كرة القدم النسائية في تونس.. بين الإفلاس والتسييس

رئيسة الرابطة تقول إنها مهددة بالاندثار.. والحزب الحاكم يرفض الاتهامات

تعاني كرة القدم النسائية في تونس نقص الدعم المالي وغياب الدعم العمومي للأندية («الشرق الأوسط»)
TT

تعيش كرة القدم النسائية في تونس حالة من التراجع لعدة أسباب هيكلية، منها الاجتماعي، حيث النزعة للمحافظة في اطراد متواصل منذ الثورة الجديدة، وحالة الاحتقان داخل الساحة الرياضية، التي كانت مكممة ما قبل الثورة، وهو ما أثر على عطاء الفرق الرياضية المختلفة نسائية ورجالية على حد سواء، إضافة للضائقة المالية التي تعيشها الفرق، بعد أن انكبت حكومات ما بعد الثورة على معالجة القضايا التنموية الملحة، ولا سيما في المناطق الداخلية.

وفي المدة الأخيرة، تحدثت رئيسة الرابطة الوطنية لكرة القدم النسائية فاطمة الفوراتي، عن مشكلات وصعوبات تعاني منها كرة القدم النسائية التونسية، إذ تقول إن «كرة القدم النسائية التونسية تعاني من الحقرة (الاحتقار)، كما أن الرابطة تشكو من مشكلات خانقة تهدد وجودها، وهو ما يجعلنا نبذل مجهودات جبارة من أجل تأمين استمرارية نشاط الأندية النسائية».

وكشفت الفوراتي عن إلغاء كثير من المباريات بسبب الأزمة المالية التي تعيشها الرابطة. بيد أن وكالات أنباء دولية زادت على هذا التصريح، وربطته بوصول حزب حركة النهضة إلى السلطة. وهو ما نفاه مسؤولون في الحركة النهضة، وأكدوا عدم تدخلهم في المجال الرياضي، سواء تعلق الأمر بالرياضة الرجالية أو النسائية، أو مجالات الرياضة الجماعية وألعاب القوى.

وقال القيادي في حزب حركة النهضة، والمدير المسؤول عن جريدة الفجر المقربة من الحركة، عبد الله الزواري لـ«الشرق الأوسط»: «الحركة، وكذلك الحكومة، ليست لها أي علاقة بوضع أي نادٍ من النوادي أو أي رياضة من الرياضيات، وإنما هناك مسؤولون مباشرون يقومون على القطاعات الرياضية، ولم يتم استبدالهم، لأن لهم تراتبيهم الخاصة التي يعرفونها جيدا». وتابع: «أستغرب جدا ما قالته رئيسة الرابطة التونسية لكرة القدم النسائية فاطمة الفوراتي، من أن رياضة كرة القدم النسائية في تونس التي تحكمها النهضة أصبحت مهددة بالاندثار»، وأردف: «على رأس وزارة الشباب والرياضة شخصية رياضية مستقلة تتعامل مع الجامعة التونسية لكرة القدم، والجامعة هي التي تدير الشأن الرياضي، وفقا لاتفاقات سابقة مع (فيفا)».

ودعا الزواري إلى عدم تسييس الرياضة «من المبادئ الأساسية لـ(فيفا) عدم تسييس الرياضة، ولكن ما نشاهده هو تكريس للتسييس، وهي مخالفة تعاقب عليها (فيفا)». وأشار الزواري إلى أن الخلافات بين الروابط الرياضية والجامعة التونسية لكرة القدم يجب أن تحل بعيدا عن السياسة، حتى الخلافات بينهم وبين وزارة الشباب والرياضة يجب أن تبقى في إطارها».

وأوضح أن هناك ملفات فساد كثيرة، وأشكالا من التقصير مسجلة في هذا الإطار، ولكنه لا يعلم بالتفاصيل والمراحل التي قطعتها عملية ترميم ما أفسده النظام السابق، والمتهمين بملفات الفساد في الجانب الرياضي، مرجعا ذلك لأحباء تلك النوادي والممولين، بما في ذلك الأجهزة المختصة في الدولة، ولا علاقة للأحزاب السياسية بذلك.

