معبد الماء التونسي.. بناه الرومان في عهد الإمبراطور هادريانوس

أعاد بناءه وأضاف عليه الخليفة المستنصر بالله الحفصي

متنزهون بالقرب من معبد الماء
TT

حديقة معبد الماء بزغوان من أروع الأماكن التي يمكن للمرء أن يقضي فيها أوقاتا طويلة دون الشعور بالملل أو حتى مرور الوقت. فإلى جانب أصوات خرير المياه، وجمال الطبيعة، يلمس الزائر مدى الاهتمام بالنظافة في ذلك المكان الرائع الذي لا يشبهه أي مكان في العالم.

«معبد المياه» (60 كيلومترا غرب العاصمة تونس) بناه الرومان في عهد الإمبراطور هادريانوس، في الفترة ما بين 117 و138 وهو عبارة عن عين جارية في سفح الجبل، وقد بني عليها هيكل ضخم وبجانبها هرم أخضر. ومن زغوان تمتد قنوات مياه ضخمة إلى العاصمة، ومدن الساحل. وتبلغ كميات المياه الواصلة للعاصمة من زغوان 32 مليون لتر يوميا.

ورغم أن الرومان هم من بنى الحنايا (سور عال يحمل المياه لما يزيد عن 130 كيلومترا) فإن صراعاتهم دمرت ذلك المشروع الضخم، ويعود الفضل في إعادة بنائه والإضافة عليه للخليفة المستنصر بالله الحفصي، الذي أعاد بناء الحنايا من جديد بل بأفضل مما كانت عليه، وذلك في القرن الثالث عشر الميلادي، مستفيدا من تقنيات عصره والتي سمحت له بسقي متنزهات رأس الطابية، وجنان أريانة، وتوفير الماء لجامع الزيتونة المعمور (تونس العاصمة).

يمكن للزائر أن يلاحظ المياه تتدفق من فوق حنايا مدخل متنزه معبد الماء، لكن المعبد نفسه خال تماما من المياه وقد وضع فوقه غطاء من البلور السميك. وقال لنا حارس المعبد رضا الوسلاتي أن «السلطات رأت إغلاقه لعدم احترام بعض الناس آداب الزيارة فكانوا يرمون بأعقاب السجائر في الماء».

توجد بالحديقة المتنزه أماكن للجلوس، لكن البعض يفضل الجلوس في المقهى والمطعم الموجودين في أسفل الحديقة. وقد تزامنت زيارتنا لمعبد الماء، مع رحلات مدرسية، وشاهدنا بعض الزيجات الجديدة تعقد في الحديقة التي يقال: إنها ترمز للخصب.

كان معبد الماء عظيما في بساطته فهو يشبه أشكال المسارح الرومانية القديمة، إذ توجد درجات متعددة من الصخور لعشرات الأمتار قبل الوصول إلى المعبد القابع في أسفل الجبل. وفي أطراف باحة المعبد هناك قوسان أحدهما تهاوى والآخر لا يزال صامدا، بينما الأقواس التي تمثل نصف دائرة على مساحة 500 متر مربع تقريبا مع حجرة رئيسية صغيرة من دون باب ظلت على حالها كما يبدو، رغم آثار السنين البادية على المكان التاريخي والبيئي الهام.

يلتقط الزوار الصور لهم في أماكن المعبد المختلفة ولا سيما عند العين، أو الأقواس أو مدارج المعبد سواء بشكل فردي أو جماعي. وقد أتعبنا البعض بطلباتهم التقاط صور لهم بكاميراتهم الصغيرة بعضهم من القيروان وبعضهم من صفاقس، وقابس، وبنزرت، وغيرها. وكان في المعبد وقتذاك سياح من الشقيقة ليبيا ومن دول أوروبية مختلفة.

في أسفل المعبد كان هناك شباب وصبية يبيعون مجسمات المعبد في شكله الأصلي، حيث اختفى الحوض الكبير وتغيرت بعض ملامح المعبد مع مر السنين. وقال محمد التبيني (15 سنة) «لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السلعة لابن عمي، وأحيانا يتركني مع البضاعة ويأتي في المساء» إلى جانب محمد كان هناك كريم الفرجاني (19 سنة) وهو يعمل في بيع التحف ومجسمات معبد الماء «منذ كنت صغيرا أعمل بائعا للتحف ومجسمات معبد الماء التي نصنعها في بيتنا فقد توارثنا هذه المهنة منذ زمن طويل».

تختلف أسعار التحف ومجسمات معبد الماء حسب الحجم والإضافات فبعض المجسمات ولا سيما مجسمات الأقواس وضعت بداخلها مرايا يمكن استخدامها، وبالتالي لا تكون التحفة أو المجسم للزينة فقط، أو الذكرى فحسب، بل يمكن أن تكون إطارا لمرآة توضع في الممرات المنزلية أو عند حنفيات المياه خارج بيوت الاستحمام والزينة. أما الأسعار فهي بين 3 دنانير و15 دينارا للقطعة الواحدة.