السعوديون يستذكرون عبد الله بن خميس قائد الحملات الصحافية الجريئة

الأمير سلمان يرعى الثلاثاء لقاء عن الراحل

ابن خميس في الوسط مع مجموعة من الأدباء السعوديين في إحدى زياراتهم الخارجية وعن يمينه حسن كتبي وعلى يساره محمد سليمان الشبل وعبد العزيز الرفاعي وحسن القرشي
TT

يستذكر السعوديون يوم الثلاثاء المقبل 26 فبراير (شباط) الحالي، وعلى مدى يومين، في لقاء يرعاه الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، الشيخ عبد الله بن خميس، أحد رموز الأدب والشعر والجغرافيا والتاريخ في الجزيرة العربية، وأحد رواد صحافة الأفراد في السعودية، ومؤسس جريدة «الجزيرة»، الذي تقلد خلال 17 عاما وظائف رسمية في الدولة منذ التحاقه في العمل الحكومي قبل نحو 60 عاما وحتى تقاعده المبكر قبل 32 عاما، ليتفرغ للبحث والتأليف حتى وفاته في 18 مايو (أيار) 2011م.

وتنظم دارة الملك عبد العزيز بالتعاون مع النادي الأدبي اللقاء عن الأديب الراحل، ويستضيفه فندق «كوت يارد» متضمنا محاور 7 تغطي شعره، ونثره، من خلال المقالة وأدب الرحلات، ومؤلفاته التاريخية والجغرافية والموروث الشعبي لديه، والتجربة الإعلامية الصحافية والإذاعية للراحل، كما سيسجل اللقاء شهادات شفوية تتضمن ذكريات ومواقف وشواهد تاريخية لعدد من معاصريه ومن تعاملوا معه.

وسجل الراحل حضورا في بلاده كأديب وشاعر وناقد وباحث ورمز ثقافي ورائد من رواد الصحافة في الجزيرة العربية، محققا سلسلة من النجاحات في المهام التي أوكلت إليه وتسنم إدارتها، تاركا سفرا خالدا من المؤلفات والمعاجم تجاوزت الـ24 بالإضافة إلى مئات الأبحاث المختلفة غطت جوانب مختلفة في مجالات الأدب والثقافة والجغرافيا والتاريخ والشعر وكتابات جريئة تناولت قضايا النفط والمياه في بلاده، وعددا من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتعددة، مما يجب معه أن يطلق عليه لقب «موسوعة الجزيرة» وقائد الحملات الصحافية الجريئة وغارس بذور اليقظة الاجتماعية والوطنية في السعودية.

ترك ابن خميس، الذي غادر والده مع جده الدرعية إلى ضرما (40 كيلومترا غرب الرياض) بعد تخريبها عام 1818م ليعود إلى بلدته الأصل بعدما عادت الأمور إلى مجاريها، بصمات تدين له وتعترف بفضله وجهوده في خدمة جغرافية وتاريخ وصحافة بلاده.

وقد تأثر الراحل بمجلة «الرسالة» وبأسلوب صاحبها أحمد حسن الزيات، حيث يذكر محمود رداوي في كتابه عن ابن خميس وآثاره الأدبية أن صلته بالزيات «صلة قديمة.. صلة قراءة، صلة لقاء وصداقة أدب، لا صداقة أرب»، وكانت مجلته «الرسالة» هي المفضلة والصديق له من بين سائر المجلات، ولقد كان الزيات أستاذه الأول والأخير في تكوين قلمه.

ثم ينوه محمود رداوي بدور ابن خميس في الحركة الصحافية السعودية وبدور مجلته الشهرية في ازدهار العمل الصحافي أولا. وفي خدمة قضايا المجتمع، والإرهاصات التي كان يستشرف بها المستقبل الأفضل، فيواصل ويقول إنه يعي جيدا أهمية الصحافة في نهضة الشعوب، وفي غرس بذور اليقظة الاجتماعية والوطنية، وكان يعي أنها وجه من وجوه الفكر المعاصر ولون من ألوان الثقافة، وأنها أصبحت علما من العلوم، كما هي فن من الفنون. ويضيف: «إن من يدرس تاريخ الصحافة في المملكة لا يمكن أن يتجاهل دور مجلة (الجزيرة) وصاحبها في فترة من الفترات الحرجة والحاسمة في تاريخ المملكة».

ثم يصف محمود رداوي كيف يتعامل ابن خميس الأديب مع قضايا السياسة من منظور صحافي فيقول: «على أن تحليله السياسي يظل مصبوغا بألوان أدبية بلاغية، فهو يحيل النص السياسي إلى نص أدبي والرؤية السياسية تستحيل إلى رؤية نقدية».

ثم يقول: «لذلك كانت كتابات ابن خميس الصحافية تخرج عن نطاقها الرسمي والآني الصحافي لتحلق في أجواء سامية وأبعاد متألقة للفن الأدبي والنثر الرفيع».

وإذا ما تصفح الباحث في «فواتح الجزيرة»، والمقالات الصحافية التي كانت يحررها في مجلته، يجد أن ابن خميس قد تبنى قضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية متعددة ومهمة وفي مقدمتها شؤون فلسطين، كما أفسح المجال واسعا للقلم النسائي بالتوقيع الصريح ولمناقشة قضايا المرأة، وقاد حملات صحافية جريئة من بينها مواضيع الزيت والماء وشؤون العمل والحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية للمجتمع بأسلوب ينبض بالصدق والحماسة والوطنية والأصالة والتراث، ولقد قال ذات مرة إنه كتب في مواضيع المياه ما قد يصل حجمه إلى كتاب، ويظل كتاب «فواتح الجزيرة»، على الرغم من مرور عقدين على جمعه وإصداره، يتجدد ويزداد قيمة ووزنا، وإن كان لا يتضمن كل المقالات التي كتبها في مجلته بسبب جرأتها.

وترك الراحل ابن خميس قائمة بـ24 عنوانا لكتب ألفها، وهي: «الأدب الشعبي في جزيرة العرب»، «الشوارد» (ثلاثة أجزاء)، «المجاز بين اليمامة والحجاز»، «شهر في دمشق»، «على ربى اليمامة» (ديوان شعر)، «الديوان الثاني» (ديون شعر)، «راشد الخلاوي»، «بلادنا والزيت»، «من أحاديث السمر»، «معجم اليمامة» (جزءان)، «من جهاد قلم» (في النقد)»، «من جهاد قلم (محاضرات وبحوث)»، «من جهاد قلم (فواتح الجزيرة)»، «الدرعية»، «أهازيج الحرب أو (شعر العرضة)»، «معجم أودية الجزيرة» (جزءان)، «من القائل» (أربعة أجزاء)، «تاريخ اليمامة» (سبعة أجزاء)، «معجم جبال الجزيرة» (خمسة أجزاء)، «رموز من الشعر الشعبي تنبع من أصلها الفصيح»، «جولة في غرب أميركا»، «رمال الجزيرة (الربع الخالي)»، «تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات» (تخريج وتقديم)، «أسئلة وأجوبة من غرائب آي التنزيل» (إعداد).