«بينالي الشارقة 11» ينطلق بمشاركة مائة فنان من دول العالم

يتخذ من مفهوم الساحة الإسلامية عتبة نحو خارطة ثقافية جديدة

في الشارقة حيث ينطلق البينالي في هذه الدورة تحت فضاء معرفي حاملا عنوان «نهوض.. نحو خارطة ثقافية جديدة» (صورة من الدورة السابقة)
TT

بمشاركة نحو مائة فنان من مختلف دول العالم تنطلق، غدا (الأربعاء)، فعاليات الدورة الحادية عشرة لبينالي الشارقة الدولي الذي تنظمه مؤسسة الشارقة للفنون، برعاية الشيخة حور القاسمي رئيس المؤسسة.

ينطلق البينالي في هذه الدورة تحت فضاء معرفي حاملا عنوان «نهوض.. نحو خارطة ثقافية جديدة»، ويسعى من خلال هذا الفضاء إلى إعادة تقييم المعرفة في العصر الحديث، وإعادة النظر في العلاقات والمفاهيم الثقافية والحضارية بين شعوب العالم العربي وآسيا والشرق الأقصى وشمال أفريقيا وأميركا اللاتينية.

وفنيا يعزز البينالي هذا الفضاء باستلهام مفهوم الفناء أو الساحة في العمارة الإسلامية كفضاء يحتضن ذاكرة الثقافة المحلية، و«تيمة» أساسية تستشرف آفاق البينالي الفنية المتنوعة، حيث تتلاقح أشكال شتى من الفنون والوسائط التعبيرية. وترى الفنانة اليابانية يوكو هاسيكاوا أن هذا المفهوم يسهم في إنتاج معرفة جديدة، من خلال التبادل المعرفي الذي تتيحه اللقاءات التي يستضيفها تحت مظلته، حيث يصبح المكان بما يمتلكه من حيوية بمثابة حلم مفتوح على الماضي والحاضر معا.

وتلفت هاسيكاوا إلى أن الفناء والساحة التاريخية في الشارقة يزخران بتشابك عناصر من الحياة الخاصة والعامة، كما تتداخل فيهما «موضوعية» العالم السياسي مع الهموم الذاتية لفنانين من ثقافات مختلفة. ولذلك يمكن أن يمثل «الفناء» فضاء لإنتاج الوعي والمعارف الجديدة، وساحة للاختبار والتجريب والإبداع.

وتشير هاسيكاوا إلى أنها استلهمت هذه «التيمة» من خلال زيارتها للشارقة، حيث جذب انتباهها الساحات الواسعة سواء في البيوت التقليدية أو في الكثير من الأمكنة السكنية والأسواق، موضحة أن هذه الساحات تحمل بعدين؛ الأول المساحة الواسعة في العمارة، والثاني بعد الحياة والتواصل الاجتماعي حيث يلتقي الناس ويتفاعلون مع بعضهم بعضا. ومن المهم أن ترتبط ذاكرة الفنان بكل ذلك وتتفاعل معه بشكل حي، فالأمكنة تحمل تجارب البشر في المكان وتتنوع معها ثقافاتهم وفنونهم، والتي غالبا ما تستوحي عالمها من كل هذه المعطيات.

يتزامن افتتاح بينالي الشارقة 11، مع افتتاح 5 مساحات فنية جديدة تابعة لمؤسسة الشارقة للفنون، في منطقة التراث، وجرى العمل عليها منذ عام 2009، وتبلغ مساحتها ما يقارب 20 ألف قدم مربع، وهي متصلة بالساحات الخارجية وشرفات الأسطح. وتوفر هذه المساحات الجديدة أماكن لفعاليات مؤسسة الشارقة للفنون المتنامية والاحتياجات المتزايدة للمجتمع المحلي، كما ستشكل جسور اتصال حية تكسر عزلة الفنان داخل جدران المرسم وتخرجه إلى فضاء أوسع مريح للعين والخيال.

وأعلنت مؤسسة الشارقة للفنون عن أسماء 37 فنانا تم تكليفهم بإنتاج أعمال جديدة للبينالي، ليصل بذلك عدد الفنانين المشاركين في فعاليات هذه الدورة لنحو 100 فنان. وسوف يمتد البينالي على مدى شهرين خلال الفترة من 13 مارس (آذار) الحالي، حتى 13 مايو (أيار) المقبل.

ويتضمن برنامج فعاليات الأسبوع الافتتاحي برنامج للأفلام، يشرف عليه المخرج التايلاندي أبيشاتبونغ فيراسيتاكل، حيث سيضم البرنامج شخصيات رائدة في مجال صناعة السينما، مثل: ستيف أنكر عميد كلية الأفلام والفيديو في معهد كاليفورنيا للفنون، كال آرت، بلوس أنجليس. وتيلدا سوينتون، وميللي مودي مؤسس «سكوند ران دي في دي» لندن.

ويشمل البرنامج أيضا عروضا مسائية في الهواء الطلق، وفي المساحات الفنية الجديدة في مؤسسة الشارقة للفنون. كما سيشارك في برنامج الموسيقى وعروض الأداء فنانون دوليون وإقليميون، يقدمون سلسلة من الأعمال الموسيقية وعروض الأداء خلال فعاليات البينالي، من بينهم فنان الصوت اللبناني طارق عطوي، وعروض سكايب الراقصة للثنائي التونسي الراقص سلمي وسفيان ويسي، والحفل السمعي البصري لفنان الصوت الياباني ريوجي إكيدا في أبريل (نيسان).

كما يتضمن الأسبوع الافتتاحي لقاء مارس السنوي الذي يمثل الملتقى الفكري للبينالي، وسوف يتضمن جلسات النقاش والمحاضرات التي تحاكي «تيمة» البينالي.

يشار إلى أن بينالي الشارقة الذي انطلق عام 1993، يعد أحد أهم المحافل الفنية والثقافية في المنطقة والعالم، حيث لعب دورا بارزا في التعريف بالفنون البصرية ورصد متغيرات المشهد الفني المعاصر بمختلف أساليبه وتياراته، إلى جانب دعم الطاقات الإبداعية الشابة وإتاحة الفرص اللازمة للتواصل والتبادل الثقافي، واجتراح كثير من البرامج النوعية.