باحثة عراقية تفوز بجائزة اليونيسكو للعالمات الشابات.. مجددا

عن دراسة حول تلوث منطقة الأهوار وتأثيره على الحوامل والمواليد

ريام ناجي عجمي أثناء بحثها الميداني في أهوار جنوب العراق
TT

للمرة الثانية، تفوز الدكتورة ريام ناجي عجمي بجائزة «اليونيسكو - لوريال» للعالمات الشابات. وقد اختيرت الباحثة العراقية المتخصصة في علوم الحياة والتلوث البيولوجي واحدة من 8 عالمات من الدول العربية نلن تقدير هيئة تحكيم عالمية. لكن ريام ناجي غابت عن حفل توزيع الجوائز الذي أقيم في القاهرة، قبل أيام، بحضور وزيرة البحث العلمي في مصر الدكتورة نادية زخاري، لأنها كانت حزينة لرحيل والدتها، وقالت لـ«الشرق الأوسط» في اتصال معها في بغداد: «لم تكتمل فرحتي بسبب غياب أعز الناس، وقد تلقيت التهنئة بالجائزة ممزوجة بالتعازي».

وجاء الفوز على دراسة ميدانية قامت بها الباحثة في أهوار جنوب العراق لمعرفة مستويات تعرض الحوامل والأطفال حديثي الولادة لعنصر الزئبق، وذلك باستخدام نظم المعلومات الجغرافية. وتأتي أهمية الدراسة من الكارثة البيئية التي تعرضت لها الأهوار في السنوات العشرين الأخيرة، خصوصا بعد محاولات التجفيف وإبادة نبات القصب ثم ما سببته الحروب من زيادة في الملوثات وما رافقها من نقص في الخدمات الصحية وانتقال الزئبق عبر السلسلة الغذائية. وأوضحت الباحثة أن اهتمامها بالأهوار، كموضوع للبحث، بدأ منذ عام 2007 بعد زيارة قامت بها إلى المنطقة عندما كانت طالبة تعد أطروحة «الدكتوراه». وهي قد ركزت جميع مشاريع بحوثها على تلك المنطقة لكونها تهتم بالبيئة الطبيعية وتتمنى أن تراها في يوم من الأيام، محمية مهمة مثل المناطق النادرة الجمال في العالم.

في الأهوار، قابلت الباحثة عددا من النساء ولاحظت أن نسبة عالية منهن شكت من حالات إجهاض أو تشوهات جنينية. لذا، وبعد أن انتهت من دراستها عن تركيز الإشعاع في تلك المنطقة، عزمت على القيام ببحث جديد يخص النساء، وبالذات الأمهات اللاتي يعانين من مشكلات صحية بسبب ما طرأ على بيئتهن من تلوث. ولا تنسى الدكتورة ريام أن أهل الأهوار البسطاء يتحدرون من حضارة قديمة ومن بقايا مجتمع سومري كان منارة للبشرية.

قبل حصولها على جائزة «اليونيسكو - لوريال» للمرة الأولى، عملت ريام عجمي مدرسة في قسم علوم الحياة في الجامعة المستنصرية في بغداد. وكانت منذ بداياتها تعتبر نفسها من صديقات البيئة، وعملت مع 30 طالبا من طلابها في سبيل «عراق أنظف». وقد أتاحت لها الجائزة التي كانت على شكل منحة دراسية بحثية، أن تلتحق بجامعة «كوينز» في كندا لإجراء بحوث حول البيئة والتلوث باستخدام نظم التحسس عن بعد. وفي الصيف الماضي، عادت إلى العراق بعد الانتهاء من دراسة ما بعد «الدكتوراه» في كندا، وقد نشر بحثها في مكتبة الكونغرس الأميركي. وهي اليوم تواصل عملها في التدريس في قسم علوم الحياة بالجامعة المستنصرية في بغداد.

فوزها لمرتين أكد لها أن العلم منجز عالمي لا يمكن أن يحدد بعرق أو لون أو جنس أو جنسية. كما أن موهبة التفكير والابتكار والملاحظة واستخلاص النتائج لا تنحصر في ذكر دون أنثى. وكان من دواعي سرورها أن الجوائز العالمية لا تخضع، عموما، لما يمكن أن تخضع له الجوائز الإقليمية أو المحلية من تجاذبات لا علاقة لها بالتنافس النزيه. وهي تتمنى توجيه رسالة إلى مواطنيها، عبر «الشرق الأوسط»، تقول فيها إن تطور الدول يأتي من حرية البحث العلمي وتوفير الإمكانيات للطاقات الشابة للتعبير عن قدراتها والاستفادة من نتائج أبحاثها واختراعاتها.

يذكر أن الدكتورة ريام مولودة في محافظة ذي قار عام 1980. وهي البنت الصغرى لأسرة تضم خمس شقيقات وشقيقا. وعمل والدها في مشاريع الإعمار منذ أن كان مسؤولا عن إعمار البصرة والفاو. وهو من شجعها على إكمال دراستها، ومعه والدتها التي كانت تربوية ناجحة. وهي قد درست في إعدادية الشطرة ثم في جامعة البصرة وأكملت دراستها في الجامعة المستنصرية، حيث حصلت على «الماجستير»، كما حصلت على «الدكتوراه» من كلية علوم البنات في جامعة بغداد. لكنها تبقى مهمومة بقضايا المرأة في العراق، البلد الذي يعاني، على حد قولها، من تلوث فكري قبل التلوث البيئي. وهي تتمنى لو تحصل النساء على فرص أوسع في مجال البيئة الذي يتطلب العمل الحقلي والمتابعة والعمل المستمر.