واحات كاليفورنيا تنتج أفخر التمور وتصدرها للعالم

بالم ديزرت تنافس الإنتاج العربي وتحتفل بعيد الحصاد

بوب حايك المدير التنفيذي لأكبر شركة أميركية في منطقة بالم ديزرت في الولايات المتحدة
TT

من كان يتصور أن يجد في الصحراء بين لوس أنجليس وسان دييغو في أقصى جنوب ولاية كاليفورنيا واحات النخيل وسياحة الشتاء؟ كثر لا يعلمون أن مناطق الواحات هي من أجمل المناطق في الولايات المتحدة، وأنها تحتفل كل عام بموسم حصاد التمور وبدء الموسم السياحي الذي يستمر حتى أوائل شهر مايو (أيار).

إذا خطر ببالك أن تتساءل كيف وصل تمر المجدول ودجلة نور من شمال أفريقيا إلى المناطق الصحراوية الجافة في واحة نخيل الصحراء «بالم ديزرت» والمناطق المجاورة في محمية موجاف ووادي الموت وينابيع الهنود الحمر في صحراء كاليفورنيا التي تمتد من جنوب لاس فيغاس بولاية نيفادا إلى حدود المكسيك، فعليك أن تتذكر أن تمر المجدول (ويسمونه هنا المدجول) اختفى من المغرب العربي عام 1920 بسبب الأمراض والآفات النباتية. ويبدو أن بعض الزوار الأميركان للمغرب آنذاك أعجبوا بطعم هذه الفاكهة اللذيذة فأخذوا معهم عدة شتلات جلبوها لأميركا حين عودتهم، لكن السلطات الأميركية خافت من انتقال مرض النخيل فأودعتها في المحجر الصحي في نيفادا تحت المراقبة لمدة عام كامل، وحين تأكد لها خلو الشتلات من الأمراض سمحت للزائر بزراعتها في أحد البساتين في بالم ديزرت. في هذا الموسم تفتخر المدينة وشركة «حدائق الواحة» بتصدير تمور المدجول ذات الحجم الكبير والطعم القوي إلى المغرب وإلى البلدان العربية في الخليج وأوروبا خاصة للعائلات الثرية التي تدفع مبالغ وافرة لإهداء أفخر التمور الأميركية في المناسبات.

حين زرنا هذه الشركة الكبيرة بعد عيد الحصاد في وادي كوتشيلا اكتشفنا أن مديرها التنفيذي من أصل لبناني ويدعى بوب حايك، هاجرت عائلته قبل ثلاثة أجيال من بيروت ويتكلم العربية بصعوبة ويشتغل عنده 2000 عامل يقومون بالقطاف والتنظيف والفرز والتعبئة والتصدير. وتجد في القهوة المجاورة للشركة عدة أصناف من التمور بحيث تظن أنك في تونس أو الجزائر أو مصر أو دبي، فأسماء التمور المعروضة للبيع عربية وإن كانت تكتب بالإنجليزية مثل: خضراوي وحلاوة وصعيدي وزاهدي وكويس ودجلة نور ومجدول. وتقع المنطقة بين مدينة بالم سبرينغ ومدينة مكة، وتبعدان نحو 150 كيلومترا إلى الشرق من لوس أنجليس، وترى هذه الأيام زهورا جميلة نادرة لا تنمو إلا في الصحاري، وجوا معتدلا لطيفا يحيط بالواحات وأبنيتها الحديثة المؤلفة من طابق واحد، أما بالم ديزرت فقد ترى فيها الحيوانات البرية كالذئاب والنسور.

والجدير بالذكر أن وزارة الزراعة الأميركية زرعت على سبيل التجربة أول شجرة للنخيل المثمر في كاليفورنيا عام 1907 بعد أن استوردت التمر من العراق، ثم زرعوا صنف دجلة نور المستورد من الجزائر، وهناك أسماء للشوارع في المدينة تحمل أسماء التمور وشارع رئيسي يسمى شارع الواحة. ويقول بوب حايك إن شركته حسنت إنتاج التمور منذ التحاقه بها قبل خمس سنوات، فالتلقيح اليدوي لأشجار النخيل يضمن شجرة ذكرية لكل 49 شجرة مؤنثة، ويبلغ الإنتاج هذا العام نحو 140 كيلوغراما، كما أن المنطقة تنتج 98 في المائة من إنتاج الولايات المتحدة من التمور. وأضاف إيلي أبو شنب، وهو خبير أميركي من أصل سوري، أن قطاف تمر المجدول يتم على ثلاث دفعات لأن الثمرات لا تنضج في وقت واحد. وقال إن الأميركيين أصبحوا يستمتعون بطعم التمور التي تحتوي على نسب كبيرة من الحديد والبوتاسيوم، وغدت شركة «دول» المعروفة للصناعات الغذائية من أكبر الموزعين للتمور في البلاد. وتابع مالك الشركة جيم فرايموث وزوجته جودي أنهم يتلقون طلبات خاصة لإرسال علب فاخرة لنوع تمر المجدول الكبير الحجم (جامبو) لدول الخليج العربي خلال شهر رمضان.

السياحة الصحراوية في أوجها هذه الأيام إثر تعدد الفنادق والمطاعم الراقية وممارسة لعبتي التنس والغولف وزيارة بساتين التمور، وأشهر زائرة بارزة مرت مؤخرا كانت نجمة التلفزيون الشهيرة أوبرا وينفري، بالإضافة إلى عدد من نجوم هوليوود الذين يفضلون عدم الإفصاح عن أسمائهم.