المصري سويلم مصمم ملابس الرؤساء والمشاهير: الأزياء فن.. ودراسة تشريح الجسم ضرورة

قال إن السادات كان يحب الفضفضة.. وعبد الناصر كان لديه مشكلة في الصدر

سويلم مصمم بدل الرؤساء والمشاهير في مصر.. تاريخ حافل بالذكريات («الشرق الأوسط»)
TT

يرتدي بدلته الكاملة الأنيقة، وينظر بحب وإعجاب من خلف نظارته إلى قطعة القماش التي يقوم بقصها بعناية شديدة، ويقلبها برفق شديد بين يديه، يضع كل تركيزه عليها ولا يلتفت إلى أي شخص إلا إذا قام بتنبيهه.

سويلم، أو دكتور حسن سويلم ترزي الرؤساء وصفوة الصفوة في المجتمع المصري منذ ما يقرب من 60 عاما، وما زال مستمرا في هوايته التي يمتهنها بكل عشق، ويضع لمساته الأنيقة المصرية على من يرتدي أزياءه.

محل سويلم الكائن في شارع عدلي بوسط القاهرة، ما زال يحتفظ بطرازه وديكوراته في عصر الخمسينات، والفاترينة التي تعرض الروب دي شامبر، والوشاح الرجالي الأنيق، والبيجاما بخطوطها الأنيقة، والقميص المميز ماركة سويلم المصرية.

يقول سويلم لـ«الشرق الأوسط» الأزياء فن وصناعة، ويجب على من يمارس المهنة أن يكون لديه استعداد شخصي، لأنها ليست أكل عيش فقط، فبالنسبة لي ورثت تلك المهنة عن والدي الذي أراد لي أن أكمل الموهبة والمهنة بالعلم وسافرت لفرنسا عام 1949 وكنت وقتها صغير السن ودرست لمدة عامين والتحقت في البداية بمعهد نابوليتان في القاهرة ومعهد جيرلافيلد في فرنسا.

وأمارس المهنة منذ ذلك الوقت، فوالدي كان لديه محل في منطقة السكاكيني اسمه «كارتيير» ثم بعدما جئت من فرنسا انتقلنا إلى منطقة وسط القاهرة في نفس المحل عام 1952 ومارسنا المهنة أنا وأخي من منطلق علمي، وبدأنا في كسب زبائن من الطبقة المخملية في المجتمع المصري، أمثال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والسادات الذي كان زبونا دائما ولا يلبس إلا من تصميماتي، والكتاب الكبار موسى صبري ومحمد حسنين هيكل الذي يتعامل معنا حتى الآن، حتى الرئيس السابق مبارك كان يتعامل معنا في بدايات حكمه، وكان لدينا فرع آخر لنا في فندق النيل هيلتون الذي تم بيعه ويتم ترميمه حاليا، كان يتعامل معنا من خلاله ملوك وأمراء عندما يكون هناك اجتماعات لجامعة الدول العربية ويكونون نزلاء بالفندق. فذات مرة اشترى منا الملك الراحل حسين ملك الأردن بعض الأشياء وكان له ذوق رفيع جدا.

وعن ذكرياته مع الرؤساء الذين تعامل معهم يقول سويلم عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يتميز بصدر عريض ولا يستطيع أي ترزي أن يصنع بدلة تكون مستوية على الصدر بحيث لا تسبب له مشكلة، وكان عبد الناصر يتعامل مع ترزي اسمه «سيد علي»، وعندما توفي بدأ في البحث عن بديل ولم يسترح الرئيس للآخرين، حتى جاء سكرتير الرئيس جمال عبد الناصر محمد أحمد وهو من أحضرني للرئيس، والحمد لله ارتاح في التعامل معي وبقيت معه حتى وفاته، فعلى من يقوم بالتفصيل أن يكون دارسا لما يسمى علم تشريح الجسم، كما أنني قمت بدراسة دبلومة في الحريمي ولكني فضلت التخصص في الرجالي وكل ما يخص التفصيل والتصميم الرجالي مثل القمصان.

