شيراك وساركوزي وهولاند يجتمعون في فيلم تلفزيوني

جاك يصفي حسابه القديم مع نيكولا ويقود خطى فرنسوا الخصم الاشتراكي

الأفلام التي تتناول حياة الزعماء تلقى إقبالا من الجمهور
TT

دائما، كانت الأفلام التي تتناول، صراحة، حياة الزعماء، أو تشير إليهم بطرف غير خفي، تلقى إقبالا من الجمهور الذي يبحث، لا عن التاريخ فحسب، بل عن الخفايا والخلفيات والفضائح التي طبعت هذا العهد أو ذاك. من هنا يأتي الاهتمام بفيلم روائي من المنتظر أن تعرضه، قريبا، القناة التلفزيونية الفرنسية الثانية، المملوكة للدولة.

وكانت أفلام ومسرحيات مماثلة عن حياة الرئيس الأسبق الجنرال ديغول وعن نيكولا ساركوزي، ولا سيما عن الرئيس الاشتراكي ذي السيرة المثيرة فرنسوا ميتران، قد اجتذبت نسبة عالية من المشاهدين وحظيت بمتابعة إعلامية واسعة. أما الفيلم الجديد الذي كتب له السيناريو وأخرجه برنار ستورا، المؤرخ المتخصص في سير المشاهير، فإنه لا يتوقف عند رجل واحد، بل يجمع ثلاثة رؤساء مرة واحدة، هم آخر من تعاقب على النوم في فراش «الإليزيه» الشرعي: شيراك وساركوزي وهولاند.

يندرج الفيلم تحت نوع «الخيال السياسي»، رغم ما في السياسة من واقعية تصل إلى حد الفجاجة. وهو بعنوان «الحملة الأخيرة»، حيث يتناول كاتبه ما دار وراء الستار في الحملة الانتخابية للرئاسة والتي جرت العام الماضي وأزاحت رئيسا من أهل اليمين عن الحكم لتنصب محله رئيسا اشتراكيا «عاديا» لم يحمل حقيبة وزارية من قبل. أما الممثلون فقد تعمد المخرج في أن يختارهم شبيهين بالشخصيات الحقيقية في تكوينهم الجسماني، ثم تكفل خبير الماكياج في تحويلهم إلى نسخ طبق الأصل، على قدر الإمكان.

حتى اليوم، ورغم انقضاء عام على الانتخابات الرئاسية، ما زال الفرنسيون يتساءلون عن موقف شيراك من كلا الحصانين المتنافسين في الشوط الأخير: ساركوزي وهولاند. إن المنطق يحتم عليه دعم رفيقه ساركوزي، رغم ما بينهما من أسافين راسخة سابقة. لكن عاطفة شيراك مالت نحو هولاند، كما تشير دلائل كثيرة، ليس نكاية بـ«الرفيق الخائن» نيكولا الذي وجه له طعنة في الظهر حين ناصر خصمه إدوار بالادور في انتخابات عام 1995، وإنما لأن طبعه يقترب من طبع هولاند البسيط وميله الفطري إلى الدعابة. وحين سئل شيراك لمن سيعطي صوته في الانتخابات، رد: «لهولاند». وقيل يومها إنه كان يمزح، أو إن الخرف تسلل إلى ذاكرته، لكن الرئيس العجوز الذي غادر السلطة ولم تعد تهمه تداعياتها، لم يفعل أكثر من التعبير عن رأيه الحقيقي.

على سبيل الدعاية، نشرت القناة الثانية مقطعا قصيرا من الفيلم على الإنترنت. وكان مثيرا ذلك التشابه بين الشخصيات الحقيقية وبين الممثلين الثلاثة، برنار لوكوك في دور شيراك، وتييري فريمون في دور ساركوزي، وباتريك براودي في دور هولاند. وحال نشر المقطع توالت التعليقات من مستخدمي الشبكة الذين عبروا عن دهشتهم من براعة المخرج في اختيار الشبهاء.

خرج الفيلم إلى عروض محدودة في مناسبات سينمائية ونال جائزة أفضل سيناريو من مهرجان الإبداعات التلفزيونية في «لوشون». كما حصل لوكوك، الذي يؤدي دور شيراك، على جائزة للتمثيل نظرا لبراعته في تقمص شخصية الرئيس الأسبق التي يبدو أنه تخصص فيها. فقد سبق للممثل أن قام بالدور نفسه في فيلم تلفزيوني سابق عن مسيرة صعود ساركوزي التي قادته إلى «الإليزيه» عام 2007.

سبق للمخرج أن أنجز، قبل ثلاث سنوات، فيلما عن ديغول بعنوان «شارل الكبير». وإذا لم تكن كل الأحداث والتفاصيل في الفيلم الجديد قد وقعت بحذافيرها فإنها مستوحاة من الواقع، حسب الناقد السينمائي لإذاعة «إر تي إل» الذي شاهد الفيلم وكتب أن «تفصيل الممثلين على مقاس الرؤساء الثلاثة» يمنحه طابعا أقرب إلى الوثائقي. لكن ستورا يصر على أن نسبة الخيال في الفيلم كبيرة. فالسيناريو يفترض أن شيراك، الذي كان قد تقاعد وانسحب من الحياة السياسية، عاد واندس في كواليس الحملة الانتخابية، بشكل سري، من خلال تقديم المشورة لهولاند ووضع خبرته العملية تحت تصرف المرشح الاشتراكي. إنها فرصته لتصفية حسابه القديم مع ساركوزي. وحسب ما جاء في الفيلم فإن شيراك هو الذي أوحى لهولاند بفكرة فرض ضريبة على الدخول العالية تصل إلى 75 في المائة. وإذا صدق كاتب السيناريو فإنها النصيحة المسمومة التي عادت على الرئيس الحالي بالكثير من الانتقادات وكادت الضريبة الباهظة تدفن في مهدها، بعد أن دفعت عددا من كبار الأثرياء إلى الهروب من فرنسا والإقامة في الخارج.