«الإبداع أو الانقراض».. شعار معرض الصناعات التقليدية في تونس

أربابها يرفضون أن يكونوا عالة على أحد

يساعد معرض الصناعات التقليدية أصحاب الحرف على تسويق بضائعهم («الشرق الأوسط»)
TT

تحت شعار الإبداع ومواكبة التطورات من أجل البقاء أو الانقراض، أقامت جمعية التكافل للإغاثة والتنمية، معرضها السنوي الأول. ويهدف المعرض إلى التعريف بالصناعات التقليدية لدى الجمهور حيث لم تكتف الجمعية بالإعلان عنه في بعض وسائل الإعلام المحلية بل من خلال الإعلان عبر مكبرات الصوت والطواف على الشوارع والأحياء لتحفيز الناس على زيارة المعرض والاطلاع على الصناعات الحرفية.

وقالت الكاتبة العامة لجمعية التكافل للإغاثة والتنمية حبيبة عاشور، إن «من أهداف الجمعية مساعدة أصحاب الحرف ومساعدة العاطلين على تعلم صنعة يدوية يعيشون منها ونقوم نحن بتوفير أدوات ومستلزمات العمل للكثيرين منهم على قاعدة خذ فأسا واحتطب» وتابعت: «نوفر المعدات والمواد الأولية لكل من الحياكة والتطريز وصناعة الزرابي (السجاد) وغيرها من الحرف ثم نقوم بتسويقها لصالح أصحابها» وأردفت: «من خلال هذه المشاريع قدحت فكرة المعرض الذي نأمل أن يكون دوريا ومساعدة أصحاب الحرف على تسويق بضائعهم مع تحفيزهم على التميز من خلال مواكبة التطور وإبداع أشكال جديدة، لأن الصناعات التقليدية أو بعضها مهدد بالانقراض مثل الكبوس أو الشاشية التي يضعها بعض كبار السن على رؤوسهم وكانت في السابق لباس كل الرجال».

ليس كل المشاركين في المعرض من الأسر المعوزة بل منهم من له باع في حرفيته مثل الأحذية وتطريز «الفولار» أو (المحارم) باللهجة التونسية التي تغطي بها كثير من النساء والفتيات شعورهن.

وكانت بضاعة الأسر الفقيرة أشكال من السجاد، مثل الزرابي والمرقوم والكليم، جنبا إلى جنب مع مستخلصات الأعشاب الطبية، والمزهريات وزجاجات وقوارير وضع ماء الزهر والأعشاب الطبيعية المقطرة على الطريقة التقليدية، والملابس، والتحف والفرن الريفي، وأفران النحاس التي تم من خلالها الاستغناء عن الحطب وأصبحت تعمل بالغاز، وأشكال من أدوات الزينة النسائية مثل العقود والأخراس وغيرها من الصناعات التقليدية. وهؤلاء سيدفعون 10 في المائة من نسبة الأرباح للجمعية، مقابل توفير المكان وجلب الزبائن على طريقتها. وتتراوح أسعار الزربية بين 170 و200 دينار، والمرقوم بنحو 270 دينارا والكليم بنحو ذلك.

كان مشهدا رائعا ينبئ عن وجود من يريد أن يعمل دون انتظار مال بلا تعب. وعلق أحد الزائرين بحماس «لو تلغى جميع الأحزاب لتحل محلها جمعيات نفع عام، أو تتحول بدورها إلى جمعيات فيكون نفعها أجدى للوطن».

سنية البراق أم لـ5 أطفال، واحدة من المشاركات في المعرض، بالفولار والملابس المطرزة، رفضت التصوير، ثم رفضت الحديث فبادرناها بالمزاح (تتحدثين معنا وإلا والله سوف نصورك) ضجت القاعة بالضحك وقبلت الحديث «تعلمت هذه المهنة من صديقة لي وهناك إقبال، هذه الملابس ترتديها النسوة في الحفلات العائلية، ولدي زبائن من أصحاب المحلات الكبرى والسياحية». لم تفصح عن قيمة المردود الشهري، لكنها وافقت على تخميننا برفع رأسها وحفظه كتعبير عن الرضا 500 دينار في الشهر وأعقبتها بـ«الحمد لله». كان ذلك واضحا فسعر الفولار الواحدة بـ25 دينارا.

ريم (45 سنة) امرأة من ذوات الحاجات الخاصة لم تمنعها إعاقتها من تعلم حرفة لتعيل نفسها، ورفضت أن تكون عالة على أحد، لا أسرتها ولا المجتمع والدولة. «منذ كنت صغيرة أحسست بضرورة تعلم مهنة تعينني على تجاوز معوقات الإعاقة والحمد لله عندما أرى شيئا أصنع مثله وأطوره» وتابعت: «أقوم بتزويق كل شيء، محامل المزهريات، والقوارير العطرية، والمباخر وغيرها».

تستخدم ريم بيت الحلزون البحري (يطلق عليه التونسيون البابوش) لتزويق تحفها ومن ذلك المرايا، (11 دينارا) والمباخر، (6 دنانير) وحاويات حنة العرائس أو ما يطلق عليه في تونس(الكناسترو) وهو بـ(43 دينارا). كما تزوق قوارير العطر المقطر محليا (35 دينارا).

لا تملك ريم دكانا لبيع بضائعها، ولكن التجار يأتون إليها لشراء ما لديها، حسب ما أفادت به.

إلى جانب ريم كانت شقيقتها حبيبة، وهي أكثر إلماما بعدد من الصناعات التقليدية بما في ذلك الخياطة والتفصيل، ومن ذلك الستائر، وبإمكانها زركشتها حسب أذواق الزبائن ووفق المواصفات العالمية والموضة. «أقوم بزركشة العباءات، ومخدات الزينة والأغطية والستائر وغير ذلك». لا يتجاوز سعر الستائر بطول 5.2 أمتار 140 دينارا، والمخدات المزركشة بالورد بـ15 دينارا. هناك رضا بالمداخيل، وإحجام عن ذكر الأرقام الصحيحة.

السيد (48 سنة وله 4 أطفال) من المشاركين أيضا في المعرض، بدأ صناعة البلغ - وهي أحذية تقليدية تسند خلفيتها للداخل لتبدو القدم ويطلق عليها «البلغة» - منذ نعومة أظافره قال: «تعلمت هذه الصنعة عن والدي قبل 40 سنة». يسكت قليلا ثم يواصل: «لم أكون ثروة، لكني تزوجت وأنجبت أطفالا، وأعيش من كد جبيني» وأردف: «في السابق، كان يأتي الكثير من السياح وكانوا يقبلون على البضائع أما اليوم فلديهم أزمة اقتصادية ولدينا غزو تجاري خارجي».

هناك قاسم مشترك بين كل المشاركين في المعرض وهو أن تصل سلعهم إلى العالم.