شاب مصري يحلم بالصعود للفضاء وإنجاز «مغامرة غراند سلام»

عمر سمرة زار 70 دولة ويتبنى نشر المفهوم «الحقيقي» للسفر

التحدي محور مغامرات عمر سمرة ورحلاته
TT

«ومن لا يحب صعود الجبال.. يعش أبد الدهر بين الحفر»، شعر يصف حال المغامر عمر سمرة، الشهير بأنه أول مصري وأصغر عربي يتسلق قمة جبل إيفرست، والذي يواصل مغامراته بحلم الصعود إلى الفضاء العام المقبل، أما على الأرض فهو يستعد لأن يحقق إنجازا جديدا بوضع اسمه بين القلائل في العالم الذين وصولوا إلى أعلى قمة جبلية في كل قارة المعروفة بالقمم السبع.

«ما دمنا قادرين على الحلم، فنحن نستحق أن نحيا»، بهذه العبارة أجاب سمرة على سؤال حول هدفه من الصعود للفضاء، ويتابع «منذ الصغر وأنا أتمنى الصعود للفضاء خاصة عندما كنت أشاهد أفلام الخيال العلمي، وأحسست أن الحلم يقترب عندما عرفت عن مسابقة تنظمها شركة عالمية خاصة لاختيار أشخاص للصعود للفضاء ممن يحصلون على أكبر نسبة تصويت على موقع المسابقة، فتقدمت ولدي أمل أن أجتاز مراحل المسابقة والصعود للفضاء في 2014».

وعن دوافعه من الرحلة، يقول «كل رحلاتي محورها التحدي وأنه لا يوجد مستحيل. لذا أخوض هذه التجربة الصعبة واضعا أمامي هدف بلوغها، وبرأيي أنه كلما كان الأمر صعب التخيل كان تأثيره أقوى خاصة مع المثابرة والأمل، وروح التحدي هذه هي التي أدت لتقدم البشرية، وهدفي أن أوصل هذه الرسالة من خلال الصعود للفضاء إلى جانب عشقي للمغامرة».

بدأ سمرة أولى مغامراته عندما طاف منطقة الأندلس الإسبانية على دراجته لمدة أسبوعين وعمره 16 عاما. ثم بدأ التخطيط لتكرار التجربة من خلال رحلة أطول، ليقوم في عام 2002 برحلة طويلة زار خلالها دولا في آسيا وأميركا اللاتينية. سعى بعدها لتحقيق حلمه بصعود قمة جبل إيفرست وهو ما تحقق له في مايو (أيار) 2007، ليكون أول مصري وأصغر عربي يتسلقها.

ورغم تخصص سمرة في مجال الاستثمارات المصرفية وحصوله على ماجستير في إدارة الأعمال، فإنه ترك ذلك وفضل التفرغ لعشقه حب المغامرة، فأسس شركة تتخصص في تنظيم رحلات المغامرات حول العالم.

«حلمي الجديد هو القمم السبع»، يقول سمرة بينما تلمع عيناه، ويستطرد «خلال الأعوام الماضية تسلقت 6 قمم آخرها في القارة المتجمدة أنتاركتيكا العام الماضي، وهدفي الوصول إلى محطتي الأخيرة قمة جبل ألاسكا في شهر مايو المقبل، لأكون من بين القلائل في العالم الذين وصولوا إلى أعلى قمة جبلية في كل قارة المعروفة بالقمم السبع، فهناك 350 فردا حول العالم وصولوا إليها. ومن بعدها أسعى الوصول للقطبين الجنوبي والشمالي لأحقق ما يعرف بـ(مغامرة غراند سلام) المستلهمة من بطولات التنس الكبرى، فعلى مر التاريخ لم يجمع بين القمم والقطبين سوى 25 شخصا فقط».

طاف المغامر الشاب بين 70 دولة، آخرها كانت نيبال قبل أيام قليلة، والتي زارها 8 مرات، حيث يعشق سلسلة جبال الهيمالايا ومناظرها الخلابة والمشي بين الجبال والغابات والثلوج. يقول: «ثقافة المغامرة لدي تعني محاولة الوصول تحت السطح، بمعنى التعمق في كل مكان أصل إليه وليس مشاهدته من السطح، وهذا ما يعمل على التعايش مع البشر ويؤدي إلى التواصل معهم. ففي البداية كان هدفي زيارة أكبر عدد من البلاد، ولكن مع تعدد الرحلات أدركت معنى السفر الحقيقي، فليس مهما أن أصل إلى مكان ما وأقوم بزيارة أكبر عدد من مزاراته، فهذه التجربة سطحية برأيي، لكن التجربة الحقيقة أن أصل للمكان وأمكث فيه مدة طويلة للتعرف على الناس وثقافاتهم وعاداتهم والتحدث معهم، هنا يكون التعلم ويكون المردود أعلى، ثم التفكير في أن أعود مجددا بعد أن كسبت صداقات».

هذه الفلسفة التي يتبناها سمرة يحاول تطبيقها من خلال شركته الخاصة، فيقول «أبتعد عن مفهوم الرحلات التقليدية، أبحث عن السفر الذي يعلم الناس أشياء جديدة، فعندما يقوم الإنسان برحلات المغامرات يستطيع أن يكتشف في نفسه قدرات نفسية وجسمية كان لا يعلمها، ويعمل أشياء جديدة ويتخذ قرارات لم يكن يستطيع فعلها نتيجة صفاء العقل وإلهام السفر». أيضا يحاول سمرة أن ينقل خبراته عبر الندوات التي يلقيها، حيث ألقى أكثر من 100 ندوة للشباب حول العالم يحكي فيها عن مغامراته وتجربته، التي وجد أنها تلهمهم بأهمية التحدي والتعلم وتحقيق الهدف.

وعن الأماكن الأغرب والأوقات الأصعب التي صادفها سمرة، يقول: «في كوستاريكا رأيت فنادق تبنى فوق الشجر للهروب من الرطوبة العالية، وفي التبت حيث البرد وصعوبة وصول المعدات والمواد الخرسانية بين الجبال تبنى البيوت من الخشب البسيط، يتوسطها ما يشبه الموقد الذي يلتف حوله للدفء والتسخين وتجفيف الملابس».

أما عن أصعب لحظاته، فكانت وقت تسلق إيفرست عندما توفي أحد المغامرين كان قد سبقه بدقائق. وكذلك أثناء تسلقه لجبل أكونكاجوا، أعلى قمة جبلية في أميركا الجنوبية، فعندما كان على ارتفاع 6000 متر فوق سطح البحر قامت الثورة المصرية في 25 يناير 2011(كانون الثاني)، لتفشل محاولات الاتصال بأسرته في مصر مع انقطاع جميع الخطوط الهاتفية، فكان أمام خيارين إما استكمال صعوده أو العودة إلى مصر، لكنه اختار الأصعب وهو استكمال رحلته وهو ما تحقق.

ينصح سمرة أخيرا بالإقبال على المغامرة، لأن الذهن يكون مشغولا بكل ما يراه ويقابله، فيحدث الصفاء الذهني. ويبيّن أن مفهوم المغامرة يمكن أن ينفذه الفرد في محيطه دون سفر، بعمل شيء لم ينفذه من قبل أو القيام بعمل بشكل مختلف كون الروتين يجعل العقل مبرمجا ولا ينتج جديدا.