نتائج الأوسكار على عكس التوقعات.. أحيانا

ستيفن سبيلبرغ يخرج بأقل قدر من الذهبيات

TT

ما حكاية الفساتين البيضاء هذا العام؟ تساءل أحد المتابعين وهو يحاول إحصاء عدد الممثلات اللواتي ارتدين فساتين بيضاء دخلوا بها صالة الدولبي التي تم تخصيصها هذا العام لحفلة الأوسكار، ومن بينهن كوين لطيفة وآن هاذاواي، تشارليز ثيرون، جنيفر لورنس.. جسيكا شستين اختلفت. ارتدت فستانا بلون «الذهب».. لكن أعضاء الأكاديمية مانحة الأوسكار كانوا أخذوا منها الذهب الوحيد الذي له قيمة فعلية في حفلة توزيع الجوائز، وهو ذهب التمثال ذي الرأس النصفي المشهور.

مارلين مونرو، تُذكر وتُعاد، كان لها رأي خاص بالنسبة لذلك التمثال المنحوت، كما لو أن جزءا من رأسه سقط أرضا. قالت، وهي المتهمة بأنها لم تكن من الممثلات المفكرات: «يذكرني برأس رجل فقد جزءا من عقله.. الجزء الذي يفكر به». والواقع لا يحتمل تجاهل تلك الملاحظة من الخمسينات أو الستينات: من كان يستطيع أن يحزر أن جوائز الأوسكار ستذهب إلى حيث ذهبت؟ طبعا هناك بعض الجوائز التي لم يكن هناك أي جدال فيها، وقد تنبأنا هنا بها: جائزة أفضل ممثل ستذهب إلى دانيال داي - لويس عن دوره في فيلم «لينكولن». يستحق وسينال. وهو بالفعل نال. «حب»، الفيلم الطائر من فرنسا والنمسا لن ينال أوسكار أفضل فيلم، بل سيكتفي بأوسكار أفضل فيلم أجنبي، وهذا ما حدث بالفعل. آن هاذاواي الأكثر احتمالا للفوز بأوسكار أفضل ممثلة مساندة؛ نعم، وهي لم تكذب الخبر.

لكن أن يخرج «زيرو دارك ثيرتي» و«لينكولن» من جائزة أفضل فيلم لحساب «أرغو»؟ أن ينتصر الاعتدال، كما توقعنا ولو كاحتمال ثالث، فإن هذا كان مفاجأة رقص لها طربا الممثل والمخرج بن أفلك، وشاركه السعادة الغامرة شريكه في الإنتاج جورج كلوني، الذي كان هذا الناقد أول عربي أسرّ له كلوني بهذا المشروع، وذلك قبل 3 سنوات بعد ظهر يوم كسول في فينيسيا. يومها كان يحضر لـ«هذه الدراما الحقيقية التي أريد إخراجها عن واحدة من فصول تاريخ الـ(سي آي إيه) في إيران». كلوني لم يخرجها، بل اكتفى بإنتاجها وسلم القيادة لبن أفلك الذي كان في العام ذاته خطف إعجاب النقاد فوق تلك الجزيرة وخارجها بفيلمه «البلد».

طبعا لا يجوز السؤال حول لماذا إذا ما كان «أرغو» أفضل فيلم لم يفز بن أفلك بجائزة أفضل مخرج، وذلك لأن الأكاديمية سبق واستبعدت المخرج من اعتبار وضعه في قائمة المخرجين المتنافسين. لكن السؤال الجائز هو: إذا كان آنغ لي هو أفضل مخرج.. لمَ لمْ يفز فيلمه «حياة باي» بجائزة أفضل فيلم إذن؟

اختر واحدا من 3 أجوبة:

- أعضاء الأكاديمية قدروا جهد لانغ، لكنهم لم يتفقوا على تقدير فيلمه.

- فيلم آنغ لي هو حرفة ماهرة لكنه منفذ في بركة ماء في أحد الاستوديوهات.

