العباءة العراقية تتجول في بغداد بأسلوب عصري وسط جمهور متعطش للفنون

في أول عرض أزياء استوحى الموروث الشعبي بألوان معاصرة

خلال عرض العباءة العراقية المعاصرة ببغداد أمس («الشرق الأوسط»)
TT

لحظات ترقب جميلة، عاشها الحاضرون خلال أول عرض للأزياء، أقيم في فندق بغداد في شارع السعدون الذي يعد من أقدم الفنادق الكبرى وسط العاصمة بغداد، والذي كان على مدى عمره يستقبل كثيرا من الشخصيات والنشاطات الفنية والثقافية يوم أمس، تخصص بمعروضات عصرية ملونة لـ«العباءة العراقية» التي تغنى بها الشعراء والمطربون، تلك العباءة التي مثلت موروثا فلكلوريا وشعبيا ضاربا في القدم والشهرة، تباهت فيها العارضات اللواتي أبرزن جمال أزيائهن على وقع أغنية «بوية نعيمة» للمطربة بدرية أنور بتوزيع موسيقي جديد.

العرض نظمه مصمم عراقي شاب، هو الفنان سنان كامل، بالتعاون مع شركة «العدسة» للإنتاج الفني، وذلك ضمن فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013، استعرض فيه وعبر 30 قطعة جديدة، من العباءات العراقية، نماذج عصرية مستوحاة من العباءة العراقية التي ميزت حضارة وادي الرافدين، وحضر العرض نخبة مميزة من الجمهور الذي استعاد صباحا جديدا من صباحات بغداد الحافلة بالفنون والأدب والثقافة.

يقول المصمم سنان كامل في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «أحاول اليوم تقديم قطعة تاريخية مهمة في البلاد، يمتد عمرها إلى سبعة آلاف سنة، رافقت مراحل مهمة من حياة المجتمع العراقي، قطعة ارتدتها كل الطبقات، لكنها بقيت فقط في اللوحات والصور القديمة». وأضاف: «العباءة العراقية لم تزل تمثل هوية العراق في الخارج، وخشيت من اندثارها، وحاولت استذكارها هنا عبر رؤية جديدة وألوان مميزة وشكل جديد يناسب روح العصر وكل الأذواق ويعزز من جمال المرأة العراقية أكثر».

وعن أوجه التشابه بين العباءة المستخدمة في دول الشرق الأوسط مع العباءة العراقية قال سنان: «قضيت أربع سنوات أدرس موضوع العباءة العراقية حتى خرجت بهذا العرض والعباءة متفردة عن غيرها بكونها عريضة وذات تصميم متوازن وتحوي كما طويلا من القماش، وأطوالها تتماشى مع أطوال النساء، وتحوي تطريزات منوعة، بسحب كلفة العباءة وأذواق مستخدميها.

وأكد أنه حاول تغيير الخامة المستخدمة في العباءة كي تتوافق مع كل الأذواق.

وعن مصاعب عمله، خصوصا مع صعوبة الحصول على عارضات أزياء محترفات قال: «معظم العارضات هنا يعملن لأول مرة، وقد توليت تدريبهن، وهناك صعوبة كبيرة في العثور على عارضات أزياء بسبب الظروف الصعبة التي عاشها العراق، إضافة إلى عدم وجود أكاديمية أو معاهد متخصصة لتخريج عارضات أزياء، وسبق أن حاولت عام 2001، مفاتحة جهات رسمية من أجل تطوير هذا المشروع، لكن ظروف البلاد والحروب والصراعات التي مر بها لم تكن تسمح بذلك.

الشابة مروة الأمير، 26 عاما، إحدى العارضات الجميلات اللواتي أكدن حضورا لافتا خلال فقرات العرض، تميزت بطلتها المميزة والرشيقة وهي ترتدي العباءات الملونة ذات النقوش المتفردة، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «أشارك لأول مرة في عروض الأزياء، أعمل مقدمة برامج في قناة (الحرية) الفضائية، وأحببت المشاركة في عرض أزياء يتناول العباءة العراقية التي أعشقها لأنها تضفي جمالا على المرأة، إضافة إلى كونها تعبر عن تراث العراق المميز».

وأضافت: «الظروف التي عاشتها البلاد، أبعدتنا كثيرا عن مجال عروض الأزياء والاحتفاء بالجمال والفن، لكن المستقبل اليوم يشي بعروض جديدة وجميلة».

فيما يقول الروائي والإعلامي نزار عبد الستار، خلال متابعته لفقرات العرض: «عرض الأزياء اليوم، هو نقطة تحول في نشاطات مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية، وهذا الجهد يعزز كثيرا من جمال بغداد وازدهارها، وأرى أن هناك توجهات نحو استعادة البريق الحضاري للبلاد».

وأضاف: «جمالية العرض تتركز في سعيه نحو الجمال والتراث العراقي ومحاولة لمد الجسور بين الحداثة والقدم، وإضفاء طابع من الفلكلور العراقي بعد عقود من العزلة والحروب، الآن بغداد تستعيد رموزها، وقد أجاد المصمم في استلهام التراث العراقي بصيغ جمالية جديدة تدل على رؤية وعمل وروح شفافة».

وأكدت ثائرة جاسم، إحدى الحاضرات: «إنها خطوة جميلة في ظل ظروف العراق، وضمن فعاليات بغداد عاصمة الثقافة، رغم قلة خبرة العارضات، بسبب كونها تجربتهن الأولى، وبشأن العباءة العراقية، أجد أنها فقدت كثيرا من هويتها، كونها اختلطت ما بين عباءة إقليم كردستان والعباءة الأردنية والسورية، ولم نشعر أنها عباءة عراقية خالصة». وحاول الإعلامي مهدي الخالدي، مدير إعلام شركة العدسة للإنتاج الفني، أن يبدو العرض مميزا عبر إضافة لمسات جديدة، من الأضواء والموسيقى والمؤثرات الأخرى، لكنه شكا من صعوبة إيجاد عارضات أزياء يتمتعن بمواصفات مناسبة لذلك، واعتمد في عمله على البحث بين الأصدقاء والمعارف لاستقطاب الهاويات، وواجه مشكلة امتناع عوائلهن بتصويرهن أمام عدسات الكاميرات، ويقول: «نسعى لأجل تأسيس أكاديمية أو مراكز تقنية لتدريب عارضات الأزياء والتعاقد معهن لنشاطات جديدة تقودها الشركة لاحقا».