الكومبيوتر اللوحي كسب المعركة ضد الكومبيوتر الثابت وخسرها أمام «النوتبوك»

«إبريق عسل» لصيد الفيروسات وجهاز طباعة مجسمة في المعرض الدولي للكومبيوتر «سيبت» في هانوفر

موظفة في شركة «كار زاب» تعرض عملية التحكم بفتح السيارة بواسطة الكومبيوتر المحمول أو الهاتف الجوال في المعرض (إ.ب.أ)
TT

تتطلع أنظار منتجي الهواتف الجوالة والذكية إلى مستقبل مزدهر من خلال نافذة معرض «سيبت» الدولي للكومبيوتر، الذي فتح أبوابه للعالم أول من أمس؛ إذ سيبلغ عدد الهواتف الجوالة، بمختلف أنواعها، عدد سكان الأرض (7.1 مليار) حتى عام 2014 حسب إحصائية الاتحاد الدولي للاتصالات.

هذا لا يعني أن أطفال بلدان أفريقيا الفقيرة سيحظون بهواتف جوالة تسد رمقهم بدلا من الخبز، وإنما يعني أن كل فرد من أفراد البلدان الغنية سيحظى بأكثر من هاتفين جوالين.

وعلى أي حال كان انتشار الأجهزة المعلوماتية، الاتصالات على نحو كوني، والجوالة منها على وجه الخصوص، من أهم النزعات الاقتصادية التي تمت مناقشتها في أكبر معرض من نوعه في هانوفر 5 - 9 مارس (آذار).

وتقول إحصائية الاتحاد إن نسبة الهواتف إلى نفوس العالم الغني تبلغ 128 في المائة، في حين أن هذه النسبة تنخفض إلى 98 في المائة في البلدان النامية. في الوقت ذاته، وحسب فرانك بورشمان، رئيس معرض «سيبت» تجاوزت مبيعات أجهزة الكومبيوتر اللوحية لأول مرة مبيعات الكومبيوترات الشخصية (الثابتة)، إلا أن هذه «الألواح» لم تتغلب على الكومبيوتر المحمول «النوتبوك». وقالت النسبة العظمى من مستخدمي التقنية الرقمية إن الجهاز اللوحي غير قادر بعد على التعويض عن النوتبوك.

رفع المعرض هذا العام شعار «الاقتصاد التبادلي»Sharing Economy تعبيرا عن أهم النزعات الاقتصادية التي سادت «سيبت» هذا العام. وهي ظاهرة طبقها الشباب، على مستوى وطني وعالمي، قبل أن يرى فيها الاقتصاديون مستقبلا لعالم التقنية؛ فالشباب منذ سنوات يتبادلون الموسيقى والمعرفة والبرمجيات، وحتى الأشياء المادية، مثل الكتب والملابس، على الإنترنت، وهو ما يراه قطاع الكومبيوتر مثالا يحتذى به في عالم تبادل المعرفة. وهكذا استخدمت «فودافون» «تبادل السيارات» في المعرض، بين الشباب، كمثال يوضح الفكرة الاقتصادية وراء «التبادل»، في حين استخدمت «تيليكوم» تبادل الموسيقى على نحو واسع.

النزعة الثانية في هذا المعرض، التي ترتبط بالنزعة الأولى، هي خزن وتوفير كميات هائلة من المعلومات في «سحابة إلكترونية»، وتشجيع الاتصال بين الشركات في سبيل الانتفاع المتبادل من هذه المعلومات. ويطلق على هذا النوع من التبادل المعلوماتي اسم «الحوسبة السحابية»، إلا أن الكثير من الشركات تتخوف من خزن كل هذه المعلومات، والسرية خصوصا، في هذه «السحب»؛ خشية التلاعب في الإنترنت. وهو ما حفز الاهتمام بالنزعة الثالثة التي تهتم بأمن شبكة المعلومات وأمن استخدام الشبكة.

