصرنا الوقت لأن الجمهور الفلسطيني غير معتاد على مشاهدة مسرحية تمتد لثلاث ساعات، إضافة إلى أن الفساد موجود في كل زمان ومكان بالتالي عملنا على إجراء تعديلات طفيفة دون المساس بالفكرة الأصلية للمسرحية لتناسب البيئة الفلسطينية».

ويستحضر عبد الرحمن في بعض مشاهد المسرحية أحداث الربيع العربي والشعارات التي كانت ترفع فيه مطالبة بإسقاط أنظمة الحكم وعمليات القتل من خلال إطلاق أجهزة الأمن النار على المتظاهرين.

وينقل المخرج وصفا لتلك المشاهد من خلال حوار بين الممثلين العاملين في مقبرة مع وجود مجموعة من التوابيت يجلس الممثلون على أحدها ويتناولون طعامهم على آخر. تنتقل المسرحية تدريجيا بالكشف عن الفساد الذي يبدأ باعتراف مسؤول المقبرة عن تلقيه الرشوة وصولا إلى إبراز وثائق تدين مسؤولين كبارا في الدولة. ويشاهد الجمهور استغلال السلطة لنفوذها لإخفاء فسادها وترسل كل من يدعي وجود فساد إلى مستشفى للأمراض العقلية.

الممثلة الشابة مرح ياسين قدمت الشخصية المحورية في المسرحية (مريم)، حفارة القبور التي تتواصل مع الأموات. وقالت بعد العرض إن المسرحية تمثل الواقع الفلسطيني بشكل كبير. وأضافت لـ«رويترز»: «الحلو في المسرحية أنها تقدم الواقع دون ذكر أسماء، ولم يكن سهلا تقمص أكثر من دور في مسرحية تمتد لساعتين». وتابعت: «أنا مثلت إرادة المجتمع في هذه المسرحية وبدأت من فتاة لا تعرف شيئا سوى عملها في حفر القبور لتعرف الكثير عن الفساد وتصر على محاربته».

وتختتم المسرحية التي تعددت الآراء حولها بمشهد تقرر فيه مريم العودة إلى عملها الأصلي حفارة للقبور، مع قولها لأحد وزراء الحكومة الفاسدين: «أنا سأعود إلى عملي الأصلي ولكننا سنلتقي قريبا لأدفنك تحت التراب».

وقالت وزيرة الثقافة سهام البرغوثي بعد مشاهدتها المسرحية: «دعمنا هذه المسرحية لأننا نؤمن أن المسرح أداة للتوعية والتعبير، ونحن مع محاربة الفساد في كل أشكاله». وأضافت: «رغم أن هذه المسرحية مترجمة فإن الشعوب تتشارك في نفس الهموم، وكلي أمل أن تكون لدينا نصوص مسرحية فلسطينية تنهض بالمسرح الفلسطيني».

وعبر عدد من الحضور عن إعجابهم بالعمل المسرحي، وقال الممثل عمر الجلاد بعد العرض: «شاهدت عملا ذا قيمة يشكل إضافة إلى المسرح الفلسطيني». وأضاف: «كنت أخشى من طول مدة المسرحية لكن المخرج نجح في استدراج الجمهور كي يتابع العمل حتى النهاية».

ورأى المخرج المسرحي الفلسطيني كامل الباشا أن هناك قصورا في استخدام كل طاقة الممثلين، إضافة إلى وجود فراغ على خشبة المسرح لم يتم استغلاله. وقال: «هناك الكثير من المشكلات في العرض سواء في استخدام الإضاءة أو الألوان، إضافة إلى كيفية الانتقال من مشهد إلى آخر. بالإمكان أن يكون العمل أفضل».

أما مخرج المسرحية فقال: «نحن في المسرح الشعبي مسرح جوال، وبالتالي نحاول أن تكون المسرحية مناسبة للعرض في أي مكان نظرا لافتقارنا إلى بنية تحتية لمسارح حقيقية». وأضاف: «سنواصل العروض المسرحية على مدار الأشهر الثلاثة القادمة في الكثير من المواقع في الضفة الغربية، وسيتم الإعلان عن البرنامج في وقت لاحق».