الأستراليون ينشرون بالرياض أكبر أطلس في العالم

البابطين يقتني نسخة ضمن 6 بيعت في العالم

ممثل دار النشر الأسترالية المنتجة للأطلس يعرض النسخة الكبرى في العالم للجمهور السعودي في الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

احتضنت الرياض أكبر أطلس في العالم الذي تمت طباعة 31 نسخة منه فقط، وتم عرضه وتسويقه في المعارض الدولية، وبيع منه ست نسخ، إحداها آلت إلى مقتنيات السعودي الشيخ عبد الكريم سعود البابطين الشخصية. في حين اقتنى نسختين من الأطلس شخصان من أسرة الشركة المنتجة للأطلس في أستراليا، ونسخة واحدة بيعت في أبوظبي، وأخرى بقطر في الدوحة، ونسخة آلت إلى المكتبة البريطانية في لندن.

وعرض الأطلس في الرياض مؤخرا ضمن المعرض العالمي لمختلف المنتجات والفنون والمجوهرات والسيارات الفارهة والنادرة، وحمل اسم «بلاتينيوم الأرض» الذي أنتجته شركة «ميلينيوم هاوس» الأسترالية الحاصلة على عدد من الجوائز العالمية في مجالات إنتاج الخرائط والعمل الكارتوغرافي وإنتاج الأطالس العالمية، وذلك منذ مباشرتها في طباعة الأطالس في سنة 2008.

ويعد هذا الأطلس تحفة «كارتوغرافية» نادرة لتوثيق معلومات متنوعة عن أقطار وقارات المعمورة، وقد دخل هذا الأطلس ضمن «سجلات موسوعة غينيس العالمية» في 2012 كأكبر أطلس للأرض في التاريخ، ويبلغ حجم الأطلس 1.8 متر × 2.7 متر، ويتكون من 128 صفحة، ويزن 200 كيلوغرام، ويقول الدكتور عبد العزيز بن لعبون عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود عضو لجنة تحرير وصياغة أطلس السعودية: «رغم أن هناك 26 مطبعة عالمية متخصصة لتنفيذ المطبوعات الكبيرة، فإن مطبعة واحدة منها في ميلانو بإيطاليا غامرت بتنفيذ هذا الأطلس، وذلك لما تطلبته الطباعة من تقنية وعناية خاصة لمعالجة الخرائط والصور ومزج الألوان واختيار الورق، وغير ذلك، أما التجليد فقد كان في قارة أخرى، فقد أرسلت الأوراق المطبوعة إلى هونغ كونغ للتجليد».

وأضاف: «شارك أكثر من 120 خبيرا من مختلف بلدان العالم في إنتاج هذا الأطلس العملاق الذي يضم أكثر من 150 ألف مسمى جغرافي، و60 صورة عملاقة لمعالم طبيعية وعمرانية ضخمة تمتد على اتساع صفحتين من الأطلس تطلب تصويرها بتقنيات حديثة ودقيقة تعرف بالـ(غيغا بان)، وذلك بالتقاط 12 ألف صورة ومعالجتها بتقنية عالية لتلافي تغيرات اللون والضوء، وتغيرات الطقس، وزوايا التصوير، وصولا إلى تجميعها لتشكل لوحة واحدة عالية الدقة شديدة الوضوح مبهرة».

وأوضح: «يتيح الحجم الكبير للأطلس الفرصة لإبراز الكثير من المعلومات والمعالم الجغرافية؛ من مدن وغابات وصحارى وأنهار وسلاسل جبال وبحار وخلجان وجزر وغيرها، بتفاصيل لا تظهر في الأطالس الصغيرة المتداولة. كما أن المسميات الجغرافية للأطلس باللغة الإنجليزية، وهذا ما تطلب الاستعانة بخبراء في اللغات لتهجئة الأسماء الأصلية في مختلف بقاع الأرض، وتهجئتها وكتابتها باللغة الإنجليزية، وذلك للمحافظة على سلامة نطقها ما أمكن».

ويشار إلى أن هناك أطلسا قديما قريبا من حجم هذا الأطلس تم إنجازه سنة 1660، قبل نحو 353 سنة، وهو «أطلس كلنكي» المحفوظ في قسم الخرائط القديمة أو الأثرية في المكتبة البريطانية في لندن، أهدي إلى الملك تشارلز الثاني بعد عودته للعرش، ثم استقر الأطلس في المكتبة البريطانية في العشرينات من القرن التاسع عشر الميلادي ضمن مقتنيات الخرائط الخاصة بالملك جورج الثالث، وكان هذا الأطلس يعد الأكبر في العالم منذ ذلك الحين حتى صدر الأطلس الأخير «بلاتينيوم الأرض»، الذي تفوق عليه حجما بزيادة قدرها 30 سنتيمترا في الطول وفي العرض، مع تميزه بمعلومات وشمولية، مما يجعله أضخم أطلس تم إنتاجه على الإطلاق؛ معلومة وإخراجا وإنتاجا.

