المخرج البوسني دنيش تانوفيتش: لم أفكر في تحقيق فيلم روائي عندما التقيت بهذه العائلة

«الدب الفضي»، جائزة لجنة التحكيم الكبرى، «فصل في حياة جامع حديد» للمخرج البوسني دانيس تانوفيتش
TT

يتذكر المخرج البوسني دنيش تانوفيتش أن جمعية مراسلي هوليوود الأجانب منحته جائزتها سنة 2002 عن فيلم «أرض لا أحد» (أو «أرض محايدة») كذلك فعلت أكاديمية العلوم والفنون السينمائية إذ أودعته أوسكار أفضل فيلم أجنبي. إنه من بين أفضل اثنين من صانعي الأفلام في بوسنيا اليوم منذ ذلك الحين (الثاني هو المخرجة ياسمينا زبانيتش) وأعماله دائما ما دارت في رحى محلي. أبرزها «أرض لا أحد» الذي أوجز صفحات من الصراع البوسني - الصربي المرير ومنح أترابه من الفريقين معالجة إنسانية و«سيرك كولومبوس» (قبل ثلاثة أعوام) الذي قدم فيه شريحة من حياة عاطفية لزوجين (غير متوافقين) نزحا عائدين من صربيا إلى قريتهما البوسنية.

«فصل في حياة جامع حديد» الذي حظي بجائزة لجنة التحكيم الخاصة دراما في أسلوب تسجيلي حول عائلة من قعر الحياة في قرية بوسنية تتعرض لامتحان قاسٍ عندما تمرض الأم ولا يجد الزوج وسيلة لعلاجها. المخرج يمر بمراحل بحث الزوج عن حل في وسط حياة من ركامات الإهمال والفاقة.

ألتقيه ليلا في حفلة ما بعد حفل تقديم الجوائز وأسأله عن كيف جاءته الفكرة لهذا العمل. لا يريد أن يبدو كما لو أنه يقوم بلقاء فيتجه جانبا كما لو كان ينتحي بمحاميه أو منتجه: «حين تعرفت على هذه العائلة لم يكن في بالي أبدا تحقيق فيلم عنها. ثم فكرت بفيلم تسجيلي، وهذا بدوره قاد لفيلم روائي».

* لكن عنصر التسجيل لا يزال قويا فيه.

- بالتأكيد. هذه هي الوسيلة الوحيدة في اعتقادي لتحقيق فيلم عن هذا الوضع من دون تعريضه لتضخيم غير مناسب. طبعا القصة قد تطرح على عدة مستويات، لكن وقت أن تمنح الفيلم معالجة إنتاجية كبيرة سيتعرض الواقع الذي تنقله إلى تغيير. سيصبح أكثر صنعة.

* واضح أن الميزانية كانت محدودة جدا. ربما أقل من ميزانية أي فيلم سابق لك.

-لم نكن نحتاج إلى ميزانية كبيرة. طبعا ميزانية أكبر قليلا كانت ستساعدنا دفع مكافآت أعلى للعاملين، لكن الفيلم ذاته... هذه الدراما كما هي لم تكن بحاجة إلى أكثر مما أنجزناه على الشاشة. وهناك جانب إيجابي مهم في هذا، وهو أن العمل يكتسب الصورة الصحيحة المناسبة له. لو أنجزنا الفيلم بميزانية كبيرة لكان علينا التدخل في الواقع وهذا لن يكون في صالح الفيلم.

* أعتقد أن تصوير الفيلم لم يستغرق أكثر من أسبوعين.

- استغرق أقل من ذلك.

* كم يوما تحديدا؟

- عشرة أيام. أنا وفريق عملي كنا نصحو باكرين نصور في الأوقات الطبيعية من دون إضاءة إضافية تستغرق وقتا طويلا لتوزيعها، ونؤم الفندق في الليل ثم نصحو صباحا ونواصل.

* لماذا تعمل مع فريق واحد من الفنيين؟

- تماما لهذه الغاية. يعرف بعضنا بعضا ولدينا إجماع مسبق على الكيفية التي سنعمل عليها. نلتقي قبل البدء ونمر على السيناريو وخطة التصوير بالتفصيل ثم الباقي سهل ومريح.

* هل رسالة الفيلم هي التعريف بهذا الوضع المؤلم لعائلة تعيش بالحد الأدنى؟

- طبعا. أعتقد أنه من المهم أن يذكر بعضنا بعضا أن هناك من يحتاج إلى رعاية إنسانية واجتماعية هنا في أوروبا كما في مناطق أخرى. الناس من حولنا تعيش حياتها، لكنّ هناك أناسا آخرين لديهم مشكلات لا نعرفها أو لا نعرف تفاصيلها، ورسالة هذا الفيلم التذكير بها. الحياة قاسية، وما نعرضه هو وجه واحد من قسوتها.

* أخيرا، كيف تعاملت وتلك العائلة؟ أقصد هل كان تصوير الأطفال سهلا أم صعبا؟

- لدي علم مسبق بكيف يتصرف الأطفال. لدي خمسة أولاد وأعرف شيئا عن كيفية إدارتهم بصورة طبيعية. قبل بدء التصوير بيومين كنت أجلس ومدير التصوير في بيت تلك العائلة كضيفين ونترك أنفسنا نصبح جزءا منها. الطفلتان في الفيلم تصرفتا معنا على نحو متوقع. عاملتانا كغريبين في مطلع الأمر، ثم بعد ساعات قليلة لم يعد هناك أي حاجز. أصبحنا من العائلة ذاتها.