وقدمت الكثير من الشركات تقنيات جديدة لحفظ المعلومات وصيانتها، وصيانة كلمات السر، وشفرات دخول البنوك... إلخ. لكن شركة «تيليكوم» العالمية فاجأت الشركات الأخرى من خلال عرضها «حصان طروادة» ينصب كمينا لكافة أنواع الفيروسات، والديدان الإلكترونية، و«أحصنة طروادة» التي يبثها الهاكرز ضد مستخدمي الإنترنت.

أطلقت «تيليكوم» على «الكمين» اسما جميلا هو «إبريق العسل» الذي يذكر بالعسل الاصطناعي الذي يلتصق عليه الذباب. وقال توماس كريمر، من الشركة، إن «إبريق العسل» يجتذب كل أنواع «الآفات» الإلكترونية الضارة ويحيدها. وهذا ليس كل شيء؛ لأنه يكشف أسرار الفيروس، يكشف طريقة عمله، ويفضح أسلوب الهاكرز في اختراق النظم الأمنية. ووضعت «تيليكوم» 90 «إبريق عسل» من هذا النوع في خدمة شبكاتها على المستوى العالمي بهدف كسب أكبر عدد ممكن من المعلومات عن الفيروسات ومستخدميها.

وذكر كريمر أن «إبريق العسل» يتعرض إلى 450 ألف هجوم يوميا من قبل فيروسات الهاكرز، وأنه يقوم بتحليلها وعرض تفاصيل تركيبها وعملها. وعموما رصدت الشركة نحو 200 ألف نوع جديد من أنواع الفيروسات يجري بثها في الشبكة يوميا.

حتى 2020 سترتبط أكثر من 5 مليارات جهاز بعضها ببعض، حسب تقدير إدارة معرض «سيبت»، وهو، ما يؤلف النزعة الأخرى في المعرض. أي ما يطلق عليه «M2M» (Machine to Machine) أو جهاز إلى جهاز. فأجهزة اليوم متعددة الوظائف، سهلة الاستعمال، جوالة، وقادرة على الدخول في الإنترنت بسهولة، وهو ما يسهل اتصالها مع بعضها. و«سمارت فون» مثلا ما عاد هاتفا جوالا وكومبيوترا مصغرا وتلفزيونا وراديو ومشغل موسيقى فحسب، وإنما أصبح مفتاحا إلكترونيا للسيارة، مشغلا لأجهزة التكييف في البيت، وجهاز قياس ضغط الدم وعدد نبضات القلب، إلى جانب كونه دليل خرائط وجهاز إنذار ضد الحوادث وجهازا لعرض الأفلام على الجدار.

شركة «بايت أكشن» الألمانية عرضت برنامجا يحول الهاتف الذكي والهاتف الجوال إلى جهاز إنذار صامت في المدارس. والفكرة هي الإنذار المبكر ضد الحرائق والطوارئ الأخرى، وضد الدخلاء الذين قد يسحبون أسلحتهم فجأة ويبدأون برش الرصاص على التلاميذ والمعلمين. والنظام يخبر المعلم حال حصول أي أمر، دون إحداث حالة اضطراب بين التلاميذ، ويمكن للوقت المكتسب في الإنذار المبكر أن ينقذ حياة الكثيرين. ويمكن لرسالة «إس إم إس» التحذيرية أن تصل في الوقت ذاته إلى الشرطة وشرطة النجدة ومديرية الإطفاء.

شركة «تشينجر» الألمانية، المهتمة بالبيئة، قدمت الوجه «الأخضر» لـ«سيبت» من خلال جهاز هاتف ذكي، أو جوال، يعمل ببطارية شمسية «سولار». ويمكن شحن البطارية بواسطة جهاز سولار صغير أبيض اللون يمكن للمهتم أن يشتريه مقابل 145 يورو. وكتعويض طرحت الشركة نظام مكافأة يتيح لمشتري الجهاز أن يجمع نقاطا عن كل غرام غاز ثاني أكسيد الكربون يعمل على تقليصه، ويمكنه بالتالي أن يشتري أجهزة بواسطة هذا «الحساب».

و«الجيب الأخضر» عبارة عن توصيلة كهربائية ذكية اخترعتها شركة يقودها مخترعون شباب ويساعد في تحويل الهاتف الذكي التقليدي إلى «ريموت كنترول» لتوجيه الكثير من الأجهزة المنزلية. وتعمل تقنية «الجيب الأخضر» عن طريق ربط التوصيلة في كهرباء البيت، ومن ثم اختيار الموجات المناسبة.

