انتشار المقاهي الشبابية في قطاع غزة

بسبب انقطاع التيار الكهربائي ولمشاهدة كرة القدم الأوروبية

فتيات في مقهى «المزاج» في غزة
TT

فجأة قطعت الهدوء الذي سيطر على المكان أصوات وصرخات انبعثت من المقهى الذي يقع أقصى حي «بركة الوز»، الواقع إلى الغرب من مخيم «المغازي» للاجئين، وسط قطاع غزة. كانت هذه الأصوات إيذانا بتسجيل فريق ريال مدريد الإسباني هدفا في مرمى منافسه فريق برشلونة، فانبعثت أصوت مشجعي الريال التي تعبر عن الاستحسان وصراخ مشجعي البارشا، الذي يعبر عن الامتعاض والإحباط.

في كل ليلة تتم فيها مباراة في الدوري الإسباني، أو في دوري أبطال أوروبا، يعج شارع «السكة»، الذي يتاخم «بركة الوز» من الغرب بالشباب والفتيان، الذين يتجهون للمقهى لكي يتمكنوا من مشاهدة المباراة. كثير من الشباب يتجه لمشاهدة المباراة في المقهى تحديدا لأنه يضمن ألا يؤثر انقطاع التيار الكهربائي على إمكانية المشاهدة. يتجنب بعض الشباب مشاهدة المباريات في البيت حيث إن هناك احتمالا كبيرا لأن يتصادف موعد بث المباراة مع انقطاع التيار الكهربائي.

ويقول محمد السموح (17 عاما)، الذي يقطن في الحي، إنه يحرص على القدوم للمقهى حتى في ظل عدم انقطاع التيار الكهربائي لأنه يخشى أن ينقطع التيار الكهربائي فجأة، وبالتالي لا يتمكن من متابعة أحداث المباراة. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن مشاهدة المباراة في المقهى تضمن مشاهدة متواصلة دون انقطاع بسبب وجود مولد.

لكن معظم الشباب الذين يفدون للمقهى تملك عائلاتهم مولدات كهربائية، ومع ذلك يصرون على القدوم للمقهى الاستمتاع بجو الإثارة الناجم عن وجود عدد كبير من الشباب الذين تتفاوت انتماءاتهم بين معسكر مشجعي الريال ومعسكر مشجعي البرشا.

ماجد حسين (20 عاما)، طالب جامعي، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه وخمسة من زملائه يملكون مولدات كهربائية في بيوتهم، لكنهم يصرون على القدوم للمقهى للاستمتاع بأجواء التنافس. ويذكر أنه خلال العامين الماضيين طرأت زيادة كبيرة على أعداد المقاهي الشبابية في أرجاء قطاع غزة، لدرجة أنه في بعض الأماكن فإن عدد هذه المقاهي أكبر بكثير من عدد الزبائن من الشباب. وتتفاوت مستويات المقاهي حسب المناطق التي توجد فيها، ففي مدينة غزة، لا سيما في الأحياء الغربية، فإن مستوى الخدمات وتكلفتها أكبر من مستوى الخدمات في بقية المناطق في القطاع.

ويكاد يكون القاسم المشترك بين جميع هذه المقاهي من حيث الخدمات المقدمة هو منح الفرصة مباريات الدوري الإسباني وتصفيات الدوري الأوروبي، بالإضافة إلى تقديم المشروبات الساخنة والباردة وشرب النرجيلة. لكن ظاهرة انتشار المقاهي الشبابية التي تمثل تحولا في أنماط السلوك الاجتماعي لدى الشباب الفلسطيني في القطاع ما زالت تواجه برفض الكثير من أولياء الأمور خشية أن يؤدي هذا السلوك إلى حدوث انحرافات لدى أبنائهم. وقال ماجد إبراهيم (47 عاما)، وهو محاضر جامعي، لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يمكن أن يسمح لولده بالتوجه للمقهى الذي يبعد عن منزله عشرة أمتار بسبب الخوف من أن يتعرف على «رفقاء السوء».