فتوى التحريم تطارد فرقة فتيات موسيقية بكشمير

أعضاء الفرقة يغادرن الولاية رغم تراجع الجماعات المتشددة

براغاش
TT

اضطرت أول فرقة فتيات موسيقية في كشمير إلى التوقف عن الأداء بعد فتوى أصدرها المفتي التي قال فيها إن الغناء حرام شرعا، وهو ما قوبل بهجوم كبير. وكانت طالبات بالصف العاشر، وهن عازفة الغيتار والمطربة نوما نظير، وعازفة الطبل فرح ديبا وعازفة الغيتار أنيكا خالد، قد شكلن فرقة «براغاش» الذي يعني «الضوء الأول» باللغة الكشميرية. وكان أداء الفرقة مميزا لامعا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي خلال مسابقة الفرق الموسيقية في سريناغار. وفازت الفرقة بجائزة أفضل عرض رغم أن هذا كان أول ظهور لها.

وكان المسؤولون في كشمير الهندية قد ذكروا أن الشرطة اعتقلت ثلاثة أشخاص لإرسالهم رسائل تهديد على شبكة الإنترنت لأعضاء الفرقة.

وأوضح مسؤول بالشرطة، رفض الإفصاح عن هويته، أنه «تم اعتقال ثلاثة أشخاص ليلة الأربعاء من بينهم شخص من سريناغار عاصمة الولاية واثنان من جنوب ووسط كشمير».

وتلقت الفتيات العضوات في الفرقة، اللاتي لا يزلن في المدرسة الثانوية، سيلا من رسائل الكراهية على الإنترنت منذ فوزهن بالجائزة. ورغم إصرارهن على الاستمرار في تقديم الموسيقى، بعد أن وصفهن مفتي جامو وكشمير بشير الدين أحمد، بـ«غير المحترمات» وأصدر فتوى بحل هذه الفرقة، اضطررن إلى التوقف عن تقديم الموسيقى.

ونظرا لقلة حيلة عائلات الفتيات أجبرت بناتها على قطع كل اتصال بالعالم الخارجي خاصة وسائل الإعلام، حيث قالت أم إحدى الفتيات: «لقد صادرنا منهن الهواتف الجوالة وأجهزة الكومبيوتر المحمولة، وتم حل الفرقة. لا يتمتع أحد بالأمان هنا، ولا يمكن أن تحمينا رسائل رئيس الوزراء على موقع (تويتر) ولا الشرطة». وأكدت والدة إحدى الفتيات عبر الهاتف أن ابنتها قررت ترك الفرقة، مشيرة إلى أنها تقيم عند بعض الأقارب خارج كشمير إلى أن تنتهي هذه المشكلة وتتوقف الجلبة.

وقال عدنان ماتو، معلم الموسيقى لفرقة الفتيات ومديرها: «إنهن يشعرن برعب شديد ويريدن نهاية لهذا الجدل فورا». وأضاف أن الفتيات لن يتحدثن عن قرارهن بحل الفرقة أو عن أسبابه. وأوضح ماتو قائلا: «أنا أعرف من واقع خبرتي خلال الأعوام الثمانية الماضية أننا قادرون على التعامل بسهولة مع التجاوزات التي نراها على الإنترنت. لقد خذلنا المفتي الذي طلب منا أن ننسى الموسيقى وصرح بأن فرقتنا حرام وضد الدين».

وقالت أم إحدى الفتيات، التي رفضت ذكر اسمها: «شعرت ابنتي بالإحباط والحنق، لذا قررنا أن نجعلها تترك المدينة لفترة من الوقت».

وتعد كشمير ولاية ذات أغلبية مسلمة ويعرف المتشددون الإسلاميون فيها بمحاولتهم فرض الشريعة وإغلاق دور السينما ومتاجر بيع المشروبات الكحولية منذ بداية التمرد ضد الهند عام 1990.

وبعد فترة قصيرة من فوز فرقة الفتيات بالجائزة، أثير جدل ساخن حول الفرقة على الصفحات الكشميرية لمواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك». وتساءل البعض عما إذا كان أداء الفرقة يناسب مجتمع كشمير الذي يهيمن عليه المسلمون، في حين طرح آخرون أسئلة أكبر حول الإسلام والموسيقى ودور المرأة في المجتمع. دعم الكثير من المعلقين الفتيات، لكن اتخذ آخرون موقفا معارضا هجوميا ووصفوا الفتيات بأنهن «فاسقات» و«عاهرات» ودعوا إلى طردهن وأسرهن من المنطقة.

وتتمتع كشمير بتاريخ طويل من الشعر والموسيقى، وأنجبت مطربات مميزات بارزات مثل راج بيغم وكايلاش ميهرا ونسيم بيغم وشاميما آزاد، زوجة وزير الصحة الهندي غلام نبي آزاد.

على الجانب الآخر، حظيت الفرقة بدعم كبير من عدة قطاعات من المجتمع وكل الأحزاب السياسية المحلية والعالمية. وكان أكبر دعم من رئيس حكومة جامو وكشمير المنتخب، رئيس وزراء الإقليم عمر عبد الله، الذي طلب من الفتيات الاستمرار ووعدهن بالتشجيع والحماية.

كذلك أدانت رئيسة حزب الشعب الديمقراطي المعارض محبوبة مفتي، التهديدات التي وجهت إلى الفرقة وحملت وسائل الإعلام مسؤولية التصوير السلبي للموضوع. وقالت إن طريقة تناول الموضوع، خاصة عبر وسائل الإعلام الإلكترونية، أعطت انطباعا بأن أهل كشمير يشبهون حركة طالبان.

بعد الشعور بتزايد دعم الفتيات، نأت جبهة «مؤتمر الحريات» الانفصالية الكشميرية المتشددة عن الفتوى وصرحت قائلة: «لا يوجد أي تهديد للفتيات. لم يهددهن أي أحد. إنها ليست سوى فرقعات إعلامية، حيث تضخم وسائل الإعلام الأمور من أجل تشويه سمعة أهل كشمير».