الاحتفال ببغداد عاصمة للثقافة العربية للعام الحالي بعروض سينمائية ومسرحية وموسيقية

بحضور مئات المدعوين من المثقفين العراقيين والعرب

شهرزاد وشهريار منحوتتان للفنان الراحل محمد غني حكمت في حدائق أبو نواس على ضفاف دجلة ببغداد («الشرق الأوسط») وفوزي الأتروشي وكيل وزارة الثقافة العراقية
TT

تتسارع خطوات المعنيين بوزارة الثقافة العراقية هذه الأيام أكثر مما مضى لإنجاز ما تبقى من مشاريع واستعدادات وفعاليات مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية، الذي تحدد رسميا في 23 من مارس (آذار) المقبل ويستمر ثلاثة أيام، لتتوالى بعدها فعاليات وعروض ثقافية وفنية وسينمائية ومسرحية جديدة، على مدى سنة كاملة. وحدد مكان حفل افتتاح المشروع وسط ساحة الاحتفالات الكبرى بالعاصمة بغداد بعد نحو عشرة أعوام من إغلاقها أمام العراقيين في أعقاب الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003.

اقتراح تطبيق فكرة عاصمة الثقافة العربية بدأ في عام 1996 من المجموعة العربية في اليونيسكو، ويهدف إلى إظهار الإمكانيات الحضارية للمدينة المعنية ودورها التاريخي والمعاصر في الإبداع الثقافي والحضاري، وقد اختيرت بغداد عاصمة للثقافة العربية في عام 2013.

وبشأن حفل افتتاح المشروع فسيشهد مشاركة وفود رسمية وفنية من دول عربية عدة، وممثلين لملحقيات ثقافية دولية، وعقد جلسة رسمية لوزراء الثقافة العرب، لتبدأ الفعاليات بأوبريت غنائي استعراضي يحمل اسم «العنقاء» للفنان قاسم زيدان، باستخدام الخيول العربية، إضافة إلى عرض كبير لدار الأزياء العراقية، بمشاركة أكثر من 100 عارض وعارضة، بمصاحبة نص شعري للشاعر الراحل محمد علي الخفاجي، وعزف منفرد للفنان العراقي المغترب نصير شمة، ولوحة شعبية تقدمها الفرقة القومية للفنون الشعبية، وفرقة السليمانية للفنون الشعبية، وستنصب خيمة تتسع لـ1500 شخص، مزودة بتقنيات ليزرية وصوتية عالية، ومن المؤمل أن تشارك الفرقة السيمفونية الوطنية العراقية في حفل الافتتاح.

عن تفاصيل هذا المشروع التقت «الشرق الأوسط» وكيل وزارة الثقافة العراقية، فوزي الأتروشي، ورئيس اللجنة الثقافية له، والذي تحدث قائلا «مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013 هو مشروع انعطافي وحيوي وكبير للثقافة العربية والعراقية معا، وهو يهدف لإعادة تجسير العلاقات الثقافية بين العراق والبلدان العربية، وإلغاء الصورة النمطية عن البلاد، والتعريف بالثقافة العراقية الجديدة بعد التغيير، وبعد أن أصبحت ثقافة تتسم بالتنوع والتعددية، وثقافة لكل المكونات العراقية، أي أنها أصبحت ثقافة بقدر خارطة وطن بالكامل، وقد خصصت للمشروع ميزانية قدرها 600 مليار دينار هي الميزانية الأضخم المرصودة للجانب الثقافي والفني في تأريخ البلاد.

وأضاف «بعد حفل الافتتاح ستشهد بغداد بدء الأسابيع الثقافية العربية، لكل بلد عربي أسبوع ثقافي، تشمل فعاليات تشكيلية، وفنية، واستعراضية، وغنائية، لثقافة البلاد، تهدف للتعريف بتلك الفنون أولا، وإعادة اللحمة والتلاقح بينها، وستكون هناك حصة لعرض الأفلام، ومن ثم طرح محاور فكرية للتباحث فيها حول بغداد ودورها في التأريخ، بالتعاون مع جامعات بغداد والمستنصرية واتحاد المؤرخين العرب وبيت الحكمة، كما ستكون لمحافظة بغداد حصة من بين المشاريع المنفذة.

