علماء فرنسيون يحللون قلب ريتشارد «قلب الأسد»

وجدوا أنه عطر برائحة زهور المرغريتا والبخور

قام هذا الملك بقيادة «حملة الملوك» التي تعرف بالحملة الصليبية الثالثة
TT

حلل علماء فرنسيون ما بقي من قلب الملك ريتشارد ملك إنجلترا الملقب بريتشارد قلب الأسد ووجدوا أنه عطر برائحة زهور المرغريتا والنباتات العطرية والبخور لتظل رائحته عطرة وتحيط به هالة من القدسية.

ووجد العلماء الفرنسيون الذين حللوا قلب الملك ريتشارد الأول الموجود في كاتدرائية روان منذ وفاته أنه كان ملفوفا بالكتان وعولج بالزئبق والأعشاب ووجدوا به آثار لقاح مما يؤكد تقارير وفاته متأثرا بجرح أصيب به في الحرب في ربيع عام 1199 بوسط فرنسا.

لكن فيليب شارلييه الذي قاد التجربة ونشر نتائجها يوم أول من أمس الخميس، كما جاء في تقرير وكالة رويترز، لم يجد في ذلك المسحوق المتبقي من قلب الأسد أي أثر للسموم وهو ما يدحض روايات قالت إن ملك الحروب الصليبية أصيب برمح مسموم. وخلص العلماء إلى أن تلوث جرحه نتيجة عدم توافر سبل التطهير والتعقيم السليمة في ذلك الوقت كان على الأرجح سبب وفاته عن 41 عاما.

وبالنسبة لمواطني بريطانيا فإن النتائج التي توصل إليها فريق شارلييه ربما تحيي ذكرى ملك خلده الأدب الشعبي بوصفه ملكا طيبا وإن كان غائبا كما تورده روايات روبن هود.

أما بالنسبة للفرنسيين الذين مات ريتشارد قلب الأسد وهو يحاربهم فسمعته كمقاتل لا يرحم في الحروب الصليبية في الأرض المقدسة وأيضا في أوروبا قد تفسر الجهد الذي بذل للحفاظ على قلبه بهذه الطريقة المكلفة التي تحيط بها هالة من القداسة.

وكان البريطانيون قد اكتشفوا في الآونة الأخيرة رفات الملك ريتشارد الثالث - وهو أحد أبناء سلالة ريتشارد قلب الأسد الذي عاش في القرن الخامس عشر - أسفل مرأب للسيارات.

وعن نتائج تحليل قلب ريتشارد الأول قال شارلييه في مؤتمر صحافي في مدينة فرساي الفرنسية «أولى الناس جسده اهتماما خاصا وبالذات قلبه بإضافة الطيب والأعشاب التي لم يكن اختيارها جزافا. وعرفنا من مصادر تاريخية أن هذه الأعشاب والطيب استخدمت لتمنحه هالة من القداسة».

ولد ريتشارد قلب الأسد عام 1157 م، وهو الابن الثالث للملك هنري الثاني. على الرغم من مكانته التي وضعه أبوه فيها، وجعله في منزلة الدوق، إلا أنه لم ترق له هذه الحياة ولم يرض بغير الملك، فثار مع إخوته على أبيه عام 1173-74 م. ثم ما لبث وأن تقاتل مع إخوته أيضا على الملك، وعاد مرة أخرى وقاتل أباه في معركة عنيفة عام 1189م.

ويقول مؤرخون إن حياته كانت عبارة عن سلسلة متصلة من الحروب، حاول وهو شاب صغير الانقلاب على أبيه الملك هنري ملك إنجلترا، بل حارب قومه الإنجليز إلا أن أباه انتصر عليه بعد أن انفض أتباعه وعفا عنه. ثم حارب الفرنسيين تحت راية والده، وفي تلك الحروب بدأ يشتهر بلقبه الذي لا يذكر اسمه إلا ويقرن به، «قلب الأسد» فأصبح يعرف بريتشارد قلب الأسد.

تعاون مع عدوه اللدود ملك فرنسا فيليب أغسطس ضد أبيه الملك العجوز هنري. وهذه المرة تمكن من إلحاق الهزيمة بوالده. وتم عقد صلح مهين مع الملك هنري الذي توفي بعد ذلك الصلح بقليل قهرا.

تولى ريتشارد قلب الأسد حكم إنجلترا وبدأ يعد العدة للذهاب للمشرق، إلى صلاح الدين، وكله أمل في استعادة القدس التي وقعت بين يدي القائد الأيوبي الكبير سنة 1188. فقام هذا الملك بقيادة «حملة الملوك» الصليبية والتي تعرف بالحملة الصليبية الثالثة، برفقة ملك فرنسا فيليب الثاني وملك ألمانيا فريدريك الأول. وفي طريقه إلى فلسطين قام بتأديب لصوص قبرص الذين لم يعلموا مقدار قوته عسكريا التي كانت نحو 250 ألف جندي صليبي، وكانت سببا في تأخره لمقاتلة المجاهدين في فلسطين. أما أهم أسباب عودته فهي انقلاب شقيقه جون في إنجلترا وتيقنه باستحالة أخذ القدس تحت هذه الظروف خاصة أنه يواجه قائدا عظيما هو صلاح الدين. في 1192 عقد ريتشارد مع صلاح الدين معاهدة تنازل فيها الصليبيون عن بيت المقدس ولم يتمكن ريتشارد إلا من الاحتفاظ بالمدن الساحلية للصليبيين.

ثم غادر إلى بلاده إلا أنه في طريقه وقع في أسر الإمبراطور الروماني هنري السادس ولم يطلق سراحه إلا بعد دفع فدية كبيرة سنة 1194. فلما عاد ريتشارد إلى انجلترا تمكن من استعادة ملكه وقتل المتآمرين وعفا عن أخيه. ثم توجه إلى فرنسا للدفاع عن ممتلكاته فيها.