اقتناء «الحيوانات الأليفة» يتحول من الكماليات للأساسيات

لم يعق أصحابها ارتفاع فاتورة العناية البيطرية

TT

لم تعد تربية الحيوانات والعناية بها مجرد حرفة أو مهنة يشتغلها الإنسان؛ ليستفيد من لحومها وحليبها أو جلودها وأصوافها، ولا مجرد هواية يستمتع أصحابها بممارستها لتشغل أوقات فراغهم، بل تطورت تلك العلاقة حتى أصبحت الحيوانات صديقا مقربا جدا من بعض الأشخاص الذين باتوا يخصصون جزءا من يومهم للجلوس معها والعناية بها.

وبين الدكتور موسى عبد الرحمن طبيب بيطري يعمل منذ 18 سنة في هذا المجال، أن اهتمام السعوديين بالحيوانات بات مختلفا عن السابق، وقال: «لمست من خلال عملي في العيادة البيطرية مدى اهتمام الشباب والفتيات بالحيوانات التي يمتلكونها، حيث إنهم حريصون جدا على أخذ المواعيد بشكل مستمر للعناية بها والاطمئنان على نظافتها، وتطعيمها ضد الفيروسات».

وأضاف: «على الرغم من ارتفاع أسعار الأدوية والمواد الغذائية والفيتامينات الخاصة ببعض الحيوانات، إلا أن ذلك لم يمنع أصحابها من الإقبال على النوعية الجيدة منها، رغبة في تدليلها حتى إن بعضهم يصطحبها في نزهة أو زيارة».

وبلغ تعلق خلود سلطان طالبة في المرحلة الجامعية بطيورها مرحلة من الهوس، حيث إنها تشاركها العيش في غرفتها، كما أنها تأكل في نفس الوقت معها، وخصصت لها وقتا كبيرا للعناية بها، حتى إنها قد تعتذر عن كثير من المناسبات حتى تبقى بجوارها وقالت: «تعلقت بطيوري بشكل كبير فمنذ أن أستيقظ من النوم أبدأ بالعناية بها فأحرص على نظافتها وأضع الطعام والفيتامينات لها».

وأضافت: «أقتطع جزءا من مصروفي وأخصصه للعناية بطيوري، كما أنني أحرص على شراء الفيتامينات والمكملات الغذائية لها، ونهاية كل شهر لا بد أن أصطحبها للعيادة البيطرية حتى أطمأن عليها وعلى خلوها من أية أمراض أو فيروسات».

وتشير الدراسات إلى أن الحيوان الأليف يقضي على الوحدة والانعزالية والاكتئاب، لذلك فإن ريما حمد الطالبة في المرحلة الثانوية ووحيدة والديها، تعوض تلك الوحدة بتربية القطط، وبينت أنها لا تبخل على قططها في الطعام من خلال توفير الوجبات الغذائية لها، إلى جانب أنها جهزت لها مكانا خاصا على سطح منزلها وتشتري تربة خاصة لها.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» أهوى تربية القطط منذ كنت طفلة، فكنت أعتني بتلك الموجودة أمام منزلنا وأقدم لها الطعام» وأضافت: «في المرحلة المتوسطة أهدتني والدتي قطة حتى أكف عن الاهتمام بقطط الشوارع خشية أن تكون مريضة وأصاب بعدوى منها».

وتواصل ريما: «بعد ذلك أحضرت إحدى صديقات العائلة قطة أخرى هدية لي وبعد ذلك تكاثرت القطتان وأصبح لدي مجموعة تصل إلى 11 قطة في سطح منزلي أعتني بها جميعا، ومنها ما ينام في حجرتي وأصطحبها معي أثناء خروجي».

وأضافت: «كنت أحرص على اصطحابها للعيادة البيطرية بشكل دوري، إلا أنه بسبب ارتفاع أسعار العيادات البيطرية سواء في الكشف أوالتنظيف لم أعد أصطحبها إلا للضرورة، وأحيانا أضطر لمعالجتها بنفسي داخل المنزل ببعض المواد التي يصفها لي الطبيب البيطري بدلا من الذهاب بها إلى العيادة».

ونظرا لهذا الاهتمام البالغ من الشباب والفتيات تجاه حيواناتهم فقد حرصت العيادات البيطرية على أن تتوفر لها خدمات ذات جودة عالية ومواد غذائية وأدوات زينة إضافة إلى اللقاحات والتطعيمات، لا سيما وأن الأطباء البيطريين يؤكدون أن أكثر المشكلات التي تواجه مالكي الحيوانات والمهتمين بها، عدم درايتهم بكيفية العناية بها سواء من ناحية تغذيتها أو متابعة حالتها الصحية ونظافتها. ويرجع أحمد منصور وهو صاحب عيادة بيطرية بجدة ارتفاع الأسعار إلى أن مكونات الأدوية باهظة الثمن، إضافة إلى أجرة الطبيب البيطري المرتفعة بسبب ندرة الكوادر الطبية في هذا المجال، إلى جانب الصعوبات التي يواجهونها أيضا أثناء فتح تلك المراكز واستمرارها. وتختلف أسعار علاج الحيوانات على حسب أنواعها، فالطيور تبدأ أسعار الكشف عليها من 100 ريال، فيما يبلغ ثمن الكشف على القطط والكلاب 300 ريال، وحال تطلب تنويمه في العيادة يبدأ سعر الليلة من 150 ريالا إضافة إلى ثمن العلاج، فيما تجاوزت تكاليف الجراحات 2000 ريال.

وحيث تهوى الفتيات اقتناء الطيور والقطط والحيوانات الأليفة، فإن للشباب حيوانات مختلفة بعض الشيء، إذ يفضل خالد الحربي تربية الثعابين والعقارب، والصقور بعد ترويضها وتدريبها لتعيش معه في المنزل. وبين أنه يصرف مبالغ طائلة لشراء تلك الأنواع من الحيوانات خاصة الغريبة والنادرة، ويقضي وقتا طويلا لترويضها.

وأشارت دراسة علمية قام بها فريق من علماء النفس في إحدى الجامعات الأميركية أن تربية الحيوانات تخفف من الاكتئاب، كما تخفف من ضغط الدم، وقد أجرى العلماء تلك الدراسة على مجموعة كبيرة ممن يعانون سرعة الغضب والتوتر وارتفاع ضغط الدم، وطلبوا منهم اقتناء حيوان أليف، وبعد أشهر قليلة من اقتنائها اكتشف الباحثون أن حالات التوتر والاكتئاب لدى هؤلاء الأشخاص قد انخفضت إلى النصف.