شيرلوك هولمز.. لا يزال حيا ويرفع الدعاوى

ورثة المؤلف آرثر دويل يريدون وضع حد لما يرونه استيلاء على الإرث والاتجار به

«شيرلوك هولمز» بتشخيص من روبرت داوني جونيور ويساعده د. واتسون الذي يؤدي دوره جود لو
TT

في السنوات الخمس الأخيرة عاد شيرلوك هولمز إلى الحياة بنشاط ملحوظ. استفادت شركات الإنتاج؛ سينمائية وتلفزيونية، من حالة جوع لمشاهدين منتمين إلى فئات متعددة، لمعرفة جديدة لشخصية مغوارة في علم حل القضايا والألغاز البوليسية. لكن هناك مشكلة: ورثة المؤلف آرثر كونان دويل يريدون وضع حد لما يرونه استيلاء على الإرث والاتجار به، وهم أيضا يريدون جزءا من الحلوى.

يمكن إرجاع إعادة الروح إلى أعمال الكاتب البريطاني الكبير، مبتدع شخصية «شيرلوك هولمز» المختلفة عن شخصية أي محقق خاص أو عام آخر، إلى قيام «وورنر» بالموافقة على تمويل مشروع تقدم به المنتجان جوول سيلفر وليونيل ويغرام لتقديم «شيرلوك هولمز» في شكل جديد. وفي عام 2009 انتهى العمل على هذا الشكل الجديد، فإذا به عبارة عن فيلم بعنوان «شيرلوك هولمز» بتشخيص من روبرت داوني جونيور ويساعده (كالعادة) «دكتور واتسون» الذي يؤديه جود لو. لكن «هولمز» الجديد لم يكن هو ذاته المعتاد في معظم ما تم إنجازه من أفلام حول هذه الشخصية واقتباسا من الروايات العديدة التي نشرت حولها (نحو 182 فيلما من السنوات الصامتة وما بعد). هنا، ولجذب الجمهور الشاب لشخصية كلاسيكية القوام في حكايات تقليدية المضمون، تم تحديث عناصر عديدة. صحيح أن الفترة الزمنية بقيت في فترتها اللاحقة لبداية القرن العشرين، كذلك معظم ما يرتديه الممثلون من ملابس وقبعات، إلا أن المتغير هو خفة المعالجة للحكايات وميل الفيلم لتقديم شخصيات معاصرة كما لو كانت نابعة من الزمن الحالي وعادت، بعربة زمنية، إلى ذلك القرن. بعض ما هو موحى به علاقة جنسية بين الرجلين. وبعض ما هو واضح افتعاله تصوير هولمز فنان قتال يجيد حتى فنون الدفاع عن النفس حسب النينجا والكونغ فو.

ما بين هذا الفيلم والجزء الثاني الذي أنتجته الشركة بعنوان «شيرلوك هولمز: لعبة الظلال» (وكلاهما من إخراج غاي ريتشي) قامت راتشل غولدنبيرغ، سنة 2010 بإنجاز فيلم يحمل الاسم الشهير توجه إلى سوق الفيديو مباشرة، كذلك فعل فيلم من إخراج جورج أنطون بعد عام واحد. وكان فيلم ديجيتال من ألعاب الفيديو ظهر سنة 2009 بعنوان «شيرلوك هولمز ضد جاك السفاح». سنة 2010 أنجزت شركة أميركية صغيرة (ومن توزيع «وورنر» أيضا) فيلم أنيماشن من نحو ساعة لعب فيه الممثل المخضرم مايكل يورك شخصية «هولمز» وضم، فيما ضم، مالكولم ماكدووَل وجون ريز - ديفيز (في دور د. واتسون).

وفي مطلع سنة 2011 دخلت السينما الهنغارية على الخط بإنتاج فيلم بعنوان «باسم شيرلوك هولمز»، كما تم تحقيق سلسلة تلفزيونية بريطانية تم بثها بنجاح فائق. والعام الماضي، لم يشهد فتورا؛ بل واكبت النجاحات ما تم تقديمه تلفزيونيا في حين أن الاستعداد جار لجزء جديد من «شيرلوك هولمز» حسب روبرت داوني جونيور (زوجته سوزان انضمت إلى فريق الإنتاج من البداية).

هذا كله لم يعجب ورثة هولمز بالطبع؛ إذ يرون أنفسهم خارجي سياق الحقوق التي يؤكدون أنها ما زالت سارية. ويوم الخميس الرابع عشر من فبراير (شباط) الحالي أقدم هؤلاء على رفع دعوى يطالبون فيها بالتوقف عن الاعتداء على تركة آرثر كونان دويل.

والدعوى الأولى اختبار، وإذا ما قضت المحكمة لها، فإنها ستكون فوزا وبداية دعاوى منتظرة. الجانب المدعى عليه هو المؤلف لسلي كلينجر الذي كان قام قبل عامين بوضع كتاب (نشره عبر دار «راندوم هاوس» الشهيرة) بعنوان «دراسة في شيرلوك هولمز»، احتوى على مزيج من المؤلفات الأصلية والأخرى المكتوبة حديثا على نسق القديم منها. والمؤلف ينوي نشر مرادف جديد بعنوان «بصحبة شيرلوك هولمز» يقوم على المعالجة الحديثة - القديمة ذاتها.

شركة «راندوم هاوس» وهي من كبرى دور النشر العالمية تسلمت إنذارا قانونيا من ورثة المؤلف بخصوص الكتاب الأول واستطاعت تسوية الموضوع خارج المحكمة. لكن رسائل التهديد باللجوء إلى القضاء متبادلة اليوم بعدما دخل فيها محامي كلينجر مدعيا أن حقوق الملكية سقطت بفعل مرور الفترة الزمنية القانونية على استحواذها.

والحقيقة أن دويل نشر معظم رواياته في ما بين 1887 و1927، مما يعني أن قانون القدم مطبق عليها، فكل ما سبق عام 1923 بات ملكية عامة. لكن هناك قسما كبيرا من المؤلفات ظهرت في ما بين سنة 1921 و1927 مما يجعل أصحاب الدعوى متشبثين بحقوقهم الملكية.

بناء على ما ستقضي به المداولات الحالية وما ستحكم به المحكمة الأميركية، ستحدد «وورنر» موقفها من الجزء الثالث. وهي ليست وحدها المعنية؛ بل كذلك محطتا «بي بي سي» البريطانية و«CBS» الأميركية. وقد تتجه هذه الشركات الثلاث إلى المصدر وتبرم اتفاقاتها مباشرة إذا ما وجدت أن في ذلك حائلا يجنبها الدخول في متاهات القضاء.