وبعد أن شهد العالم استخدام أجهزة الطباعة بالأبعاد الثلاثة (3 - دي) في العلوم والطب والفن، دشن «سيبت 2013» عصر دخول هذه الأجهزة للاستعمال الشخصي في البيوت والمكاتب الصغيرة. واستعرضت الشركة الألمانية «سنترماسك» جهاز طباعة بثلاثة أبعاد اسمه «فابستر» يستخدم البلاستيك الملون بدلا من الحبر في الطباعة. وذكرت سوزانه تزايتلر، من الشركة، أن الجهاز سهل الاستعمال، كما يمكن استبدال أجزائه بسهولة، الأمر الذي يجعله ملائما للاستعمال الشخصي.

يستخدم «فابستر» عبوات من البلاستيك الملون، ويتولى جهاز صغير، يمكن فصله وتنظيفه، لتسخين البلاستيك، ومن ثم رشه بالطبقات والألوان المطلوبة. وتعتمد فترة الطباعة ودقتها على مدى «تعقيد» المادة المطلوب طباعتها، أو لنقل رسمها. وحسب معلومات تزايتلر فإن الجهاز أصلح ما يكون لرسم وطباعة نماذج الأجهزة الصغيرة، أو أجزاء الأجهزة، وأيضا لرسم موديلات الملابس، وطواقم الأسنان (أطباء الأسنان) وفي صناعة مكائن السيارات... إلخ.

من الناحية الاقتصادية أشارت إدارة المعرض، بالاستناد إلى معطيات شركة «بيتكوم» العالمية، إلى أن ثلاثة أرباع الشركات المنتجة لوسائل وتقنيات الاتصالات حققت أرباحا جيدة في النصف الأول من عالم 2013، وذكرت نسبة 57 في المائة من هذه الشركات أنها تود توظيف المزيد من المتخصصين الشباب في مجال المعلوماتية. وعلى مستوى القطاع التقني في ألمانيا، تحدثت «بيتكوم» عن حاجة الشركات إلى 40 ألف تقني شاب متخصص.

ولأول مرة في ألمانيا تمكن زوار معرض «سيبت 2013» من سحب النقود من أجهزة الصرف الأوتوماتيكية بواسطة البطاقة الشخصية (الهوية) وليس بواسطة بطاقة الائتمان. وأطلق على النظام اسم «بيرسو - ماتيك»، حيث «بيرسو» هي مختصر شخص بالإنجليزية، ويمكن استخدامه (حاليا) لسحب مبلغ أقصاه 200 يورو.

يضع الشخص بطاقته الشخصية على جهاز مسح بالليزر فتظهر المعطيات الشخصية على شاشة جهاز الصرف الأوتوماتيكي. يكتب بعدها الرقم السري الخاص بالبطاقة والمؤلف من 6 أرقام فيمنحه الجهاز المبلغ المطلوب. وواضح أن الجهاز سيطلب اسم البنك ورقم الحساب، عندما يستخدم الشخص البطاقة الشخصية في السحب لأول مرة، بعدها لا يحدث ذلك.

جائزة المعرض للابتكار هذا العام، وقدرها 50 ألف يورو، ذهبت إلى المخترع الشاب ألكسندر لوفلر من «المعهد الألماني لأبحاث الذكاء الاصطناعي». ونال لوفلر الجائزة لقاء ابتكاره شاشة كبيرة (DaaS) تصلح مباشرة للعرض من «سمارت فون» أو من جهاز لوحي أو من «نوتبوك»، كما أنها تلفزيون وجهاز «دي في دي» وعارض يرتبط مباشرة بالإنترنت.

وشارك في دورة 2014 لمعرض «سيبت» الدولي أكثر من 4100 شركة من 70 دولة، وهذا يعني أن المشاركة انخفضت بعدد 100 عارض، لكن المعروضات زادت وتنوعت واحتلت مساحة أكبر. ومن المتوقع أن يجتذب المعرض أكثر من 300 ألف زائر.