- فيلم «أرغو» شد الرحال والعزم مستفيدا من هطول الجوائز عليه ما بين الـ«غولدن غلوبس» والـ«أوسكار». الفيلم فاز بنحو 10 جوائز رئيسية وشبه رئيسية خلال الشهرين الماضيين، مما جعل المزيد من أعضاء الأكاديمية يحشدون له، خصوصا بعدما حرموا أفلك من ترشيح كان يستحقه في دائرة أفضل المخرجين.

الثلاثة صحيحة والأخير هو آني أكثر. في سنة لم يكن فيها فيلم يستطيع أن يسود التوقعات أو يجسدها على نحو كاسح، كما كان الحال، مثلا، مع «قائمة شيندلر» أو «غاندي» أو «أفاتار»، فإن كل واحد من الأفلام الأربعة المذكورة آنفا («زيرو دارك ثيرتي» و«لينكولن» و«أرغو» و«قصة باي») كان له نصيب متقارب من الحظوظ. ما لم يكن أحد يتوقعه هو خروج ستيفن سبيلبرغ خالي الوفاض على هذا النحو، ولو أنها ليست المرة الأولى التي يدخل ويخرج فيها من باب الترشيحات الكبيرة بأقل قدر من الذهبيات. هذه المرة نالها دانيال داي - لويس عنوة عن 4 مرشحين جيدين، لكن لم يكن أمامهم سوى قبول النتيجة حتى من قبل أن تُعلن.

«أرغو» خرج بأوسكارين آخرين مهمين هما أفضل سيناريو مقتبس وأفضل مونتاج. بينما حصد «حياة باي» في مجالات التصوير والموسيقى لجانب جائزة الإخراج طبعا.

المفاجأة في قسم الممثلات: جسيكا شستين لعبت دورا دراميا قويا كعميلة السي آي إيه في «دارك زيرو ثيرتي»، ونالت «زيرو» جوائز. الجائزة في هذا المجال ذهبت إلى جنيفر لورنس التي تؤدي ما تؤديه عادة (كوميديا، دراما، أكشن) بنجاح، وهكذا كان حالها في «سيلفر لاينينغز بلايبوك» الذي فازت عنه بأوسكار أفضل ممثلة رئيسية. «دارك زيرو ثيرتي»، مثل «لينكولن» اكتفى بجائزة واحدة هي أوسكار «أفضل إنجاز في مزج الصوت».

توقعنا هنا أن يتجاوز أعضاء الأكاديمية فيلم «دجانغو طليقا» من اعتبار منحه أوسكار أفضل فيلم. لكن كونتين تارانتينو خرج سعيدا، إذ التقط أوسكار أفضل كتابة سيناريو مخصص للسينما (عنوة عن مارك بول صاحب سيناريو «زيرو دارك...») كما كان سعيدا لفوز ممثله المساند كريستوف وولتز بأوسكاره في هذا المجال.

على صعيد هوليوود والعالم، وفي حين أن «حب» يرمي نظرة إنسانية (ولو باردة إنسانيا أيضا) على عالم المسنين، فإن الفيلم الفائز بأوسكار أفضل فيلم تسجيلي «البحث عن رجل السكر» لمالك بنجلول وسيمون تشين يعاكسه، فهو رحلة حب بحثا عن صفاء الأمس، وليس شقاءه.

وهو بفوزه وضع حدا لرغبة هوليوود التعاطي والموضوع السياسي الشائك المسمى بفلسطين (كما كانت تفعل في كل مرة سابقة). فلا «خمس كاميرات محطمة» لعماد برناط وغي دايفيدي اقترب من الفوز، ولو من باب تمثيله تعاونا بين سينمائيين فلسطيني وإسرائيلي، ولا الفيلم الإسرائيلي - الفرنسي «حراس البوابة» أقنع هوليوود بفتحه.