أما عن الرئيس الراحل أنور السادات فيروي سويلم ذكرياته عنه بكل حب، حيث كان صديقا وليس رئيسا فقط أو زبونا من علية القوم يتعامل معه، ويقول عنه إنه كان يعشق الملبس الأنيق. يتحدث سويلم وخلفه صورة للرئيس السادات مرتديا بدلة سمراء أنيقة من تصميمه والصورة بتوقيع السادات له، وكان السادات يفضل أن تكون ياقة القميص مرتفعة في حين تكون ياقة الجاكت منخفضة بعض الشيء، وكان يفضل أن يكون كم الجاكت قصيرا بعض الشيء حتى يظهر مانشيت القميص منه. وكانت تلك اللمسات البسيطة تجذب النظر إليه، كما كان يفضل «الخنصرات» في الجاكت وموضع الأزرار من الأمام بشكل معين.

يتنهد سويلم ويواصل: السادات كان زعيما حقيقيا في كل شيء، وكان له نظرة في الأشياء، وكان السادات يرفض أن يرتدي أي بدلات من غير تفصيلي لأنها لا تناسبه، حتى لو كانت هدايا ومن ماركات عالمية، وذات مرة أهدى له رجل الأعمال الراحل عثمان أحمد عثمان بدلة أنيقة من ألمانيا، وسألني وقتها رأيي فيها فقلت له، لا أعتقد أنها تناسب ذوقك سيدي الرئيس؛ السادات كان يحب الصناعة المحلية واليدوية، ورغم ذلك أخذ لقب من أشيك رجال العالم. وانتشرت وقتها إشاعات عن السادات له ترزي إيطالي وآخر فرنساوي، لكن في حقيقة الأمر لم يتعامل السادات مع ترزي غيري حتى وفاته. لكن أتذكر جيدا أن البدلة العسكرية التي ارتداها يوم اغتياله، كانت ليست من تفصيلي وأعتقد أنها كانت شؤما عليه.

ويستطرد سويلم قائلا: السادات كان يميل إلى الألوان الأسود والرمادي والكحلي وكان يبتعد تماما عن اللون البني بدرجاته، لأن بشرته السمراء لا تناسبها درجات اللون البني.

وعن سلوكه الشخصي يقول سويلم، كان السادات شخصية بسيطة تحب الفضفضة، وكان دائما يسألني عندما أسافر للخارج عن ماذا سمعت من الناس عن مصر؟ وماذا يقولون؟ وما رأي الناس في خطاباته عندما يقوم بإلقاء خطاب ما؟ وحدث ذات مرة أن سألني عن رأي الناس عن أحد خطاباته، وكانت ردود الفعل حوله سيئة، فقلت له رأيي بصراحة وكان الذي قام بكتابته الكاتب الراحل موسى صبري. وقتها قام موسى صبري بالمرور علي حيث كنت أقوم بتفصيل بدلاته أيضا، وسألني عما قلته للرئيس السادات، ورددت عليه أن هذا الرأي صريح وأن الخطاب أحدث ردود فعل سيئة، فقال صبري إن السادات خرج عن النص وقتها وارتجل بعض الكلام الذي أحدث ردود فعل سيئة، وكان من ضمن من يكتبون خطابات الرئيس السادات أيضا الكاتب الراحل أنيس منصور وكان أيضا من ضمن زبائني. والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل من ضمن زبائني ويتعامل معي حتى الآن.

وعندما سألته بشكل مباشر لماذا لم تصل ماركة سويلم المصرية إلى العالمية رغم أن لديها كل المقومات لذلك؟

رد سويلم بشكل تلقائي ودون تفكير: لم أرد ترك بلادي وأردت العمل هنا فقط، ونصحني البعض بأن آخذ محلا في باريس وأبدأ طريق الوصول للعالمية، لكن سألت نفسي من سيتابع هذا المحل، لذا تراجعت عن الفكرة لأنني أريد مصر والوصول منها وإليها.

ومن أبرز من تعامل معهم سويلم المهندس عثمان أحمد عثمان والمهندس سيد مرعي وأحمد محرم ووجيه أباظة، ووزير الداخلية الأسبق سيد فهمي، ورؤساء الوزراء السابقون: ممدوح سالم وكمال حسن علي وعاطف عبيد والجنزوري، والكاتبان الصحافيان الأخوان علي ومصطفى أمين والأخير كان صديقا شخصيا لي، وإبراهيم نافع والكاتب أحمد الصاوي محمد، والفنانون يوسف وهبي ونور الدمرداش وعبد المنعم إبراهيم وعمر الشريف وصالح سليم والفنان الراحل فؤاد المهندس الذي كان صديقا شخصيا لي أيضا، وما زال عدد من الوزراء السابقين زبائني حتى الآن.