ساعة القشلة الأثرية تدق أجراسها إيذانا بانطلاق مشروع «بغداد عاصمة الثقافة العربية»

بعد أكثر من 10 سنوات على صمتها

جانب من الاحتفال بإعادة افتتاح ساعة القشلة الأثرية في بغداد أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

عشية انطلاق مشروع «بغداد عاصمة الثقافة العربية»، عادت أجراس ساعة القشلة الأثرية في شارع المتنبي وسط العاصمة بغداد، لتدق من جديد، بعد أكثر من عشر سنوات على صمتها، لتعيد للذاكرة أحداثا سياسية واجتماعية مهمة عاشها العراقيون، في مبنى وحدائق القشلة باعتبارها أحد الشواهد المهمة على تاريخهم المعاصر، وحضر حفل الافتتاح أول من أمس (الجمعة) حشد من المسؤولين المحليين والشخصيات السياسية وجمع غفير من المواطنين.

بناية القشلة، التي كانت تضم المقرات الحكومية لوالي بغداد في العهد العثماني، شهدت حملة ترميمات واسعة بعد الأضرار التي لحقتها خلال الغزو الأميركي للعراق، شملت إصلاح ساعة القشلة التي تعد أحد شواهد بغداد الأثرية المهمة.

وخلال حفل الافتتاح قال محافظ بغداد صلاح عبد الرزاق، إن «أبنية وقاعات وحدائق وساعة القشلة جرى تأهيلها من قبل محافظة بغداد بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار ضمن خطتها لتأهيل الأبنية التراثية في العاصمة».

وأشار المحافظ إلى أن المحافظة تعتزم أيضا إعادة تأهيل وترميم مبنى دار الوالي والمتصرفية القديمة خلال الفترة المقبلة، كذلك تتضمن الخطة عمل ترميمات وتعديلات جديدة لمبنى القشلة من ضمنها إنشاء بوابة حضارية جديدة تليق بمبنى القشلة قريبا ونصب 12 مدفعا تراثيا على نهر دجلة فضلا عن إقامة قصر ثقافي في المتصرفية وتطوير قاعاته ودعوة الجميع لتقديم الأفكار المناسبة للاستفادة من قاعات مبنى القشلة.

وأضاف المحافظ في كلمته: «نسعى من أجل عمل (بازار) سياحي داخل القشلة ونصب لوحات لعرضها أمام الزوار وعمل متحف في الطابق الثاني منه واستثمار المناطق الأثرية والتراثية في العاصمة مع إقامة معرض آخر للولاة العثمانيين وعرض أدواتهم ومراحل تاريخ حكمهم في العراق مزودة بالرسومات والأزياء فضلا عن عمل متحف للتعريف بإنجازات العلماء المسلمين والابتكارات البغدادية».

وعلق الإعلامي مازن لطيف لـ«الشرق الأوسط» على عمليات الترميم المعلنة بقوله إن «اهتمام الحكومة العراقية بالمباني التراثية والشواهد التاريخية جاء متأخرا، لكنه اهتمام مهم خاصة أن بناية القشلة تعد من الشواخص المهمة في بغداد، وصار بإمكان الأجيال الشابة والسياح التعرف على حضارة وادي الرافدين وعظمة شواخصه».

وقد عرفت بغداد الساعات الكبيرة ذات الأبراج العالية على غرار المنائر أيام حكم العثمانيين ومن بينها ساعة القشلة وساعة الكاظمين سنة 1882 وساعة الأعظمية عام 1930 ثم ساعتا المحطة عام 1955 وساعة بغداد عام 1992.

وقد ارتبط تاريخ الساعة الأثرية ببناء القشلة (الثكنة العسكرية وسراي الحكومة فيما بعد) وجاءت الكلمة من «القشلاغ»، وهي كلمة عثمانية تعني «المكان الذي يسكنه الجنود العثمانيون». وتروي المصادر التاريخية أن أول من بنى القشلة كان والي بغداد محمد نامق باشا سنة 1850 ميلادية وأكمل البناء بعده الوالي مدحت باشا الذي شيد ساعة القشلة ذات الأوجه الأربعة وبنى لها برجا يبلغ ارتفاعه قرابة 23 مترا لإيقاظ الجنود وإعلامهم بأوقات التدريب العسكري. وقد شهدت ساحة القشلة تتويج أول ملك للعراق في العصر الحديث، وهو الملك فيصل الأول بن الحسين، وذلك في 23 أغسطس (آب) سنة 1921 ميلادية.