«إيفيان» مدينة الينابيع تكرم شاعر الحب والحرية بول إيلوار

صديقه الرسام سلفادور دالي سرق منه حبيبته غالا

TT

إنه صاحب أشهر قصيدة فرنسية تتغنى بالحرية. وبعد مرور 60 عاما على رحيله، يقام لأول مرة معرض يستعيد أبرز أعمال بول إيلوار، شاعر الحب وصديق الفنانين والعلامة الفارقة في تاريخ الإبداع المكتوب بلغة فولتير. وتحتضن مدينة الينابيع الصافية، إيفيان، شرق فرنسا، المعرض الذي يستمر حتى أواخر مايو (أيار) المقبل.

ولد إيلوار في عام 1895، عشية بداية القرن العشرين، وعاش حتى منتصفه، وكان الشاعر العاشق ذا النزعة الإنسانية وسفير الأفكار الثورية والمبدع الذي جمع حوله حلقة من كبار رسامي وكتّاب زمانه. والمعرض الذي جاء تحت عنوان «بول إيلوار.. شعر وحب وحرية» يقدم لنا الشاعر، لا من خلال قصائده فحسب، بل عبر المحطات المهمة لحياته ولمواقفه. ويمكن للزائر أن يتوقف عند 8 فصول تسمح بالاقتراب من الرجل ومن الكاتب. فهناك أشياؤه الشخصية، ومحاولة لإعادة تأثيث مكتبه وطاولة الكتابة ورفوف مكتبته وهواياته ونسخ من دواوينه ومراسلاته مع بيكاسو وأندريه بروتون وماكس إرنست وسلفادور دالي ودي شيريكو وجان كوكتو.

إن هذا النوع من المعارض يقدم، أيضا، نبذة من تاريخ فرنسا بين الحربين، وهي الفترة التي ازدهرت خلالها الحركات الجديدة في الفن والمدارس الأدبية والفكرية غير التقليدية، تلك التي امتدت تأثيراتها إلى مبدعي العالم كله. ويتجلى ذلك التاريخ في «القصائد الأولى» لبول إيلوار، وهو الديوان الذي صدر باسمه الحقيقي «أوجين غريندل»، وصولا إلى فترة الحرب الثانية وقصائد المقاومة للاحتلال النازي لفرنسا، ومخطوطة قصيدة «الحرية».

كان إيلوار جامعا مهما لرسوم أصدقائه الذين كانوا، حين عرفهم، في بداياتهم ولم يحققوا الشهرة العالمية، بعد. كانوا يخططون ويخربشون ويهملون الوريقات التي ستصبح ذات قيمة كبيرة، بعد حفنة من السنوات. وكان الشاعر يأخذ رسومهم ويعتني بها ويهجس بأهميتها ويضمها إلى أدراج كتاباته وأشعاره. ولم تكن عادة الاقتناء معروفة بين الأصدقاء. ولهذا نرى في المعرض رسوما لهانس آرب، وبابلو بيكاسو، ومان راي، وأندريه بودان، وكوكتو، وهانس بيلمر، وألبرتو جياكوميتي، وأبيل ليفينوسا، وسلفادور دالي. وكان هذا الأخير قد جاء من إسبانيا منجذبا إلى أنوار باريس وغليان مرجلها الفني. ولما تعرف على إيلوار قامت بينهما صداقة انتهت عندما وقع الرسام الأندلسي الشاب في غرام غالا، رفيقة الشاعر الفرنسي، وسلبها منه ليتزوجها ويجعل منها أيقونة فنية ورفيقة حياة طويلة من الإبداع.

قبل رحيله، قدم إيلوار منحة مهمة إلى متحف الفن والتاريخ في مسقط رأسه ببلدة «سان دوني»، قرب باريس، تمثلت في مخطوطات قصائده والطبعات الأولى من مجموعاته الشعرية ووثائقه وصور الكثير من أصدقائه ولوحاتهم ورسومهم، بالإضافة إلى ما يسمى بمجموعته الأفريقية والآسيوية من الفنون التي اقتناها عبر رحلاته. وقد استعار معرض «إيفيان» جانبا من تلك المقتنيات مع قطع جاءت من متاحف أخرى ومجموعات خاصة.