وحول نظرته لهذا الأطلس العملاق بصفته عضو لجنة تحرير وصياغة أطلس السعودية، قال الدكتور ابن لعبون: «أثناء تصفحي للأطلس العملاق في المعرض العالمي الذي أقامته (نيارة للمعارض) في مدينة الرياض الأسبوع الماضي، ونقاشي جوردون شيرز المدير الإداري للشركة الأسترالية المنتجة للأطلس، تطرقنا لعدد من قضايا إنتاج الأطلس؛ من جمع المعلومات وفرزها ومعالجتها، إلى طرق رسم الخرائط وعرضها، وإخراج صفحات الأطلس، وما إلى ذلك»، لافتا إلى أن مما أثاره شيرز «طلبه مني تهجئة المسميات الجغرافية للأطلس باللغة العربية، ليتمكن من طبع نسخ من الأطلس باللغة العربية، ولما كان عدد المسميات 150 ألف مسمى، وهذا يتطلب جهد فريق من المتخصصين، ونظرا لأهمية الموضوع وقناعتي بأنه خدمة جليلة للغة الضاد؛ لتكون عدا الإنجليزية لغة هذا الأطلس، فقد طلبت منه إعطائي مهلة للتفكير والبحث في الموضوع من مختلف جوانبه، فالمهمة ليست سهلة، وخاصة عند تهجئة أسماء من لغات ولهجات غير عربية أو إنجليزية، حيث تكتب الأسماء بحروف غير لاتينية، ونطقها يختلف عن رسمها مما يتطلب سماع تلك الأسماء، ومن ثم كتابتها باللغة العربية حسب نطقها وليس رسمها وحسب، وهذا يتطلب اتصالات وسفرات وتحقيقا وتمحيصا، وبعد قيامي باستشارات واتصالات حول هذه المهمة عدت له في اليوم التالي ولدي تصور مبدئي، وناقشنا الموضوع بصورة مستفيضة، وكان الاتفاق أن نبدأ أولا بالبحث عن ممول لتغطية تكلفة مشروع (التهجئة)، وبعد ذلك نباشر في كتابة تهجئة تلك الأسماء، وبعد مراجعة المنتج تبدأ الطباعة، معتبرا أن ما سيقدمه الممول من خدمة للغة العربية وللباحثين والجغرافيين الناطقين بالعربية، فإن اسمه سيظهر على أكبر قاموس في العالم».

ويقول لـ«الشرق الأوسط» جوردن شيرز ممثل دار النشر الأسترالية «ميلينيوم هاوس» المنتجة لأكبر أطلس في العالم «إيرث بلاتينيوم» إن تجميع وعرض صورة واحدة من الأطلس إلكترونيا، تحتاج إلى 30 جهاز «آيباد» أو 18 شاشة جهاز كومبيوتر، وذلك لأن الأطلس يحتوي على أبعاد كبيرة.

أما أبرز التحديات التي واجهتها دار النشر لإنتاج المشروع فتمثلت في إقناع المشاركين فيه من رسامي الخرائط وغيرهم بإمكانية تنفيذ المشروع، بالإضافة إلى أنه تطلب قدرات هائلة في الحاسب الآلي، حيث تعين على رسامي الخرائط زيادة ذاكرة الأجهزة حتى تتمكن من إنجاز الحسابات المتعددة، وبرامج حاسوبية ذات تقنية عالية، إضافة إلى توفير طابعة محلية قادرة على إنتاج نسخ للعمل عليها.

ويضيف شيرز: «لقد استغرقت معالجة كل خريطة وطبعها يوما كاملا، كما واجهت عمليات التحرير تحديات مرتبطة بصعوبة العمل على صفحات ذات حجم كبير، ومراجعة وإعادة مراجعة كل مدخل في صفحات عرضها 4.5 قدم، وطولها 6 أقدام، وكان يتعين إرسال كل تصويب إلى ملف إلكتروني». ويلزم الأطلس متصفحه بتحريك جسده إلى 90 درجة، وتعتزم دار النشر التي أعدته إتلاف صفائح تصويره الطباعي بعد إتمام الطباعة.

ويعد اقتناء نسخة الأطلس من قبل أفراد أو جهات علمية أو رسمية إضافة نادرة واستثمارا، حيث طبع من «بلاتينيوم الأرض» 31 نسخة فقط، وتم عرضه وتسويقه في المعارض الدولية، وقد بيع منه حتى الآن ست نسخ: فالنسختان الأولى والثانية اقتناهما شخصان من أسرة الشركة المنتجة للأطلس في أستراليا، والنسخة الثالثة في أبوظبي، والنسخة الرابعة اقتناها عبد الكريم البابطين في الرياض لتكون إضافة نادرة ضمن نوادر مكتبته الخاصة التي تحتوي على نفائس المطبوعات العربية. والنسخة الخامسة بيعت لصالح المؤسسة القطرية في الدوحة، في حين آلت النسخة السابعة والعشرون للمكتبة البريطانية في لندن، التي تباهت باقتنائها للأطلس من خلال تصريحات صحافية وإعلامية واسعة.