بغداد تحتفي بقاسم والرئيسين عارف وتعرض مقتنياتهم البسيطة

إعادة الاعتبار للزعيم الفقير وعرض سيارة الـ«فورد» التي كاد يقتل بها

البغداديون يزدحمون لمشاهدة المقتنيات والصور البسيطة للرؤساء الـ3 في الاحتفالية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

بمناسبة الذكرى الحادية والخمسين لانقلاب 8 فبراير (شباط) 1963، أحيا بغداديون يوم أمس احتفالية استذكارية لثلاثة من رؤساء العراق في العهد الجمهوري الأول، الذين حكموا بين أعوام (1958 - 1968) وهم كل من الزعيم عبد الكريم قاسم أول رئيس حكومة في العهد الجمهوري، وعبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف، تضمنت إقامة معرض نوعي كبير لمقتنياتهم الشخصية وملابسهم وصورهم، والصحف الصادرة خلال سنوات حكمهم، وشهادات عنهم.

المعرض الذي نظمه المركز الثقافي البغدادي وسط شارع المتنبي، وحضره جمع كبير من المثقفين والأدباء والمهتمين، سعى إلى التعريف بحقب عمل وحياة هؤلاء الرؤساء من تاريخ العراق الحديث، ومحاولة رد الاعتبار لهم، واستعادة حقوقهم التي تعرضت إلى غبن كبير طيلة سنوات مضت، إضافة إلى مطالبات شعبية لأخذ العبرة من زهدهم في حكم البلاد.

صلاح عبد الرزاق محافظ بغداد قال في كلمة له بالمناسبة: «إن المحافظة تعد أول مؤسسة حكومية تحتفي بالزعيم عبد الكريم قاسم وباقي الرؤساء بشكل رسمي، ولم نعهد سابقا مثل هذا الاحتفاء الذي يتضمن تعريف المواطنين بدورهم، واستذكارات عائلة الزعيم قاسم بشأن دوره الواضح في تاريخ العراق، والأحداث التي رافقت حياته، وقصة مقتله، لتكون بمثابة شهادة تاريخية».

وأضاف: «المعرض يشمل عرض صور ووثائق ومقتنيات الزعيم قاسم في المتحف الوطني، من بينها سيارته من نوع (فورد)، كما أن المحافظة ستسعى إلى تحويل المعارض التي تقيمها والتي تظهر دور رؤساء وملوك العراق إلى متاحف ثابتة».

وأكد: «يتضمن برنامج الاحتفال أيضا الاحتفاء بعائلة الزعيم عبد الكريم قاسم، وهي العائلة التي أنجبت بطلا تعرض إلى موت فظيع من دون محاكمة وتهمة وقاض، وأعدم في مبنى الإذاعة بانقلاب بعثي بائس»، مشيرا إلى «أن المحافظة ستخاطب وزارة حقوق الإنسان لتتبع قبر ورفات الزعيم قاسم ومكان دفنه، مع ضرورة تخصيص رواتب تقاعدية لعائلته، ومتابعة مستحقاتهم المالية والحقوق المغتصبة». الإعلامي هاشم مهدي السوداني وهو يزور المعرض قال لـ«الشرق الأوسط» إن «ذكرى اغتيال ثورة الأبطال هي ذكرى أحزان العراقيين، وليس عروس الثورات كما سماها النظام البعثي البائد، عندما تكالبت أنظمة عربية للقضاء على خيرة أبناء العراق في ثورة 14 يوليو (تموز) 1958 وحولتها إلى مأساة كبرى، في حين تستحق أن نسميها ثورة فقراء العراق». وطالب السوداني قادة العراق اليوم بأن يضعوا قصة الزعيم عبد الكريم قاسم نصب أعينهم وهم يحكمون البلاد، لما عرف عنه من زهده وصدقه وإخلاصه لبلده، مؤكدا «أن أربع سنوات ونصف قضاها الزعيم في الحكم، حفلت بالكثير من المتغيرات لصالح البلاد، في حين ما زال هناك من يتذرع بأن عشر سنوات من حكم قادة البلاد الجدد ليست كافية للتغيير». بدوره أوضح رعد عبد الجبار ابن شقيقة الزعيم عبد الكريم قاسم، خلال حضوره الفعالية أن الحاجة ماسة اليوم لأجل رفع الحيف الذي طال حياة الزعيم، وإرجاع الحقوق المستلبة لعائلته.

وتقول المصادر التاريخية إن الزعيم عبد الكريم قاسم (1914 - 1963) من أهالي منطقة الفضل التاريخية وسط بغداد، وسكن مع أخواله في قضاء الصويرة في محافظة واسط جنوب بغداد بعد وفاة والده. وتولى قاسم مناصب: رئاسة الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع في العراق من 14 يوليو 1958 ولغاية 8 فبراير 1963، حيث تم إعدامه من قبل البعثيين في أحد استوديوهات إذاعة بغداد. وكان عضوا في تنظيم الضباط الأحرار، وساهم مع قادة التنظيم بالتخطيط لحركة أو ثورة 14 يوليو 1958 التي قام بتنفيذها مع زميله في التنظيم عبد السلام محمد عارف، والتي أنهت الحكم الملكي وأعلنت قيام الجمهورية العراقية. وهو عسكري عراقي عرف بوطنيته وحبه للطبقات الفقيرة التي كان ينتمي إليها. وفي عام 1959 حاول حزب البعث اغتياله في محاولة قادها عبد الوهاب الغريري وشارك بها صدام حسين وسط شارع الرشيد، حيث يوجد اليوم تمثال لقاسم. وكان الزعيم وقتذاك في سيارة تابعة لوزارة الدفاع «فورد موديل 158»، وهي ذاتها المعروضة اليوم في المعرض المقام عن مقتنياته ببغداد، ويعتبر قاسم من أكثر الشخصيات التي حكمت العراق إثارة للجدل، حيث عرف بعدم إفساحه المجال للآخرين بالإسهام معه بالحكم، واتهم من قبل خصومه السياسيين بالتفرد بالحكم، حيث كان يسميه المقربون منه وفي وسائل إعلامه «الزعيم الأوحد». ولم يختلف العهد الجمهوري في زمن الأخوين عارف «عبد السلام وعبد الرحمن» كثيرا عن عهد قاسم، من حيث زهد الحكام وتواضعهم، وهو ما جعل العراقيين يستذكرون ذلك العهد بالكثير من الحسرات المرة بالقياس إلى ما باتوا يشاهدونه اليوم من مظاهر الفساد المالي، مع تراجع مخيف لكل شيء، وفي المقدمة منها الأمن والخدمات.