تحذيرات من انهيار كامل لأقدم صرحين أثريين في العراق

5 سنوات للمقبرة الملكية و10 لزقورة أور الشهيرة

سياح غربيون يزورون زقورة أور (رويترز)
TT

حذر خبراء عراقيون للآثار من انهيار كامل لأقدم صرحين مكتشفين في مدينة أور الأثرية (زقورة أور والمقبرة الملكية)، 18 كلم غرب مدينة الناصرية (375 كلم جنوب بغداد)، بعد أكثر من أربعة آلاف سنة على بنائهما من قبل السومريين في بلاد سومر، حيث كانتا من الرموز المعمارية لآخر عاصمة لحكم أهل الجنوب في العراق القديم.

وأكد خبراء الآثار أن 10 سنوات كفيلة بانهيار كامل لزقورة أور الشهيرة، التي بناها أول ملوك سلالة أور الثالثة «اونمو» 2111 قبل الميلاد، و5 سنوات لانهيار المقبرة الملكية، أقدم مقبرة جماعية (مقبرة الملك شولكي) أو «الملك الموسيقار» كما يسمى لتعدد مواهبه في العزف على الآلات الموسيقية، حيث تحتوي على بقايا الـ258 قبرا للملك وحاشيته الذين دفنوا معه، والتي أعلن عن غلقها بشكل كامل في مطلع أكتوبر (تشرين أول) عام 2011.

وقال خبير الآثار العراقي الدكتور عباس الحسيني لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك كارثة إنسانية قد حلت في مدينة أور حيث إن الزقورة الشهيرة والمقبرة الملكية مهددتان بالانهيار الكامل بعد تشقق الجدران وتآكل الأسس في كليهما».

وأضاف الخبير الآثاري الذي كان يشغل منصب مدير دائرة الآثار العراقية أن «الكارثة الآثارية حلت حينما تشققت تلك الجدران وهذا ما نعلمه نحن الخبراء لكن الوصول إلى مرحلة الانهيار يعد أمرا فوق الخطير لأن الخطر حل منذ زمن بعيد»، مشيرا إلى أن «هناك سوء فهم من قبل بعض القائمين على إدارة ملف الآثار لقيمة تلك الصروح وبسبب الإهمال حلت الكارثة».

وعن الأسباب التي أدت إلى وصول الزقورة والمقبرة الملكية لهذا الحال بين أن «أولى المشكلات الحضارة في جنوب العراق هي أنها حضارة طينية لا تتحمل المتغيرات المناخية، بالإضافة إلى عسكرة المناطق الأثرية من قبل قوات الاحتلال الأميركية، حيث وجدنا جنودهم في يوم من الأيام على سقف الزقورة وبالمئات يستعرضون رغم معرفتهم بأن بناءها هش لأن اللب من اللبن والقشرة من الآجر. إضافة إلى القصف الذي كان يقوم به بعض المسلحين للقاعدة الأميركية قبل الانسحاب ويسقط بقرب الزقورة وأدت إلى أضرار كبيرة بالأسس وتشقق جدرانها».

وتابع: أن «الأمر الآخر عدم وجود أعمال صيانة أو أعمال ترميم بالمستوى الذي يليق بأور فالإهمال من قبل القائمين على العمل الآثاري في العراق أدى إلى تلف أجزاء من الزقورة والمقبرة الملكية».

من جانبه أكد الخبير الآثاري عامر عبد الرزاق الزيدي أن 10 سنوات كفيلة بانهيار زقورة أور بشكل كامل، وخلال 5 سنوات ستحل الكارثة الإنسانية كذلك في المقبرة الملكية إذا استمر الإهمال في عمليات الترميم والصيانة.

وقال الزيدي الذي كان يشغل منصب مدير مفتشية آثار ذي قار: إن «ارتفاع الزقورة الآن 16.5 متر بعد أن كان ارتفاعها 27 مترا حيث تتألف من ثلاثة طوابق. الطابق الثالث والذي يقدر ارتفاعه بـ5 أمتار اختفى بالكامل ولم يتبق من الزقورة سوى الطابق الأول وأجزاء من الطابق الثاني».

وأضاف أن «هناك انتفاخا في جدران الزقورة وارتفاعا في نسبة الرطوبة وسقوط بعض قطع الطابوق وإذا لم تكن هناك صيانة ستقع كارثة آثارية وإنسانية بحق الزقورة، حيث إن 10 سنوات كافية لوقوع تلك الكارثة إذا استمر الإهمال، حيث تفقد من ارتفاعها سنويا بفعل السيول والأمطار وعدم وجود الصيانة». وأشار إلى أن «المقبرة الملكية تم غلقها بشكل كامل منذ أكتوبر (تشرين أول) عام 2011 وأن 5 سنوات كفيلة بانهيارها بعد تآكل أسسها وسلالمها».

وتابع الزيدي أن «من الويلات التي أصابت مدينة أور وجود قاعدة جوية عسكرية بالقرب منها وهي قاعدة طليلة (الإمام علي الجوية) وكأنه لم يبق في الأرض سوى هذا المكان، كما أن مكان القاعدة هو من محرمات المدينة الأثرية ويوجد فيها سبعة تلال أثرية والقاعدة هي قنبلة موقوتة وهي مخالفة لكل القوانين الدولية التي شرعتها اليونيسكو»، مبينا أن «الزقورة شهدت آخر صيانة عام 1962 ولم تصن إلى يومنا هذا ولم يحترموها على الرغم من وضعها على شعار أكثر دوائر الدولة العراقية».

من جانبها أشارت الحكومة المحلية في محافظة ذي قار إلى عدم قدرتها على صيانة تلك الآثار بسبب ضعف مواردها المالية، مطالبة وزارة السياحة والآثار العراقية بأخذ الأمر والتهديدات على محمل الجد والعمل سريعا على توفير أموال من موازنة الطوارئ العراقية لصيانة زقورة أور والمقبرة الملكية.

وقال نائب رئيس مجلس محافظة ذي قار عبد الهادي موحان إن «ذي قار لا يمكنها أن تتحمل كلفة صيانة تلك الآثار لضعف إمكانياتها المادية، بالإضافة إلى أن الزقورة من ممتلكات الإنسانية جمعاء ويجب على الكل المساهمة بإنقاذها».

ودعا موحان الحكومة العراقية ووزارة السياحة والآثار إلى أخذ تلك التهديدات بجدية والعمل سريعا على إنقاذ الصرحين الآثاريين من الانهيار من خلال توفير أموال من الموازنة لأعمال الصيانة.