أستاذة علم نفس مصرية تطلق رسالة «سلام» طولها 1500 متر

تتبنى مبادرات لإقرار مفهومه وتسعى للدخول بها غينيس للأرقام القياسية

اهتمام فتاة مصرية بقضية السلام رشحها للانضمام لمنظمة السلام والصداقة الدولية
TT

رغم أنها لا تزال في الثلاثين من عمرها، فإنها تحمل على عاتقها قضية «السلام النفسي» منذ عشر سنوات، حيث تشغلها الأحداث الجارية التي يمر بها العالم بصفة عامة ومصر بصفة خاصة، والأسباب الحقيقية والرئيسية لغياب السلام الداخلي والخارجي فضلا عن أسباب التوتر على وجه الأرض.

رشا الجندي، أستاذة جامعية، تعمل مدرسة لعلم النفس بكلية التربية بجامعة بني سويف بصعيد مصر، لكنها لم تقتنع بأن تظل رسالتها قاصرة على مؤسستها التعليمية، أو تظل نظريتها بعد حصولها على الدكتوراه حبيسة الأدراج، بعد أن جالت خلالها حول مفهوم السلام الداخلي. فكانت شغوفة لمعرفة «لماذا رغم كل الجهود العالمية نحو السلام، لكن العالم يحيا إلى اليوم من دونه؟»، لتكتشف أن السلام العالمي هو قمة الهرم، التي إذا أردنا الوصول إليه فعلينا بالبدء من القاعدة وهي السلام الداخلي.

لذا شهدت رحلتها إلى نشر ثقافة السلام الداخلي وإقراره في العالم، إطلاق عدة مبادرات فريدة مثل إنشاء مدينة للسلام العلمي، مرورا بكتابها «طموح لم يتحمله بشر»، انتهاء بإطلاق أول وأطول رسالة سلام نفسي في العالم، التي تنوي الدخول بها إلى «موسوعة غينيس للأرقام القياسية». تقول رشا: «قضيت عشرة أعوام في بحث علمي متواصل، لأكتشف أن السلام العالمي أو المجتمعي هو قمة الهرم وقاعدته السلام النفسي للإنسان. وأن سلاح زمننا المقبل يكمن في هذا السلام الداخلي، وهو ما وضعته في إطار نظرية بعنوان (هرم السلام)، التي تعد أول دراسة على مستوى الدراسات النفسية في هذا المجال عالميا، وتعطي طرقا للوصول إلى التأقلم مع الحياة، من خلال شكل هرمي يتكون من 7 طبقات فوق بعضها، فلو طبقنا هذه الخطوات يمكننا بالفعل أن نصل للسلام النفسي مع أنفسنا وفي عملنا وفي محيطنا».

مع نتائج الرحلة العلمية والنتيجة التي توصلت إليها، فكرت رشا في نطاق أكبر لنظريتها لتفيد بها المجتمع الدولي، حيث لا يقتصر تطبيقها على مجتمع بعينه بل على العالم أجمع؛ فكان إصدارها لكتاب «طموح لم يتحمله بشر»، الذي يجمع بحسبها بين سيكولوجية العلم والفن والاقتصاد والدين والترفية والسياسة والتربية، أجرت خلالها لقاءات مع 90 عالما في جميع أنحاء العالم في مجالات علم النفس، والسياسة، والاقتصاد، والقانون، والدين، والتربية، والتنمية البشرية، والمناهج، والإعلام.

عن الكتاب تقول: «الكتاب لا يوصل فقط ما قاله لي العلماء، لكنه يتضمن أيضا وضع خطة عملية لتطبيق نظرية (هرم السلام)، وكيف يمكن الاستفادة منها في تطوير مؤسسات المجتمع كافة للنهوض بها. فمن خلال تطوير المؤسسات إلى جانب وجود أفراد لديهم سلام نفسي، ستكون المحصلة أن المجتمع لديه أفراد يعملون بأريحية فينتجون، وبالتالي يكون لذلك عائد اقتصادي، يؤدي في النهاية للنهوض والتطور».

تتابع: «لم أعمد أن يبدأ المجتمع في قراءة الكتاب ثم تطبيقه، فقمت بمواصلة البحث والقياس حول السلام النفسي، لأتوصل إلى أن أكثر الفئات الذين لديهم سلام نفسي هم هواة السفر، الذين يتعرفون على جنسيات وتقاليد مختلفة عنهم ويتقبلون هذا الاختلاف. ومع تفكيري في أن السفر ليس باستطاعة كل البشر، كانت خطوتي التالية التفكير في الكيفية التي أحضر بها دول العالم إليهم، وهنا كان مشروع (مدينة السلام الداخلي)».

تتكون المدينة المقترحة من 3 عناصر، الأول مبنى على شكل هرمي يدرب الناس على فكرة السلام، والثاني بانوراما مصغرة لدول العالم تجسد فيها عادات وثقافة ومعالم كل دولة، والثالث مكان يتيح «الفضفضة» للاستشاريين المتخصصين للتخلص من المشكلات التي تقابل الأفراد وتعيق وصولهم إلى السلام النفسي.

وهو المشروع الذي تتمنى صاحبته أن يجد صدى لدى المسؤولين والقادة في الوطن العربي، بما ينقله إلى أرض الواقع، ويجعل العالم أكثر قدرة على التفريق بين أنواع السلام المختلفة.

مع تفكير «باحثة السلام» المتواصل لنقل وتفعيل نتائج نظريتها في دول العالم، كانت مبادرتها في إطلاق أول وأطول رسالة سلام نفسي في العالم، للدخول بها إلى «موسوعة غينيس للأرقام القياسية»، بما يعمل على نشر ثقافة السلام النفسي.

تقول رشا: «أريد أن أقول للعالم كله إن كل الفئات والأعمار والديانات تنادي بالسلام، لذا كان إطلاق الرسالة بالتنسيق مع مسؤولي موسوعة غينيس في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي في القاهرة، واستهدف أن تزور الرسالة 15 دولة حول العالم، حيث يتم الذهاب للدولة وأقيم بها ندوة لعرض نتائجي العلمية حول السلام، ثم أطلب من الحضور أن يوجه كل منهم جملة للعالم عن السلام، مع وضع صورته وعلم بلاده في مساحة متر مربع».

من المقرر أن يكون طول الرسالة 1500 متر، ويكتب عليها 50 فردا من كل دولة، ليكون الإجمالي 1500 شخص من مختلف الفئات يضعون تصورهم للسلام، إلى جانب مشاركة الأطفال حول العالم ببعض الرسومات حول رؤيتهم للسلام، وتختتم الرسالة بالعودة إلى القاهرة ليحتفل بها في يوم تتمنى صاحبة الرسالة أن يكون يوما عالميا للسلام الداخلي. ونظرا لاهتمام رشا بقضية السلام، فقد رشحتها منظمة السلام والصداقة الدولية بالدنمارك للتكريم والانضمام كعضو شرف بها مع الكثير من نشطاء السلام الدوليين، كذلك اهتم بجهودها شخصيات عالمية ووطنية داعمة للسلام، كما أشاد برسالتها ممثلو الدول بمصر.

ما تأمل فيه رشا أن يكون هناك تبن ودعم لرسالة ونظرية السلام ككل، لذا تتمنى أن تجد من يرعى مبادرتها، حتى يتم الاستفادة من مفهوم «السلام الداخلي» الذي يعد بؤرة دائرة السلام الذي يبحث عنه العالم.