وعن أهم ما يميز مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية قال الأتروشي «فتحت الوزارة أبوابها على مصراعيها لاحتضان كل مشاريع منظمات المجتمع المدني، والأفراد، كذلك مشاركة كل المكونات العراقية، أي أنه مشروع عراقي بامتياز، إضافة إلى أن الوزارة نجحت للمرة الأولى في أن تكون وزارة بلا رقابة، أي أنها لا تقاضي الفكر، ولم تمر أي من الكتب الجديدة الصادرة أو المسرحيات أو الأفلام على أي سلطة رقابية، عدا أهمية جديتها وعنصر الابتكار والإبداع فيها. كما أن الأموال التي صرفت على إنجاز المشاريع تعد ذهبية ومناسبة لإنجاحه».

ولماذا جرى استبعاد فعالية مميزة للفنانة العراقية بيدر البصري ضمن فعاليات الافتتاح، بعد أن جرى دعوتها؟.. أجاب قائلا «لم تستبعد الفنانة بيدر البصري من المشروع، وإنما جاء ذلك بسبب تحديد فقرات الافتتاح سلفا، فقد جرى الاتفاق على تقديم الفعالية خلال أيام المهرجان، علما بأنه تم إنجاز إصدار سي دي غنائي للفنانة المذكورة على نفقة المشروع، سيجري توزيعه، كذلك إنجاز عدد كبير من الأقراص الغنائية والألبومات لفنانين عراقيين كبار أمثال جعفر الخفاف، وطالب غالي وطالب القرغولي وحسين نعمة وغيرهم».

وحول الأفلام السينمائية وأماكن عرضها مع العلم بأن بغداد تفتقر إلى صالة عرض سينمائية واحدة صالحة لتلك العروض، قال الأتروشي «لا بد من التذكير أولا بأن المهرجان سيشكل انعطافة جديدة للسينما العراقية، عبر إنتاج حزمة كبيرة من الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية، ستكون مفاجئة للجمهور، ومن الأفلام الروائية المقررة رواية الكاتب العراقي الراحل فؤاد التكرلي (المسرات والأوجاع) من إخراج السينمائي العراقي محمد شكري جميل، وفيلم (الحلم الوردي) للسينمائي العراقي فيصل الياسري، و(صمت الراهب) لرعد مشتت، و(وداعا نينوى مع حبي إلى الأبد) لعمانوئيل متى. أما الوجبة الثانية من الأفلام الروائية فهي (عروس الرافدين)، (الحصان)، (الكعكة الصفراء ونجم البحر)، وهناك أفلام في طور الإنجاز، وهي (سجال الكلمات) للمخرج علي هاشم، و(بغداد) للمخرج محمد جمال، و(الجدران العاجلة) للمخرجة إيمان خضير، و(الواسطي) للمخرج طارق الجبوري. وقد بذل القسم الهندسي في وزارة الثقافة جهودا كبيرة مع العديد من مالكي دور السينما في بغداد، لأجل استعادتها وعودتها للعمل كصالات عرض سينمائي، إلا أنها جوبهت برفض هؤلاء تحويل العقار إلى سينما على الرغم من كل التسهيلات والمغريات المقدمة، ولا أخفيك أنه كان ضمن المشروع بناء عشرة مراكز ثقافية في بغداد، كلها مزودة بدور عرض سينمائية حديثة، لكن بسبب الروتين والإجراءات البيروقراطية المعقدة لم نفلح في الحصول على عقارات مناسبة». واستدرك الأتروشي ليقول «أعتقد أن الترسيخ لإنتاج الأفلام وشرائها من مخرجين كبار سيهيئ المناخ المناسب في العراق لإنشاء دور عرض سينمائية جديدة».

وفي ما يتعلق بدعوة فناني العراق المغتربين في الخارج وحثهم للمشاركة في مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية، كشف فوزي الأتروشي، وكيل وزارة الثقافة العراقية، قائلا «قريبا جدا سوف يجري إعداد قائمة للمدعوين العراقيين في الخارج، تشمل كل مجالات الأدب والثقافة والفنون والإعلام، كذلك دعوة أهم الشخصيات العربية الثقافية، بعضها لم يزر البلاد منذ سنوات طويلة».

وعن تحويل الأموال المخصصة لتطوير شارع الرشيد، ضمن مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية إلى وزارة الدفاع، قال «مشروع تطوير شارع الرشيد هو مشروع كبير، ولا بد أن يحظى بالعناية الكافية، من لدن محافظة بغداد وأمانة بغداد بالتحديد، وقد باشرت المحافظة أعمال التطوير ونأمل الانتهاء منها قريبا».