الكشف عن آثار معركة تحرير مصر من الهكسوس في سيناء

أول تسونامي في العالم عمره 3500 سنة

موقع معركة تحرير مصر من الهكسوس
TT

في خطوة من شأنها أن تميط اللثام عن جانب من التاريخ العسكري لمصر الفرعونية، أعلنت وزارة الآثار عن اكتشاف علماء مصريين موقعا عسكريا شهد على ما يبدو معركة فاصلة وعنيفة بين الجيش المصري والهكسوس في شبه جزيرة سيناء، شرق البلاد.

وقالت وزارة الآثار في بيان لها أمس إن بعثتها اكتشفت مباني إدارية ضخمة محصنة تعود إلى عصر الغزاة الهكسوس، تتكون من طابقين وعدة صالات وحجرات مبنية من الطوب اللبن بموقع «تل حبوة» على مسافة 3 كلم شرق قناة السويس بمنطقة القنطرة شرق في محافظة شمال سيناء.

وكشفت البعثة أيضا عن بقايا مخلفات بركانية لقطع من بركان سان توريني بالبحر المتوسط الذي يعد أول تسونامي في العالم القديم منذ ما يقرب من نحو 3500 عام، وتسبب في غرق جزء كبير من سواحل سيناء والدلتا والمدن الأثرية الواقعة على الفرع البليوزي للنيل (بالقرب من ترعة الإسماعيلية حاليا) ومنها منطقة تل حبوة المعروفة قديما بقلعة «ثارو».

وقال وزير الدولة لشؤون الآثار الدكتور محمد إبراهيم، أمس السبت، إنه تم الكشف داخل هذه المباني عن دفنات لهياكل آدمية وحيوانية من عصر الهكسوس، ومعها العديد من الهياكل الآدمية وجدت مطعونة برؤوس السهام والحراب، مما يدل على عنف المعارك الحربية التي دارت بالموقع بين الجيش المصري بقيادة الملك أحمس الأول والغزاة الهكسوس حتى تم طردهم من البلاد.

ويعد الهكسوس شعوبا بدوية من أصول مختلفة غزت مصر من الشرق، واستمر احتلالهم للبلاد نحو مائة عام، ولم تكن إقامتهم فيها هادئة، بل قوبلت بكثير من الثورات والمقاومة من الشعب المصري، حتى استطاع الفرعون أحمس الأول المعروف بقاهر الهكسوس هزيمتهم ومطاردتهم حتى فلسطين نحو عام 1580 ق.م، بعدما قام بتطوير الجيش بإدخال العجلات الحربية.

وقال الوزير المصري إن البعثة كشفت أيضا عن عدد من مخازن الجيش المصري وصوامع للغلال، قدرت كمية الغلال التي تحتويها بأكثر من 280 طنا، مما يشير إلى ضخامة الجيش المصري في عصر الدولة الحديثة. ولفت إلى أنه جار تنفيذ مشروع للحفاظ على المباني والقلاع المكتشفة لما لها من أهمية، وإعداد الموقع كمتحف مفتوح للتاريخ العسكري على مساحة ألف فدان ضمن مشروعات تطوير محور قناة السويس سياحيا.

وقال نائب رئيس قطاع الآثار المصرية رئيس بعثة الحفائر بشمال سيناء الدكتور محمد عبد المقصود، إنه تم الكشف عن بقايا حريق ضخم للعديد من المباني التي أحرقت بالمدينة أثناء المعركة، مما يؤكد ما جاء في بردية «رايند» بالمتحف البريطاني أن ملك مصر أحمس الأول قام بالهجوم على قلعة «ثارو» بتل حبوة ودخل المدينة وحاصر بعد ذلك عاصمة الهكسوس «أفاريس» (صان الحجر) بمحافظة الشرقية على بعد 50 كلم من تل حبوة على الفرع البليوزي القديم للنيل والذي دارت به معارك بحرية بين الجيش المصري والهكسوس، ومحاربتهم في معارك شرسة للقضاء عليهم.

وأشار عبد المقصود إلى أنه تم الكشف من قبل عن المنظومة الدفاعية الكاملة للجيش المصري بشمال سيناء في عصر الأسرة 18 والأسرة 19 من عصر الدولة الحديثة لحماية مدخل مصر الشرقي، والتي كانت محصنة بعدد 11 قلعة عسكرية أهمها نقطة الانطلاق المعروفة باسم قلعة «ثارو»، حيث كان بها أضخم تحصينات عسكرية في العالم القديم منذ الدولة الوسطى وحتى العصر المتأخر، الأسرة 26.

وأشار إلى أن تلك المنطقة في شبه جزيرة سيناء كانت مركز قيادة الجيش في عصر الدولة الحديثة ومقرا ملكيا لملوك مصر ومركزا للقيادة العسكرية وتجميع الجيوش التي خرجت من البلاد لتأمين الحدود، لذلك أقيم بها أربع قلاع ضخمة بأسوار من الطوب اللبن وخنادق حول هذه القلاع وموانع مائية ومنحدرات حول الأسوار لمنع تسلق الأسوار وكذلك أسوار مزدوجة، وبلغت مساحة أكبر القلاع المكتشفة 600 متر في 300 متر مدعمة بعدد كبير من الأبراج، وسمك الأسوار ما بين 8 أمتار و14 مترا.