وشكك الزواري في محتوى ما نسب للفوراتي: «هذا مقال رأي أكثر منه تصريحات مسؤولة عن رابطة رياضية نسائية، فسلطة الإشراف مثلا هي الجامعة التونسية لكرة القدم، وليس الحكومة التونسية، وهذا يفهمه الرياضيون جيدا».

وشدد الزواري على أن «ما قالته رئيسة الرابطة التونسية لكرة القدم النسائية فاطمة الفراتي، مخالف للواقع الموضوعي في بعض جوانبه، فأنا لا أعلم وضع كرة القدم النسائية، ولكني أعلم أن نوادي تونسية لكرة القدم النسائية تضاعفت بعد الثورة، وهناك فرق جديدة، مثل الفريق النسائي لكرة القدم في القيروان وغيرها».

وكانت وكالة أنباء أجنبية قد زادت على تصريحات رئيسة الرابطة التونسية لكرة القدم النسائية فاطمة الفوراتي قولها: «هناك عقلية جديدة تتعامل بكثير من الازدراء مع كرة القدم النسائية»، وإن هذه الرياضة «تعاني من مشكلات مالية خانقة».

كما نسبت إلى الفوراتي تصريحات، تشكو فيها من الإدارة «سلطة الإشراف تعطي أحيانا الأولوية عند برمجة المباريات الرياضية لمباريات الذكور على حساب مقابلات كرة القدم النسائية، وهي مظاهر جدية أصبحت تقلقنا». كما أشارت إلى إلغاء مقابلات رياضية نسائية في بعض جهات البلاد الداخلية، وإلى «نقص الدعم المالي الذي تحصل عليه من الاتحاد التونسي لكرة القدم (اسمها الجامعة التونسية لكرة القدم) وغياب الدعم العمومي لأندية كرة القدم النسائية، وأن الاتحاد لم يصرف سوى 15 ألف دينار (7500 يورو) من إجمالي منحة بمبلغ 60 ألف دينار مخصصة لرابطة كرة القدم النسائية. وطالبت (الاتحاد) بأن يفي بوعوده ويصرف بقية المنحة في أقرب الآجال».

وقال المسؤول في الجامعة التونسية لكرة القدم، منير الدغري: «اتفقنا في بداية مارس (آذار) على صرف 24 ألف دينار لرابطة كرة القدم النسائية»، وتابع: «انطلقت منافسات دور ثمن النهائي في 23 فبراير (شباط) الماضي، ومن هذه المباريات وأهمها لقاء الجمعية النسائية بالساحل مع نادي تونس الجوية صاحب اللقب»، وتابع: «المواجهة الحاسمة كانت بين فريق الاتحاد التونسي، بفريق بنك الإسكان»، وأردف: «التقى الملعب النسائي بالقيروان بالمجد الرياضي بسيدي بوزيد، والتقى لبتيس لمطة بجوهرة صفاقس، ونادي كرة القدم بفريانة بالجمعية النسائية بقفصة وبريد بنزرت بالمعهد العالي للرياضة بالكاف».

وكان المكتب الجامعي قد عقد مؤخرا اجتماعا خصص للنظر في المشكلات التي تواجهها كرة القدم النسائية. وقد حضر الاجتماع نائب رئيس الجامعة ماهر السنوسي، وأمين المال شهاب بلخيرية، والناطق الرسمي نبيل الدبوسي، وعضو الجامعة حنان السليتي والكاتب العام رضا كريم وممثلين عن الرابطة النسائية لكرة القدم، وقد تم في الاجتماع تخصيص مبلغ 24 ألف دينار لفرق الرابطة.

تجدر الإشارة إلى أن كرة القدم النسائية انطلقت في موسم 2004/ 2005. لكن أول فريق نسائي تم تشكيله في تونس يعود لسنة 1947، أي في ظل الاحتلال الفرنسي لتونس، وأطلق على الجمعية الرياضية اسم الزيتونة، نسبة لجامع الزيتونة في العاصمة التونسية.