أكبر سوق صينية في العالم بدبي

«سوق التنين».. من الإبرة إلى المصانع الصغيرة

تعمل السوق ايضا على نقل الثقافة الصينية الى المنطقة بما تحويه من تراث وفن وطعام (« الشرق الأوسط»)
TT

مجمّع سوق التنين «دراغون مارت» الشهير في قلب دبي أصبح منارة شهيرة، يأتيه الزبائن من كل مكان من الإمارات السبع، ومن عُمان التي لا تبتعد بمسافة 100 كيلومتر عن حدودها. السوق مشيدة على شكل تنين، وقد تم تقسيمها إلى قسمين: الأول للرأس والثاني للجسد. تم تشكيل الرأس من بنايات ذات طابقين، والجسم والذيل من بنايات بطابق واحد تمتد مجتمعة بشكل التنين. أمام المدخل الرئيسي لسوق التنين، تتموضع كرة أرضية باللون الذهبي، وقد التف حولها التنين من جميع الجهات، في رمز إلى قدرة هذا التنين على الوصول إلى أي بقعة في العالم.

والسوق مقسمة من الداخل إلى مناطق وظيفية لكل منطقة لون مختلف حسب النشاط التجاري المحدد لها، فهناك مناطق للحقائب والأحذية، منطقة للمعدات والآلات ومواد البناء، منطقة للملابس والمنسوجات، منطقة للأثاث المنزلي والمكتبي وغيرها. أهم ما يميّز سوق التنين هو وجود مجموعة الوحدات السكنية على بعد منها، إضافة إلى مستودعات مقامة على مساحة ثلاثين ألف متر مربع. إلا أن تعامل السوق لا يقتصر على هذه الناحية، فهي تعمل على نقل الثقافة الصينية إلى المنطقة بما تحويه من فن وتراث وطعام، وحرف يدوية، ورياضات، وغير ذلك من النشاطات التي تزخر بها الثقافة والحضارة الصينية.

ويجد الزبائن كل ما يحتاجون إليه من البضائع والسلع الصينية من أثاث وزهور وهواتف ذات ماركات عالمية مقلدة بربع القيمة، كما يوجد فيها سوق للفن المقلد، فبإمكانك أن تجد أكبر لوحة لكبار الفنانين أمثال غوغان وبيكاسو ودافنشي وغيرهم بـ50 درهما إماراتيا. وتشتهر هذه السوق العملاقة التي يبلغ طولها أكثر من كيلومتر بانتشار «الحمّالات» النساء اللاتي وجدن عملا بمجرد شراء عربة ذات عجلتين، من أجل نقل بضائع الزبائن وحاجياتهم الخفيفة إلى سيارات الزبائن.

لم تحقق هذه السوق، وهي أكبر سوق صينية خارج الصين، نجاحا كبيرا منذ افتتاحها فحسب بل أصبحت أكثر الأسواق حيوية في دبي من حيث تحقيق الأرباح التجارية حسب اعتراف التجار الصينيين. وعادة لا يشغل الصينيون معهم غير أبناء جنسهم إلا أنهم هنا مضطرون لتشغيل العمال الهنود من أجل أن يتفاهموا مع الزبائن إضافة إلى أجورهم المتدنية.

وحول هذه السوق العملاقة، تنتشر الجالية الصينية الكثيفة التي وجدت أمانها في الحي الصيني، الموجود في المدينة العالمية، والذي لا يبتعد سوى بأمتار كثيرة عن سوق التنين. تحتوي السوق على 4 آلاف متجر، تقدم مختلف أنواع البضائع والمنتجات الصينية، من الأدوات المنزلية، إلى الأدوات المكتبية والقرطاسية، وأجهزة الاتصالات، والأجهزة الإلكترونية، بالإضافة إلى الألبسة، والأحذية، والمفروشات، والألعاب، ومواد البناء، والآلات الميكانيكية، بمختلف أنواعها، والأدوات الصحية، ومستحضرات التجميل، والعطور، والمعدات والأدوات الرياضية، وغير ذلك الكثير. وتتميز جميع البضائع الصينية المتوفرة في السوق، بأنها تحمل اسما تجاريا وشهادة منشأ، وأسعارها مقبولة، بل تقل في معظم الأحيان بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المائة عن مثيلاتها في الأسواق، الأمر الذي يجعل من السوق مقصدا للزبائن والتجار، سواء للبيع بالتجزئة أو بالجملة. ولم تنس الشركة المطورة، حاجة سوق بهذا الحجم، إلى المستودعات، فأنشأت ثمانية مستودعات على بعد 200 متر فقط من السوق، تبلغ مساحتها 30 ألف متر مربع، وهي مجهزة بالكامل. لم يكن أبناء الجالية الصينية في الشركات المحلية كثر، حيث يعمل غالبيتهم في أعمال البيع والبناء وتجارة التجزئة، ولكن هذه الصورة تغيرّت وبدأت الشركات تحتاج إلى الكوادر الصينية، مع ازدياد التبادلات التجارية بين الإمارات والصين، حتى إن أحد أصحاب الشركات قال: «إن كل شركة تعمل في دبي بحاجة إلى موظف صيني».

وستشهد «دبي العالمية»، باعتبارها أحد أكبر المستثمرين الإماراتيين في الصين، نموا. بحيث ارتأت تدشين موقع إلكتروني بلغة «الماندرين»، وهي اللغة الصينية المشتركة بين لغاتها الكثيرة، لكي تكون مفهومة لدى غالبية المجتمع الصيني، ويقدم تفاصيل ومعلومات شاملة عن مجموعة الشركات التابعة لها، وتعريف التجار والمستثمرين الصينيين بنشاطاتها ومشاريعها المتنوعة.

ولعل أهم ما يشجع إقبال الإماراتيين على البضائع الصينية هو حجم التبادلات التجارية بين الصين ودبي. النساء الإماراتيات لا يعرفن من الصين سوى المنسوجات والأزياء الصينية والموسلين. ولكن ذلك لم يمنع من أن تتحول الإمارات إلى أكبر دولة تستورد المنتجات الصينية في منطقة الشرق الأوسط أي ما يقارب 60 في المائة من إجمالي صادرات الصين إلى دول الخليج عامة. كما أحلت الصين محل اليابان لتصبح أكبر دولة تستورد من منتجاتها دبي. وتصدر الصين منتجاتها إلى جميع الدول في أوروبا وآسيا عبر طريق دبي، الذي سيتحول إلى طريق الحرير الجديد. وهذا ما أدى إلى زيادة الوافدين الصينيين إلى الإمارات. وبحسب أحد التجار الصينيين، يقبل يوميا على سوق الجملة هذه آلاف التجار من الشرق الأوسط وشمال ووسط أفريقيا وآسيا الوسطى للتسوق.