ولاية «الشمس المشرقة» الأميركية تحتفل بمرور 500 عام على اكتشافها

الإسباني «خوان» أول أوروبي تطأ قدماه أرض فلوريدا عام 1512

منظر من ولاية الشمس المشرقة والشواطئ
TT

كان خوان بونس دي ليون أول أوروبي تطأ قدماه، بإذن رسمي من التاج الإسباني، الأرض التي تعرف حاليا باسم ولاية فلوريدا الأميركية.

ففي عام 1512، أبحر حاكم بورتوريكو الأسبق بأسطول مكون من ثلاث سفن بحثا عن أرض جديدة شمال كوبا، وفي مطلع أبريل (نيسان) عام 1513 رسا أسطوله في مكان ما على طول الساحل الواقع بين سانت أوغستين في الشمال وملبورن 300 كيلومتر جنوبا. واقتربت كل من «كونسولاسيون» و«سانتياغو» و«سان كريستوبال» من ساحل فلوريدا في مارس (آذار) عام 1513، قبل عيد الفصح بوقت قصير، ولكن لم يتمكن المؤرخون من تحديد أين رسا بونس دي ليون بالضبط في نهاية الأمر كما يتضح ذلك من عدد البلدات التي تقول إنها نالت هذا الشرف.

واعتقد المستكشف عند وصوله إلى فلوريدا منذ 500 عام مضت أنها جزيرة، وعلى الرغم من توافق الآراء على أن بونس دي ليون وصل إلى اليابسة في الثاني من أبريل، فإن بعض المؤرخين يؤكدون أنه ربما وصل في أواخر مارس. وكتب تشارلز أرناد، المؤرخ الأميركي والخبير في اكتشاف فلوريدا، قبيل وفاته في عام 2008 «لا توجد لدينا على الإطلاق أي روايات معاصرة للرحلة، لدينا فقط روايات أشخاص كتبوا عنها في وقت متأخر كثيرا». وجرى التخطيط لاحتفالات وفعاليات متعددة بالولاية في الثاني من أبريل الحالي، ومن بينها إزاحة الستار عن تمثال لبونس دي ليون. وأعلن المستكشف، الذي ولد عام 1470، أن أرض فلوريدا، التي اعتقد أنها جزيرة ضخمة، تابعة لإسبانيا، وأطلق عليها اسم «لا فلوريدا»، تيمنا بموسم «باسكوا فلوريدا» أو «عيد الفصح الوردي»، كما كان هناك الكثير من النباتات في حالة تفتح. وقبل عقدين فقط تقريبا في عام 1492، رست سفينة كريستوفر كولومبوس في منطقة البحر الكاريبي أثناء بحثه عن طريق بحري غربي إلى جزر الهند الشرقية وآسيا، وهو ما تسبب في إطلاق العنان لجنون الاستكشاف في مختلف أنحاء أوروبا. وكانت القارة الأميركية الضخمة غير معروفة تماما في أوروبا في هذا الوقت، حيث تلت العديد من حملات الاستكشاف تلك التي قام بها كولومبس. ورافق بونس دي ليون كولومبوس في إحدى رحلاته التالية، قبيل اكتشاف جزيرة بورتوريكو في البحر الكاريبي، التي أصبح حاكما لها في عام 1509. وتسببت شائعات عن وجود جزر لم يتم اكتشافها في شمال شرقي البحر الكاريبي في إقناع بونس دي ليون بمواصلة استكشافه انطلاقا من بونتا أغوادا في بورتوريكو، والذي أدى في نهاية المطاف إلى اكتشاف ولاية فلوريدا.

ويتفق المؤرخون على أن بونس دي ليون ربما لم يكن أول إسباني يصل إلى فلوريدا، حيث من المحتمل أن السفن الإسبانية من منطقة البحر الكاريبي كانت بالفعل تأتي إلى فلوريدا سرا لأسر الهنود واستخدامهم كعبيد. ومع ذلك، يمكن وبالتأكيد اعتبار فلوريدا البوابة التاريخية لاستيطان الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن الساحل الشرقي للولايات المتحدة أصبح مستعمرة بريطانية بعد نحو قرن من الزمان، وأعقبت ذلك تكتلات استيطانية من الإنجليز والآيرلنديين والألمان والهولنديين، فإن مدينة سانت أوغستين في شمال شرقي فلوريدا، التي أسسها أدميرال إسباني في عام 1565، تعتبر هي أقدم مدينة في الولايات المتحدة.

وتعتبر حقيقة اكتشاف فلوريدا على يد الإسباني بونس دي ليون قبل 107 أعوام من وصول حجاج ماي فلاور إلى بليموث روك، ذات أهمية بالغة للكثير من الناس من ذوي الأصول الإسبانية الذين يعيشون حاليا في الولايات المتحدة. ويشكل المواطنون الأميركيون من ذوي الأصول الإسبانية نحو 16 في المائة من إجمالي عدد السكان في الولايات المتحدة. ويعتبرون المجموعة العرقية الأسرع نموا في الولايات المتحدة، وتضاعف عددهم تقريبا في الفترة بين عامي 2000 و2010. ويقول ويلسون كاميلو، الذي ولد في كولومبيا ويعمل في وكالة إعلانات في أورلاندو بالإضافة إلى أنه يدير مدونة على شبكة الإنترنت، عن ذوي الأصول الإسبانية في الولايات المتحدة «لا يزال بونس دي ليون بطلا كبيرا بالنسبة لنا نحن ذوي الأصول الإسبانية حتى اليوم». ويتابع كاميلو «يعود تاريخ أصولنا إلى حد كبير إليه (بونس دي ليون).. إنه يشكل جزءا كبيرا من هويتك وسبب وجودك. ومن المهم أن نعرف أن الإسبان عاشوا هنا في الوقت الذي لم تتمكن فيه العديد من الجماعات العرقية الأخرى من أن تستقر هنا». واعتاد كاميلو أن يصحب أطفاله بانتظام في رحلات إلى الأماكن التاريخية على طول الساحل الشرقي لفلوريدا. ويقول كاميلو «ندرس فقط أمورا عن (الحجاج) والمستعمرات الإنجليزية في المدرسة. وأريد أيضا أن يعرف أطفالي المزيد عن بونس دي ليون». ولم يجلب اكتشاف بونس دي ليون لولاية فلوريدا المزيد من الحظ له، حيث إنه أصيب في رحلته الثانية عام 1521، على الأرجح في اشتباك مع السكان الأصليين، وتوفي بعد ذلك بوقت قصير. ومع ذلك يعتقد المؤرخ الراحل بيتر أرنيد أن المستكشف كان سيصبح سعيدا بتطور ولاية الشمس المشرقة على مر القرون التالية. وكتب يقول «إن فلوريدا عبارة عن بئر من الأمل والثروة - تماما كما كان يأمل هو حينها - وإن كان هذا بعد مرور قرنين من الزمان»، كما أوردت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).