نمساوي يستخدم أطفالا وشبابا لتصوير مواقف مستمدة من مواثيق دولية

مشروعه «فيري بلاي» انطلق من جنوب أفريقيا وليبيا والرأس الأخضر

أشكال مختلفة في محافل مختلفة لنشر وغرس تلك المواثيق
TT

«الصورة تساوي ألف كلمة».. هذه مقولة متداولة ومعروفة انتشرت مصاحبة لإعلان ظهر عام 1911، ويومها نسبها الصحافي الأميركي آرثر بريسبان للحكيم الصيني كونفوشيوس لإكسابها مزيدا من الثقل ذات الفكرة، استخدمها بتقنية أحدث، وأهداف أنبل، وتوجهات أوسع، المصور النمساوي، لوكاس هوللر، مستعينا بأطفال وشباب من دول مختلفة للوقوف أمام عدساته وهم يجسدون ويمثلون مواقف مستمدة من مواثيق عالمية خالدة وضعت لتطبق وتحترم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل والمبادئ الأولمبية.

وقاد هوللر مراحل تصويره في لقطات فوتوغرافية يتم عرضها بأشكال مختلفة في محافل مختلفة؛ بهدف نشر وغرس تلك المواثيق في أذهان الصغار والشباب؛ دعما لتطبيقها والامتثال بها ضمن مشاريع تنموية مستدامة، وصولا لغد أفضل، ومستقبل أكثر آمنا وأمانا.

اختار المصور هوللر لمشروعه اسم «فيري بلاي»، ومن ثم انطلق في تنفيذه وتوثيقه في صور فوتوغرافية بمشاركة مؤسسات وقطاعات تعمل في مجالات تهتم بالنشء.

أول صور للـ«فيري بلاي» تم التقاطها طيلة عامي 2009 و2010 بجنوب أفريقيا، بالتعاون مع مؤسسات نمساوية تدعم مدارس أطفال في مناطق فقيرة بمدينة ديربان، تحت شعار «القضاء على العبودية»، انطلاقا من البند الرابع لميثاق حقوق الإنسان. وكان تلاميذ من المدارس قد قاموا بتجسيد تصوراتهم لمعنى العبودية وكيفية محاربتها والقضاء عليها.

من جنوب أفريقيا انطلق برنامج «فيري بلاي» إلى دولة الرأس الأخضر، حيث تم التقاط الصور بمساعدة صغار قاموا بتجسيد لوحة فنية تاريخية للفنان البلجيكي بيتر بريقل رسمها 1560م لساحة وسط منطقة سكنية بدت وكأنها ملعب للأطفال الذين بدوا فيها على سجيتهم وهم مشغولون فرحون بألعاب، منها «الرجل الأعمى» و«المشي على الركائز» و«الدردراقات» و«قفزات السرعة» و«الدمى»، وغيرها من ألعاب شعبية وبسيطة تفي بغرض أن يستمتعوا بلهو بريء مع رفقائهم، مما يوسع من مداركهم ويقوي فيهم روح المشاركة. ومعلوم أن اللعب حق من حقوق الطفل تم إدراجه تحت البند 31 من ميثاق حقوق الطفل الذي اعتمدته منظمة الأمم المتحدة 1990، وهو حق لا يقل مكانة عن حقوق الطفل الأساسية الأخرى التي تتضمن الحق في الحياة والحصول على اسم وجنسية، والحق في تلقي رعاية والديه حتى وإن انفصلا، وحقه في التعبير وأن يسمع رأيه، وحقه في الرعاية، وغيرها من حقوق تضمنها الميثاق.

من دولة الرأس الأخضر انتقل مشروع الـ«فيري بلاي» إلى ليبيا، وبالتحديد إلى مدينة صبراتة السياحية وآثارها العتيقة التي أسسها الفينيقيون، وسيطر عليها الرومان، ودمرها الوندال، ثم احتلها البيزنطيون وعمروها إلى أن جاء الفتح الإسلامي، وأهم آثارها المسرح الدائري والأعمدة والأقواس.

في صبراتة استعان المصور هوللر وفريقه بالأكاديمية الأولمبية الليبية التي مكنته من تجسيد «سيناريو» للقطات صورها لعكس المبادئ والفلسفة التي تقوم عليها الألعاب الأولمبية تحفيزا للرياضيين للالتزام بتلك الروح تحت الشعار الأولمبي «أسرع.. أعلى.. أقوى»، باعتبار أن الرياضة ليست مجرد نشاط بدني فحسب، وإنما هي كذلك وسيلة تدفع لأداء أفضل وقدرات أكبر، كما تثقف وتشجع على الإنصاف والاحترام وعدم التمييز، والعمل معا من أجل تحقيق هدف، رغم روح المنافسة الشريفة.

في هذا السياق وكما شرح لـ«الشرق الأوسط» مروان كامل المقهور الأمين العام للجنة الأولمبية الليبية، فإن الاختيار وقع على 50 رياضيا، منهم أبطال أولمبيون، و200 طفل، قاموا بتجسيد المبادئ والأخلاق الأولمبية، مستفيدين من مسرح صبراتة الدائري، وكأنه حلبة ألعاب أولمبية تضم مختلف أنواع الرياضات، وتنداح فيها روح الطموح والمنافسة.

مما يجدر ذكره أن المشاريع المختلفة بعد تصويرها فوتوغرافيا تم تصويرها كأفلام، كما تم تكبيرها كلوحات عرضت في معرض خاص أقيم بحديقة الهايد بارك بالعاصمة البريطانية لندن، إبان منافسات الأولمبياد الصيف الماضي، كما عرضت طيلة الأسبوعين الأولين من هذا الشهر في معرض «أنيق» استضافته العاصمة النمساوية، فيينا التي يعد الفريق الآن العدة لمغادرتها للعودة لمشاريع جديدة بجنوب أفريقيا، ومن ثم إلى تايلاند، لمزيد من التنوير والتثقيف والتطبيق والممارسة عبر صور توثق وتحكي مزيدا من الـ«فيري بلاي».