إجادة «الإنجليزية».. شرط لمزاولة الطب في بريطانيا

لوائح الاتحاد الأوروبي «الفضفاضة» خلفت عددا من الأحداث المأساوية

TT

في خطوة تهدف لحماية أرواح المواطنين، رغم أنها قد تسفر عن إشكالية مع الاتحاد الأوروبي، تعمل بريطانيا على وضع تقنين جديد يشترط على الأطباء من خارج المملكة المتحدة، والقادمين من دول الاتحاد الأوروبي، إثبات إجادتهم للغة الإنجليزية قبل السماح لهم بمزاولة المهنة على الأراضي البريطانية.

ومنذ عام 1983، تسمح بريطانيا بعمل الأطباء من نطاق الاتحاد الأوروبي على أراضيها من دون إجراء اختبارات للغة الإنجليزية، وذلك لأن تفسيرات قواعد الاتحاد الأوروبي (الذي انضمت له بريطانيا في عام 1973) الخاصة بـ«حرية حركة العمالة بين الدول الأعضاء» كانت «تجرم» إجراء اختبارات لغة للعمالة (ومن بينهم الأطباء)، باعتبارها تمييزا غير مسموح به.. لكن المجلس الطبي العام في بريطانيا سيغير من تلك القواعد قريبا، معتبرا أن لوائح الاتحاد الأوروبي «الفضفاضة» هي ثغرة في منظومة العمل الصحي لا بد من رتقها. وسيمكن للمجلس وفقا للقواعد الجديدة مطالبة أي طبيب يرغب في العمل ببريطانيا «إجباريا» باجتياز اختبار للغة الإنجليزية، وعلى أثره يمكنه رفض التصريح بمزاولة المهنة لمن لا يجتاز الاختبار بصورة مرضية، حتى لو كان من إحدى دول الاتحاد الأوروبي. كما سيسمح المجلس لكبار الأطباء بإجراء تقييمات لغوية دورية للعاملين بالقطاع الصحي، على أن يكون من حقهم إيقاف «غير القادرين» على التعامل مع المرضى «لغويا» بصورة جيدة.

وبينما تشير المعلومات إلى أن تلك الإجراءات سيتم تفعيلها العام المقبل، أوضحت مصادر بالمجلس الطبي العام لـ«الشرق الأوسط» أن الإجراءات ستدخل حيز التنفيذ مع بداية شهر أبريل (نيسان) المقبل، وأنها «طليعة حزمة من الإصلاحات التي تستهدف عددا من الثغرات بالمنظومة الصحية في بريطانيا».

وبحسب صحيفة «التلغراف»، فإن الحكومة البريطانية الآن في «حوار» مستمر مع قرنائها في الاتحاد الأوروبي، من أجل مراجعة قواعد العمل، وبخاصة في مجال الصحة. ورغم إشادة وزير الصحة البريطاني، الدكتور دان بولتر، بمستوى آلاف الأجانب العاملين في المنظومة الصحية، فإنه أكد في تصريحات صحافية أمس أن «الإجراءات الجديدة تهدف إلى حماية أرواح المرضى».. بينما أشار نيال ديكسون، الرئيس التنفيذي للمجلس الطبي العام، إلى أن تلك الإجراءات ستنفذ بقوة خلال العام المقبل، مشددا على أن «رسالتنا واضحة.. من حق المرضى أن يثقوا في أن من يعالجهم يفقه ما يقولونه بصورة جيدة».

واشتعل جدل قضية الأطباء من خارج بريطانيا، منذ عدة سنوات، وذلك نتيجة عدد من الحوادث التي أودت بحياة مرضى نتيجة لـ«سوء فهم» من الأطباء الذين لا يجيدون الإنجليزية، جنبا إلى جنب مع مشكلات أخرى تتعلق بعدم قدرة بريطانيا على وضع قواعد أكثر صرامة للتعامل مع الأطباء القادمين إليها من الاتحاد الأوروبي.

ومن بين نحو ربع مليون طبيب مسجل بالمملكة المتحدة، يوجد نحو 25 ألفا ممن تلقوا تدريبهم «وإجازتهم» من بلدان الاتحاد الأوروبي. كما يوجد أكثر من 50 ألفا ممن تلقوا تدريبهم في دول أخرى حول العالم، والذين يخضعون لاختبارات لغة بموجب القانون، ضمن عدد من الاختبارات التي تسبق منحهم ترخيص العمل.. وكثيرا ما سجلت حالات لأخطاء نتيجة «سوء تفسير» الطبيب لحالة مريضه، وذلك بناء على عدم درايته الكافية للغلة الإنجليزية، مما ترتب عليه علاج خاطئ.

وفي عام 2008، قتل رجل سبعيني على يد طبيب ألماني (نيجيري المولد) في مدينة كمبردج، حين قام الطبيب - في مداومته الأولى والوحيدة ببريطانيا - بحقن مريض بجرعة تعادل 10 أضعاف الجرعة المطلوبة من أحد مشتقات «المورفين» لعلاج مغص كلوي.

وفجرت الحادثة جبلا من الجليد داخل بريطانيا، ينصب حول مسألة السماح للأطباء من نطاق الاتحاد الأوروبي بالعمل داخل المملكة المتحدة من دون قيود، خاصة أن أقوال الطبيب في التحقيقات أشارت إلى عدم معرفته التامة بآثار ذلك الدواء، نظرا لعدم إجادته للغة الإنجليزية.